الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستغلال التحسن الأمني لتسجيل نقاط عراقية

صائب خليل

2007 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


قال جون نيجروبونتي نائب وزيرة الخارجية الامريكية بعد محادثات مع الزعماء الأكراد في منتجع بالقرب من أربيل ان زعماء العراق يحتاجون الى الاستفادة من المكاسب الامنية من خلال احراز مزيد من التقدم السياسي وخاصة باصدار قوانين اساسية لتعزيز المصالحة الوطنية.
لكن المتابع لتصريحات الساسة الأمريكان يجب ان لايأخذ الكلمات بلا تمعن، فلها احياناً بل غالباً معان لاتشابه كثيرا المعنى الذي يعرفه.
.
خلال الحملة الأمريكية لإحتلال العراق، رفضت شعوب العالم، عدا استثناءات نادرة، الطريقة الأمريكية في اسقاط ربيبها السابق صدام حسين، وشمل الرفض الشعبي الدول التي ترتبط بعلاقة "اكثر من صداقة" مع اميركا، مثل تركيا ودول الإتحاد الأوربي. رفض الشعب التركي بنسبة تقارب الـ 90% السماح للقوات الأمريكية العبور من خلال الأراضي التركية، ونفذت الحكومة التركية رغبة الشعب على العكس من الديمقراطيات الغربية التي انصاعت للضغط الأمريكي رغم استبيانات شعوبها واحتجاجاتها.
.
ليس هذا حدثاً نادراً بالنسبة لأوروبا لمن يقرأ التأريخ الحديث، ولكن اطرف ما فيه ان سفير اميركا في تركيا مورتون ابرامووتز، احتج على اساس ان ذلك يبين ان الحكومة التركية "تفتقد الى المصداقية الديمقراطية"!
وضح ابرامووتز وجهة نظره قائلاً: "قبل عشرة سنوات كان غالبية الشعب التركي، كما هو الآن، ضد تورط تركيا في حرب على العراق"، لكن في ذلك الوقت كان هناك فرق اساسي وهو الرئيس المؤمن بالديمقراطية "تركت اوزال" والذي لم يكن ليهتم بالإستبيانات! "للآسف" يضيف ابرامووتز، "ليس لأميركا الآن (في تركيا) ديمقراطيين حقيقيين تعتمد عليهم!
أيد هذا التعريف المدهش للديمقراطية نائب وزير الدفاع الأمريكي وقتها بول ولفويتز، احد اشد المتحمسين لإسرائيل وانتهى مثل العديد من موظفي بوش الى فضيحة في البنك الدولي، حين عبر عن خيبة امله من القادة العسكريين الأتراك لعدم "تصرفهم" وقال: "كنا نتوقع منهم مبادرة اقوى"!#
.
اعادة تعريف الكلمات هذه تساعدنا على تفهم كلام نيجروبونتي. فلم يعد خافياً على العراقيين ان "المصالحة الوطنية"، كما يفرضها نيجروبونتي، مدير الإرهاب الأمريكي في هندوراس واميركا الوسطى بلا منازع، في عقد الثمانينات الريكاني، وكما تفهمها ادارة بوش، هدف امريكي الغرض منه اعادة الجلادين الى السلطة الأمنية بالضغط، تماماً كما كان يفعل نيجروبونتي نفسه حين تسفر الإنتخابات في "الحديقة الخلفية" لأميركا عن حكومة لا تروق له *.
.
قال نيجروبونتي "اننا نأمل في ان يتم احراز تقدم على الجبهة السياسية في العراق يعادل المكاسب الامنية التي تحققت في الشهور الاخيرة."
.
والتقدم "على الجبهة السياسية" كما نريده ونفهمه هو تقدم الحكومة المنتخبة في تحقيق الأهداف التي يطالب بها الشعب الذي انتخبها. التقدم في مصداقية تمثيلها لشعبها, وليس بالضرورة التقدم فيما تراه اميركا مناسباً.
"التقدم على الجبهة السياسية" هو ان تستلم الحكومة المنتخبة سلطاتها السيادية وتتمكن من حماية شعبها ممن يجد نفسه مخولاً لقتله حتى للتسلية. "التقدم على الجبهة السياسية"هو ان تتمكن الحكومة من تنفيذ احكام القضاء العراقي على المجرمين بدون شروط من قوات الإحتلال. هو ان تتصرف الحكومة كما يطالبها الشعب ان تفعل بإخراج القوات المحتلة فوراً وبلا حجج، او على الأقل جدولة خروجها. لكن مثل هذا "التقدم علىالجبهة السياسية" لن يروق لك بلا شك وستعتبره بنفس قياس ابرامووتز "تراجع سياسي".
.
يضيف سعادة السفير السابق في العراق "والان يوجد الامل في ان يحدث تقدم مواز في الساحة السياسية وخاصة من حيث تحقيق الاجزاء المختلفة لتشريع المصالحة الوطنية بشأن امور مثل النفط والحكم الاقليمي وهكذا."
وكل قضية لها اكثر من وجهة نظر. فـ "النفط" من وجهة النظر الأمريكية هو "عقود مشاركة انتاج" يكملها اتفاقية استعمارية لتفضيل الشركات الأمريكية او كما قال مراسل للهيرالد تريبيون تحويل العراق الى "حقل نفطي امريكي مخصخص". اما وجهة النظر العراقية فهو "عقود خدمات" حرة لتختار من يقدم افضل العروض ولا يشكل خطراً على البلاد، بتقييم تأريخه وقوته ومواقفه في الماضي القريب.
.
يذكرنا هذا الكلام بالـ "امتحان" الذي اجري على المالكي وحكومته ليعطيها بترايوس النقاط حسب "انجازاتها".
في وقتها كان المبرر الرئيسي لتسجيل تلك "النقاط" هو "الوضع الأمني المتدهور", وكان مؤيدوها يقولون: "صحيح انها ليست كما يريد الشعب ويريد القانون وتريد الديمقراطية، لكن ظروف البلد الأمنية القاسية تتطلب ذلك." والآن يقول لنا نجروبونتي: "افعلوها لأن ظروف البلد الأمنية بخير نسبياً" فما الأمر؟

إذا كانت "الظروف القاسية" تتطلب نقاطاً امريكية فالظروف الأفضل تسمح بنقاط عراقية! لذا دعني اقترح عليك ايها المالكي استفادة من تحسن الظروف الأمنية تسجل بها نقاطاً عراقية بحتة:
تقديم قانون النفط الى البرلمان كاملاً مع الملحقات وعدم التهرب منه وبدون الاعيب "التصويت السري" حتى ان كان سيرفض، فيعدل ويعدل حتى يقبله البرلمان علناً كما يريده الشعب, ولك نقطة كبيرة...
أن تكون لك الجرأة لإلغاء اتفاقيتك الأخيرة التي ستكلف الشعب دماءً غالية في سعيه لإستقلاله والتي ستنزل بك الى الحضيض ولن ينجو من سمعتها احفادك، كأحد العملاء في تأريخ العراق كنوري السعيد وعبد الإله بل وربما أسوأ.
أن تصر على تنفيذ القانون على "بلاك ووتر", واشهد انك لم تتراجع في هذا حتى الآن, وايضاً على مجرمي الأنفال المحميين بالأمريكان وان تفتح تحقيقاً بشأن الساسة الكبار المتهمين ايضاً بالكبائر.
واخيراً اقترح عليك ان تستغل تحسن الوضع الأمني لإجراء تحقيق في جريمة قتل اكثر من 30 من اطفال النعيرية من "احفاد رسول الله"، خاصة وان الشهود مازالوا احياء ومازالت ذاكرتهم واضحة. @
.
هذه وامثالها ستكلفك طبعاً الكثير من النقاط الأمريكية, ولكنها ستسجل لك نقاطاً عراقية والمفاضلة والخيار لك.
.
.
.

# جومسكي: ( Hegemony or survival ) الفصل الخامس
* http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=108161
@ http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=99928








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة دخول بايدن وترامب إلى المنصة لبدء المناظرة الرئاسية


.. بايدن بالمناظرة الرئاسية: حماس الطرف الوحيد الذي يريد استمرا




.. ترامب: أميركا في عهد بايدن أصبحت دولة من العالم الثالث | #عا


.. مناظرة بايدن وترمب: -لا مصافحة-.. واتهامات متبادلة بالفشل وا




.. بايدن: بوتين -مجرم حرب-.. وترامب يعلق: الحرب في أوكرانيا لم