الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطار الرئيس...

هوشنك بروكا

2007 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في خبرٍ مقتضبٍ جداً(22.11.07)، لوكالة بيامنير المقرّبة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، قيل: "علمت وكالة أنباء بيامنير من مصدر موثوق من ديوان رئاسة أقليم كوردستان ، أن السيد مسعود بارزانى رئيس اقليم كوردستان ، سافر الى الخارج في زيارة شخصية. ولم يذكر المصدر مزيدا من التفاصيل حول هذه الزيارة".
الخبر، نُقِل، كما لو أنه "حزورة نهاية العام"، صدرت من الديوان الرئاسي "الموثوق"، ربما ل"ترفيه" المواطن الكردي وكردستانه.
هكذا إذن، طار الرئيس...إلى "خارجٍ غير معلوم"، في "زيارةٍ غير معلومة، شخصيةٍ جداً"، من دون أية تفاصيلٍ معلومةٍ تُذكر....فحزّروا فزّروا: مع من، إلى من، إلى أين، إلى متى، بماذا، وكيف ولماذا طار الرئيس؟؟؟

بعد طيران الخبر بساعاتٍ، قالت بعض وسائل الإعلام العربية(العراقية منها، بخاصة)، أن "الرئيس بارزاني، قد سافر للعلاج في الخارج، بعد نجاته من عملية اغتيال".
الأمر الذي دفع رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان د. فؤاد حسين، إلى "تكذيب" الخبر ووصفه "بالملفق"، قائلاً: "ورد خبر ملفق في الاعلام العربي وجاء فيه ان رئيس اقليم كردستان السيد مسعود البارزاني اصيب في محاولة اغتيال تعرض له، لان السيد رئيس الاقليم حاليا في زيارة خاصة الى خارج البلاد وليس لهذه الزيارة علاقة بصحة سيادته، لهذا رأينا من الضروري تكذيب هذا الخبر"(23.11.07).

الرئيس "كذّبَ" الخبر "الملفق" حول زيارة "رئيسه" المبنية للمجهول، مرةً ثانية، دون أن يخبرنا نحن المواطنين المعلومين، عن أية تفاصيل معلومة، بخصوص جهة، أو أجندة أو أسباب(لا قريبة ولا بعيدة)، أو دواعي هذا السفر المجهول للرئيس المعلوم.

بعضهم قال(وفقاً لمصدرٍ موثوق، رفض الإفصاح عن إسمه، كعادة اللف والدوران الصحفي)، أن "الرئيس في زيارةٍ ترفيهية، ربما لغرض الإستجمام والخلود للراحة، كعادته، في فيينا الجميلة، التي يقصدها على الدوام".
آخرون، طمأنوا أكرادهم من محبي الرئيس بارزاني، بهكذا كلامٍ كرديٍّ مطمئن: "لا تقلقوا...الرئيس بكل خير...مجرد أيام وسوف يطير إليكم، سالماً غانماً، مرةً أخرى".

أما الصحف التركية، فقالت: "وأخيراً طار البارزاني إلى أيطاليا لملاقاة قياديَي ال ب ك ك مراد قرَيلان وجميل باييك".
كردياً، كُذبَ الخبر، مرةً أخرى بالطبع، ما كلّف أحد مراسلي وكالات الأنباء التركية، الصحفي صادق كاراهان(صانع الخبر الكاذب)، الطرد ومغادرة كردستان، لأنه "تجاوز حدود مهنته الصحفية، مرتكباً التلفيق المتعمد للأخبار الكاذبة"، حسب مصادر الإقليم الكردي.

أمس(26.11.07)، نشر موقع بوك ميديا المحسوب على إعلام الإتحاد الكردستاني، خبراً مفاده أن "ممثل البيت العراقي، التقى في النمسا يوم أمس الأحد 25 . 11 . 2007 في العاصمة النمساوية فيينا السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان على هامش زيارته الروتينية للعاصمة النمساوية فيينا لإجراء الفحوصات الروتينية التي يقوم بها في مستشفيات فيينا". علماً أن هذا الخبر "المطمئن"، لم يُنشر(كما لم يُشار إليه البتة) في جهات الإعلام المحسوب على حزب الرئيس بارزاني.
ولاندري بعد، إذا كان رئيس ديوان الرئيس سيكذّب الخبر، أو سيصادق عليه.

منذ صناعة ذاك الخبر "الموجَه"(وليس الوجيه)، والمقتصد جداً في كلامه، يبدو أنه كان هناك قصداً مبيّتأً، لصناعة المجاهيل: زيارة مجهولة، جهة مجهولة، زمان ومكان مجهولين، أسباب مجهولة، أجندة مجهولة، لرئيس معلوم، ل"شبه دولة" أو كردستان معلومة.

هذا الخبر المبني للمجهول، الناقل، ل"أخبار" زيارة أو خروجٍ مجهول، للرئيس المعلوم، يفتح الباب، بلا شك، أمام أكثر من "وراءٍ" للخبر، وأكثر من "تحليلٍ وتفكيكٍ" ل"ماقبله" ول"ما بعده".
لا سيما وأن "ماوراء الخبر" وهوامشه، في علم السياسة، هي أهم من الخبر ومتونه.

ولكن ما الحكمة من هكذا "تجهيلٍ متعمدٍ" من "جلالة" رئيس ديوان الرئيس، لما يجب أن يكون معلوماً، في هذا الزمن المعلوم؟
لماذا هذا "التقصد" أصلاً، في صناعة "الزيارة المجهولة"، أو "الزيارة الضائعة"، وكأنها "الكلمة المفقودة"، في لعبة "الكلمات المتقاطعة"، التي يجب على المعنيين والمتابعين والمحبين البحث عنها، أو اكتشافها؟
لماذا كل هذا الكتمان على زيارة الرئيس "الخاصة" إلى "الخارج المجهول"، طالما أنها "زيارة روتينية" و"إعتيادية"، لا محل لها من الإعراب، في الوقت الذي تعودنا نحن الخارجون على الإعراب، على أن كل جمل رؤساءنا، في الشرق المغلوب المنكوب، تعرب حرفاً حرفاً؛ وكل كلامهم مفيد؛ وكل سلوكياتهم، يُشهد ويُرقص لها، ويُحتذى بها؛ وكل زياراتهم أكثر من ناجحة، وتاريخية، وبناءة، و"فوق عادية"، و"فوق ريحية"؟
والحالُ، أليس من حق أكراد الرئيس، أن يسألوا ديوان الرئاسة "الكاتم" على تفاصيل الخبر "المكتوم" ، لماذا "طار" الرئيس إلى "جنةٍ مجهولةٍ"، فيما كردستان وأكراده قادمون على "جهنمٍ تركيٍّ معلوم"، كما هو متوقعٌ ومعلومٌ، لدى المراقبين المعلومين والمجهولين؟
هل يُعقل في هذا الزمن الإنترنتي المعلوم، كل هذه "السرية المصطنعة"، في أن يصنع ديوان الرئيس المعلوم، أخباراً مجهولة عن "سابق إصرارٍ وتقصد"، حول "طيران" الرئيس، و"خروج" الرئيس، و"زيارة" الرئيس، و"صحة" الرئيس"، و"عطلة الرئيس"، و"قيام وقعود" الرئيس؟

آخر خبر "غير مصدق عليه" من جهة رئيس ديوان رئاسة الإقليم، هو أن "الرئيس بارزاني في زيارة روتينية إلى فيينا لإجراء فحوصات طبية روتينية"، ولكن الخبر لا يزال طي الكتمان والسرية، ربما لغايةٍ في نفس القائمين على صناعة أخبار الرئيس، ونخشى أن تطالعنا بعض وكالات الأنباء "السريعة"، في هذه اللحظة أو تلك، أن "الرئيس مفقود"(لا سامح الله).
وهو الأمر الذي سيدفع ديوان الرئاسة مجدداً، إلى دحض الخبر وتكذيبه واتهام أصحابه ب"الكذابين والملفقين"، في ذات الوقت الذي يذهب فيه رئيس الديوان نفسه، إلى صناعة خبر لا يزال مبنياً للمجهول، ومبنياً "في الهواء"، ومؤدياً إلى مسالك ومجاهيل أكثر هوائيةً، عبر أثير "الهواء المجهول".

في الوقت الذي أتمنى للرئيس بارزاني أن يقوم من فيينا ويعود إلى كردستان بالسلامة، فإني أسأل الديوان الرئاسي، مرةً أخرى، هل "طار" الرئيس، وزار الرئيس، وخرج الرئيس، وفُحص الرئيس، وتمتع الرئيس، بحق و حقيقة، أم أن الخبر لا يزال مبنياً للمجهول، لأن ما وراء الأخبار ومجاهيلها ما وراءها؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يؤكد تمسك حماس بدور الوسطاء للتوصل لاتفاق متكامل لإنهاء


.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي- لأنشطته العسكرية




.. الولايات المتحدة .. قواعد المناظرة الرئاسية | #الظهيرة


.. في أول أيام عيد الأضحى.. مظاهرة قرب السفارة الإسرائيلية بعما




.. بسبب منع وصول المساعدات.. غزيون يصطفون في طوابير طويلة من أج