الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف والإرهاب وأسبابهما

حسين علي الحمداني

2007 / 12 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


العنف ظاهرة بشرية لا يختص بمكان أو زمان دون غيره، ولا يختص بدين، أو جنس أو فكر أو ثقافة دون سواها، ولكنه يترعرع ويبلغ أوج التعبير عن قسوته في البيئات التي تفتقر إلى العدالة والمساواة وكفالة حرية التعبير للأفراد والجماعات وفي المجتمعات التي يسودها الاستبداد السياسي والفكري والاجتماعي، وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين والعنف أسلوب تعبير عن تراكمات اليأس والغضب أو الانتقام، يمكن أن يقوم به الفرد أو الجماعات كما يمكن أن تمارسه الدولة أيضا. ويتجلى من خلال شكلين هما: العنف الرمزي والعنف المادي. ويتمثل العنف الرمزي في ادعاء احتكار الحقيقة، وإقصاء وتهميش الآخر، وفي تكفيره بدون وجه حق. أما العنف المادي فيتمثل في استخدام الاساليب والأدوات المادية كالسلاح ضد الآخر. ويمكن أن يكون العنف بشكليه مشروعاً للشعوب المضطهدة الساعية إلى نيل حريتها واستقلالها، ويمكن أن يكون محرما عندما يستهدف أمن وسلامة الأبرياء كما يحدث هذه الأيام على أراضي بلادنا وهو ما نعبر عن تسميته (بالإرهاب). أما عنف الدولة فإنه يأخذ الشكلين معاً، ويستمد العنف المسموح به مشروعيته من تفويض الشعب عبر ممثليه لأجهزة الدولة باستخدام العنف لتطبيق القانون وفق ضوابط الدستور، وتحت مراقبة ومحاسبة ممثلي الشعب. أسباب تفشي ظاهرتي العنف والإرهاب في بلادنا: ليس هناك ظاهرة اجتماعية يمكن تفسيرها بالاعتماد على عامل أو سبب واحد، مهما كانت أهميته ولذا فإن هذه الظاهرة منتج مركَب من بيئة يتوفر فيها اختلالات واختناقات في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وحين نبحث عن الأسباب التي أشعلت مظاهر العنف والإرهاب في بلادنا، فإننا لا نسعى إلى تبريره ولا تبرئته، وإنما نجتهد مع غيرنا في دراسة الظاهرة من كافة جوانبها بغية الوصول إلى الحلول الجذرية التي لا يمكن اختزالها في الجانب الأمني - رغم أهميته - وقد دان دعاة المجتمع المدني والإصلاح الدستوري في بلادنا كلٌ وفق قراءته، كافة مظاهر العنف والإرهاب. ويمكننا تقسيم الأسباب إلى قسمين: الأسباب الداخلية: أ‌- غياب حواضن ومكونات تنظيمات المجتمع المدني في كافة مجالات الحياة، وفي ضوء تقلص دور تنظيمات المجتمع التقليدية التي يفترض أن توفر الحماية ومشاعر الانتماء للجماعة، والأمان، لأفرادها من العائلة إلى الحي إلى العشيرة والقبيلة، فإن هذه العوامل قد أوجدت خللاًَ اجتماعياً كبيراَ، أدى إلى تعميق مشاعر اغتراب الفرد عن محيطه، وإلى تأزيم إحساسه بفقدان الهوية والأمان النفسي والاجتماعي، وإلى تنامي مشاعر الإحساس بالضياع، لعدم وجود الجماعات المعبرة عن رغباته وميوله وآلامه وتطلعاته. كما عملت مظاهر العنف وبعض القرارات الخاطئة، وغياب المؤسسات الدستورية، وتفاقم ظاهرة الفساد الإداري والمالي، وسواها من العوامل، مجتمعة على تعميق مشاعر الإحباط والغضب وانسداد الأفق أمام المواطنين وخاصة فئة الشباب منهم.الذين يشكلون أكثر من 60% من عدد السكان في العراق. ب- استطاع الخطاب الديني المتشدد أن يكرس منهجا أحادياً لاحتكار الحقيقة الدينية، وتهميش المذاهب الأخرى بما فيها تيار الوسطية والاعتدال، مما ساعد على بروز ظواهر الغلو والتطرف التي صبغت الحياة الثقافية والاجتماعية والإعلامية بألوانها. كما تمكن هذا الخطاب المتشدد من ترسيخ أسلوب التلقين والحفظ والتوجيه بدون مناقشة أو حوار لتصبح ثقافتنا ثقافة انغلاق ونفي لكل قيم التسامح والحوار وقبول الآخر. ج- تشكل معالجة الدولة للحاجات المعيشية والاجتماعية للمواطنين في الصحة والسكن والخدمات الضرورية الأساس الذي يحقق إحساسهم بالأمن والأمل والرضى، أو يدفعهم لليأس والغضب والتعبير العنيف عن تلك الأحاسيس. وفي بلادنا التي أنعم الله عليها بنعمة النفط الذي يدر على الدولة عشرات المليارات من الدولارات سنوياً، يغدو توفير ضرورات العيش الكريم لكل مواطن حقاً لا تنازل عنه. ولكن الذي يحدث في بلادنا من تفاقم للأزمات المعيشية والاجتماعية، ومن العجز عن الوفاء بالمتطلبات الأساسية للمواطن، قد ساعد على تكريس حالات اليأس والإحباط، ووضع الدولة في موقع المساءلة أمام المواطنين. الأسباب الخارجية: أ- ضعف وتلاشي الدعم العربي للحكومة العراقية ومحاولة أبقاء العراق ساحة حرب وتصفية حسابات بين الفرقاء. ب- خشية دول المنطقة من انتقال عدوى الديمقراطية إليهم ونجاح التجربة الديمقراطية في العراق. ج- محاولة الكثير من الدول المحيطة بالعراق لاستخدام - ورقة العراق - في صراعاتها مع أميركا. هذه أسباب وهنالك أسباب أخرى بالتأكيد تتعلق بشمولية الأنظمة التي شعرت بالخطر الذي قد يحدق بها إذا ما أستقر العراق ومارس دوره الطبيعي في المنطقة والعالم وأخذ مكانته السياسية والاقتصادية والحضارية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حراك دبلوماسي لافت بشأن مفاوضات التهدئة في غزة


.. كأس أوروبا.. ما حظوظ المنتخبات الأربعة في الدور نصف النهائي؟




.. مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية يعقد في القاهرة


.. في ظل الحرب.. سيدة تحوّل منزلها في الجنوب اللبناني إلى مصنع




.. ما أبرز ما أوردته الصحافة الدولية بشأن الحرب الإسرائيلية على