الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لا تصبح - ثورة مغدورة -

هشام السامعي

2007 / 12 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


يمثل غياب روح الثورة بعد مرور أكثر من أربعين عاماً على قيامها أهم ما يمكن اعتباره غدراًَ بأهدافها , فالتحول الذي كان ينشده الثوار في مشروعهم غابت أبرز ملامحه وتراجعت قيم التحديث والتجديد مقابل سيطرة القوى ذاتها التي كانت حاضرة قبل الثورة وعادت مفاهيم الطبقية بأشكال جديدة .
الثورة التي قامت وهي تنادي إلى مجانية التعليم والصحة غُيبت وجدانياً وحل بدلاً عنها تخصيص التعليم والصحة ومورست بموجبه حملة بربرية للقضاء على التعليم العام وضعفت مخرجات التعليم في ظل ركود معرفي غاب عنه الدعم في مقابل طغيان القوة العسكرية التي دُعمت من الأنظمة الحاكمة بعد الثورة وأثبتت أن الأنظمة العسكرية ليس لديها القدرة على تحديث المجتمع المدني وتغييره .
ربما لا يعنينا نحن جيل ما بعد الثورة خصوصاً الجيل الذي جاء بعدها بعشرين عاماً أو يزيد , لا يعنينا حجم التضحيات التي حدثت في الماضي أمام ما نراه في الحاضر لأن الثورة عندنا ليست مجرد أهداف ستة تتصدر الصحف الرسمية للدولة ولا هي شخططات في كتب التاريخ التي تُدرس في المدارس بقدر ما هي تحول في بنى المجتمع وعمل نقلة نوعية في التركيبة الاجتماعية وتحول المجتمع الريفي الريعي إلى مجتمع إنتاجي متحرر من قيود السلطة والطبقات وبما يضمن لنا حقوقنا في التعليم والصحة بمساواة .
ليس من المنطقي أن نظلم أثناء قراءتنا للتاريخ دور الثوار الذين كان هدفهم تغيير المجتمع ونقله إلى الأفضل ولكن ليس معنى هذا القبول بكل ما جاء في كتب التاريخ والتدوين للثورة لأن انقلاباً ظل يتكرر في المراحل التي تلت الثورة أفقدها وجدانيتها لدى الناس .
حتى لا تصبح الثورات اليمنية مجرد ثورات عسكرية شعاراتية قائمة على مصالح فئات مُعينة استطاعت أن توظف معاناة الناس في كل أنحاء البلاد لتحدث انقلابات على أنظمة الحكم السابقة وتنفرد هي بخيراتها , حتى لا تصبح كذلك يتوجب على كل الذين يؤمنون بهذه الثورات ويدركون حجم التضحيات التي قدمت من أجلها أن يوضحوا للأجيال التي جاءت بعد الثورة أن أهداف الثورة كانت سامية وإنسانية وأن استعادة روح الثورة هو مهمة كل الذين يؤمنون بها ويناضلون من أجل هذا الوطن وحتى لا تصبح " ثورة مغدورة " وتصبح دماء الشهداء نُخباً تشربها القوى المستفيدة منها في كل مناسبة للفيد والسطو , لأن خلود روح الثورة المتجددة في وجدان الناس لا يكون إلا بحدوث تحولاً إيجابياً في المجتمع والحفاظ على مكتسبات الثورة التي تحققت بعدها حتى تبحث الأجيال القادمة في التاريخ لتترحم على كل الذين ضحوا بأرواحهم من أجل مستقبل هذه الأجيال التي ستنعم بخيرات الثورة وحينها فقط يمكن أن يخلد التاريخ هذه الثورة ويخلد ثوارها الذين جددوا حياة المجتمع .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية