الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاث شجرات يثمرن برتقالا - قصة قصيرة

غريب غسقلاني

2007 / 12 / 2
الادب والفن




فاجأته "استر" في حالة سهوم، شدته من شعر صدره فاستجاب لرغيف الخبز، وتبعها إلى حيث ينتظر عجوز قديم. قال العجوز:
- تبعــني.
توغلا في البيارة حتى أطلا على مشارف العجمي ، فأطل عليه وجه أبيه.. سأله العجوز:
- ماذا ترى؟
- أرى ما ترى .
-يمر عليك أربعون عاماً حتى ترى ما رأيت وأرى .
وعلم أن العجوز يلازم البيارة منذ حفر البئر، وسير جداول الماء الى أحواض الأشجار.. لسعته شمس الظهيرة فانحنى ظهره، علق العجــوز:
- الأشجار تتطاول نحو الشمس دوماً.
وتعرف على أسرار نضارة الأغصان الشرقية، وتعلم كيف يزيل الفروع الضعيفة من عب الشجرة، كي لا يعشش فيها الفطر والعفن، وعندما عبق الأريج في الربيع انتبه إلى أسراب شغالات النحل تحط على مياسم الأزهار، فانتشى وسربلته الفحولة، وتعلم أسرار النحل، ودافع مع الشغالات عن الملكة، وساهم في مذبحة الذكور الكسلانة، بعد أن رقصت الملكة رقصة الزفاف، ولحق بها زعيم الذكور وسفدها وخر صريعاً..
قال العجوز:
- ماذا تعلمت؟
- كيف أحنو على الجذور وكيف أتعامل مع البذور، وأن أترك أثري حتى لو وقعت صريعاً.
- وبماذا تخبر؟
- زوجتي حامل .
قفز العجوز على كتف الشاب وقطف حبة برتقال تستقبل الشمس قال:
- امضِ، قبل أن ترانا استر وتكتشف أمرك .
في البيت قالت زوجته:
- قد تكون البشارة.
ومصت عصير الثمرة حتى الرحيق، بنهم غريب.. قال :
- قد يكون الوعد!
وهيأ مرقداً لبذور البرتقالة، وقبل أن يمر الحول وضعت زوجته، وانشقت قشرة الأرض عن ثلاث شتلات بريئة.
وبعد حول درج طفله في ساحة الدار، وانتصبت الشتلات وفرعت حتى ضاق بها حوش الدار، ويوم ختان الولد، أهدى شجيراته إلى أخواته الثلاث, قالت الكبرى:
- تغريني ثمار "البوملي" العملاقة.
وطعمت شجرتها بعيون البوملي, وقالت الوسطى:
- لو تورق في داري ليمونة الأضاليا السكرية.
وطعمت ساق شجرتها بعيون الليمون الحلو,
أما ااصغرى فقد استحلبت ريقها عن حلاوة "أبوسرة" وطعمت شجرتها بعيون "أبو سرة"
وفي الربيع أينعت البراعم، وطوفت شغالات النحل بمياسم الأزهار تشكل الثمار، وأثمرت الشجرات الثلاث برتقالاً يافاوياً كالذي يطل على شاطئ العجمي.. عرض الأمر على العجوز..
- هذا درس في أصول الأشياء يا ولدي.
ة ما هكذا تقول علوم الفلاحة.. زدني علماً؟
- انك بانتظار أربعين سنة حتى ترى ما أرى ، خذ عني: البذور بقيت على أصلها، ولم تستجب الشتلة الأولى لإنجاب ثمار البوملي البلهاء، حتى لا تصدرها استر وتغرب بذورها، والشتلة الثانية لم تستجب لعيون الليمون الحلو، لأن جذوره لا تقاوم آفات الأرض ، وتعطي نسلاً ضعيفاً عليلاً.. قال الشاب :
- ما الأمر مع الثالثة وثمار أبي سرة هي الأبهى والأملس والأحلى طعماً والأذكى رائحة؟!
- وهل نسيت أن ثمارها خالية من البذور، فلا تورث ميزاتها .
وقف الشاب مبهوتاً يحدق في تضاريس الأرض من حوله.. أشرق وجه العجوز وسأل:
- هل أخذت عني ؟
- أخــذت..
أسند العجوز رأسه على صدر الشاب، وغفا قبل أن تضبطه استر متلبساً بالموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف