الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي الشباني...موهبة المغامره ومغامرة الموهبه

كاظم غيلان

2007 / 11 / 29
الادب والفن


من يغني الكاولي كلكم سكوت
ولودره البلبل بواجيه غنه ي
يبلع السانه ويموت
الشباني ـ من قصيدته ـ خسارة ـ

لم يكن علي الشباني على قدر من التوقع والاحتمال في ان يكون صاحب فتح يضاف لفتوحات القصيدة الشعبية العراقية ولربما لم يكتشف اسرار تلك اللغة التي اجّلت انبثاقها وتفجرها في كتاباته الاولى وهذا مايحصل مع التجارب الفذة التي تلوح مفاتيحها الباهرة في افق الغيب

لذا كانت قصيدته الكبيرة ـ خسارة ـ التي كتبها نهاية الستينيات ولفتت نظر الاخرين لموهبته الاستثنائية وفي مقدتهم مظفر النواب الذي أشار للشباني شاعراً منذ وقت مبكر وفي علمي كان ذلك في السنوات الاولى لمغادرة مظفر العراق على كراهة.
و( خسارة) بقيت علامة فارقة في تجربة الشباني، امتازت بتعدد وتداخل الاصوات والاشكال والرؤى واخذت طابعا عنقودياً، مع انه كتب العديد من القصائد المهمة لاحقا كـ( ايام الشمس، صوت الناي، ليل التتر، الحرف جتال ، غركان .. الخ) وبهذا الصدد يذكر الشاعر الكبير الراحل طارق ياسين في مقدمته لـ( ايام الشمس، المجموعة الشعرية الاولى للشباني:
” بعد ان اجتاز فترة راكدة قصيرة في كتابة الشعر الشعبي انضم علي الشباني الى عالم القصيدة الحديثة بشكل جريء يتسم باصالة واضحة، وبالتحديد يوم كتب قصيدة (خسارة) التي اشتهر بها ولفتت اليه الانتباه، وكلما اشتقت لمراجعة شعره لا ادخل اليـه الا من هذا الباب الضيق “.
ان من ابرز مالحق بمجمل التجارب الشعرية المهمة على مستوى شعر العامية العراقية يتلخص في تراجع الدراسة النقدية، ولقد القى النقد بظلال باهتة مجحفة حد الظلم على تجربة الشباني خاصة تلك الكتابة التي نشرها سعدي السماوي اوائل السبعينيات في صحيفة الراصد، بيد ان كتابات اخرى شكلت شيئا من الرد على ما اراده السماوي ويمكن لي القول إن مشروع الشباني الشعري مؤسس على خصوبة عامة سواء كان ذلك في الاحتجاج او النصر في هذا المجال الاشارة لدراسة الشاعر كزار حنتوش (الشباني خرج من دائرة النواب ) والمنشورة في نفس( الراصد) العام 1974:
”ان علي الشباني يطمح لتجاوز القشرة الخارجية للعالم المرئي والغوص في الأعماق المسحورة وغير المكتشفة فكانت اقرب الى مناخ القصيدة التشكيلية لكنها الان اقتــربت قليــلاً من القصيدة الرؤيـة التـي لاتـصف ولكنهـا تكتشف “
عالم الشباني الشعري يمتزج به الجمالي بالفكري مع انه في العديد من قصائده تجد العاطفة تكرس نفسها دون غيرها كما في ـ غركان ـ
وين يبني ..
هذا وكت البي ترد للبيت
راوي امن اللعب تعبان
ومشابك تذبني
يمه .. شباجين ادينك
والمضويات العصر جاوينها
يمه اصيح ابريحة الشيله ترد
صيحة الغبشة وتموت حيلها.
للثورة وقضايا الانسان.. للقهر العراقي الممتد منذ فجر تاريخه الاول انحازت تجربة علي الشعرية كما في ( موحان الغيظ ) ،( تاريخك عشب محروك) ،( بيان للزمن المذبوح) والعديد من القصائد التي بقيت في منأى عن التناول النقدي.
مشروع علي الشباني الشعري مؤسس على خصوبة عامة سواء كانت هذه الخصوبة في احتجاجه الدائم بوجه ايما ظلم يلحق بالانسان ام كان بفرحه لانتصار هذا الانسان ولذا فقد كان الشعر بالنسبة له مغامرة تشبه الى حد بعيد تلك المغامرة التي ادت به الى السجن او كادت ترسل رقبته الى حبل المشنقة يوم قام في شتاء ظالم ومظلم من عام 1963 الاسود مع عدد من رفاقه الذين كانوا بعمر شبابه المندفع بالاستيلاء على الة كاتبة ( طابعة يدوية) واغرقوا الديوانية بمنشورات تدعو لاسقاط سلطة البعث وتحرير الشعب من فاشية حكمهم القمعي، وهكذا كان الشباني صديقا لفجر الانسان والشعر ولم يزل في حلمه الدائم:
جم صبح ينـراد للماشاف صبحيه ابحياته
وجم عمر ينراد للباجر مماته؟
قصائد الشباني تعتمل في مضامينها حيرة وقلقا وحزنا قاتماً متأتيا من مجاهيل احياناً ومن أفاق يستشرفها في أخرى.. ولربما بقي سؤاله الذي اطلقه في (بيان للزمن المذبوح) قائما ليومنا هذا :
كتبت اسمي ابدرب ريحك
زمان الخوف والذله
وعذابات السبي
هاكثر خرسه مفاتيحك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي