الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوقرة سلطاني في مفترق الطرق: أو عندما يعاقب الشعب الجزائري أئمة الفساد

أنور مالك

2007 / 12 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الإنتخابات الأخيرة من تشريعيات 17 ماي الفارط إلى محليات 29 نوفمبر كشفت مما لا يدع مجالا للشك حقيقة ظل النظام الجزائري يقفز عنها بشعارات أو بتحليلات لا تمد للواقع بصلة، فما يمكن أن نسميه "حزب المقاطعة" ليس بالقليل فهو يتجاوز 10 ملايين مواطن من أصل أكثر من 18 مليون ناخب مسجل حسب الإحصائيات الرسمية، وهو في حد ذاته دليل قاطع على فشل مشاريع السلطة في الجزائر، وإن كان النظام حاول أن يجد أسبابا أخرى يبرر بها الموقف الشعبي المتكرر، وكلها تصب في مجرى أن سبب المقاطعة في التشريعيات الماضية يعود للبرامج غير المقنعة للمرشحين، وفي المحليات تعود إلى الأحوال الجوية، وربما الإنتخابات القادمة ستكون بسبب تناول حبوب منع الحمل من طرف المرشحين أو حتى المواطنين !! وكلها أسباب غير حقيقية وواهية، وهو نوع من أنواع الهروب عن الحقيقة الواضحة زي الشمس في رابعة النهار، والتي ستظل لعنة تطارد النظام الحاكم في الجزائر، فالصفعة على قفاه التي وجهها له الشعب الجزائري لا يمكن تجاهلها أبدا، ولا يمكن القفز نحو أشياء هي في الحقيقة دليل آخر على الكذب الذي ظل لغة التعامل بين نظام شمولي وشعب يغرق في الفقر والجوع، بالرغم من خزانة تزخر بما يفوق 80 مليار دولار...

الزيف ... والنيف !!

صحيح أن برامج المرشحين للتشريعيات وحتى شخصياتهم لم ولن تقنع المواطن المغلوب على أمره، وصحيح أن الأحوال الجوية في المحليات لها فعلها في نفسية المواطن، لكن بالنسبة للأول فإن هؤلاء المرشحين هم ممثلين لأحزاب وما يسمى بالإئتلاف الرئاسي، وهو النظام بشحمه ولحمه بلا مزايدة، والمترشحون أنفسهم تلقوا تزكية من إدارات الدولة والأحزاب، والحملة الإنتخابية هي أصلها حملة النظام وقد قادها كل من عبدالعزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، واحمد اويحيى الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، وبوقرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم – حمس -... وهي الوجوه نفسها التي تغنت على مدار سنوات طويلة بجنة يرتقبونها لشعب تنخر أوصاله نار الفقر وغلاء الأسعار والمحسوبية والرشوة والإرهاب، وهم أنفسهم الذين زعموا من أن إنتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيدخل الجزائر نادي الكبار ويعيد العزة والكرامة لشعب كان بلا كرامة من قبل وحسب زعمهم طبعا، وسيأتي رئيس آخر ويتغنون بالشعارات نفسها وتعد أيام بوتفليقة مثل التي سبقت مع رؤساء في أرشيف البلد الآن، لا يذكرون إلا بالسوء... وهم أنفسهم الذين جعلوا في شعاراتهم من أن الشباب الجزائري سيكون بخير ما إن إستجاب لمشاريعهم... هم أنفسهم الذين نبحوا وصالوا وجالوا في كل ربوع الوطن من أن ميثاق السلم والمصالحة سيجعل الجزائر دولة السلام من مجرد وضع ورقة نعم في الصندوق، وهم أنفسهم الذين زعموا من أن الرشوة والفساد سينتهيان ان إختار الجزائريون مرشحيهم... ولكن الواقع عكس ذلك تماما، وألف الشعب الجزائري هذه الوجوه التي تظهر في الإستحقاقات الإنتخابية تعد وتغني وتزغرد وترفع أسهم الخير في سماء الجزائر، وما إن ينتهي الموعد يعودون لجحورهم ويستمتعون بريع الخزانة العمومية على مدار سنوات خمس، وكأن الجزائر لم تنجب سواهم، وكأن الرحم الجزائري الذي أنجب رجالا من أمثال العربي بن مهيدي، وسي الحواس، وابن باديس، ومالك بن نبي، ومصطفى بن بولعيد، البشير الإبراهيمي... وغيرهم، قد أصبحت عقيمة بعدما أنجبت أويحيى وسلطاني وبلخادم وحتى بوتفليقة نفسه... أما بالنسبة للأمر الثاني المتعلق بالأحوال الجوية فهي بالفعل كان لها الدور لكن ليس كما يروج له النظام، من أن البلل والمطر منع الشعب العريان من الخروج، إنما بسبب السياسة الفاسدة والفاشلة والخداع الذي يمارس ويجعل في كل مرة أرواح الجزائريين أرخس مما يمكن أن يتصور، فرؤساء البلديات يصرفون ويبذرون أموال الشعب في الصباغة المناسباتية وتغيير بلاط الأرصفة كل شهرين، لأجل أموال تذهب لجيوبهم عن طريق مقاولين مرتشين ومفسدين، ولكن قناوت تصريف المياه فتصنع بطرق أغرقت المدن والقرى في الأوحال...
لكن الملاحظ ومما يجب الإشارة اليه أن النظام ووسائل الإعلام الجزائرية التي هي بوق له، تتغاضى دائما عن أصوات المعارضة التي نادت بالمقاطعة، ويحاولون تبريرها بأسباب أخرى غير تلك النداءات التي إستجاب لها الشعب بلا منازع ولا جدال وبطريقتين تصبان في موقف واحد واضح:
- هو قبول وإستجابة للنداء الذي وجهته المعارضة الجزائرية سواء كانت بالداخل أو حتى الخارج، وهذا الذي يثبت بالفعل أن المعارضة الحقيقية تم إقصاؤها، وعوضت بمعارضة كرتونية تتغني بسب النظام في المنابر الإنتخابية وتنام كالعاهرة في فراشه ليلا بعد مرور الإستحقاق...
- أن الأسباب التي دفعت الشعب الجزائري لمقاطعة الإنتخابات كانت كلها بسبب عدم جديتها وعدم الثقة في النظام ووجوهه، وهي نفسها الأسباب التي بررت بها المعارضة موقفها الداعي للرفض والمقاطعة...
وفي كل الحالتين فإن المعارضة التي نادت بالمقاطعة أثبتت أن لها مصداقية وتجذر في العمق الشعبي، إما في هيكلها التنظيمي من خلال إستجابة شريحة واسعة من المواطنين لندائها أو حتى في خطابها السياسي المقنع الذي يصب في مجرى الرغبة الشعبية، وإن كان ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد دعا للمقاطعة، فإن ذلك ما أراده النظام ويروج له حتى يعطي بعدا آخر للقضية، مع رفض الشعب الجزائري للأسلوب المسلح والحرب الأهلية التي عان من ويلاتها لسنوات طوال، ولكن دعوته هذه صبت في رغبة الشعب التي تستمر وتعلوا، بالرغم من أن النسبة التي قدمها النظام ليست دقيقة وصحيحة بلا شك، ولا يمكن أن نسلم بصدقها أبدا لما يعرف عنه من تزوير للإرادة الشعبية، فضلا من ان الرهان على المشاركة كثيرا كان ديدن زعماء أحزاب الإدارة والرشوة والفساد والتزوير... ولم نكن نحن لوحدنا من له هذا الموقف فنجد عبدالحميد مهري مثلا وهو سياسي محنك ورجل تاريخي وصف التشريعيات الماضية بالمفبركة، وهذا يجعل شرعية النظام الحاكم على المحك طبعا، وحتى من طرف وجوه أخرى كانت تحسب عليه وصنعت هذا النظام ووطدت أركانه من قبل، ثم إنقلبت عليه في ما بعد لما إكتشفت حقيقته من طرف البعض وبسب الإقصاء من طرف آخرين...
عل كل أن المقاطعة التي أكدها أغلب الشعب الجزائري وللمرة الثانية إن سلمنا بصحة ما تقدمه داخلية يزيد زرهوني، فهو دليل قاطع على إستمرار لا شرعية الطغمة الفاسدة وأن ما يعرف بشعبية الرئيس ليست كما تتخيلها وسائل الإعلام، وقد حاول وزير الداخلية يزيد زرهوني في ندوته الصحفية لإعلان النتائج الإنتخابية الأخيرة والتي جرت في 27 نوفمبر، أن يجعل من شعارات "العهدة الثالثة" التي رفعها بلخادم، وتسابق أحزاب الإئتلاف على التمجيد لها بطرق مختلفة، هي دليل على شعبية الرئيس بوتفليقة وان مصالحه لا يمكن أن تمنع من يريد أن يحب رئيسه... إنه دليل قاطع على غباء النظام الذي عراه زرهوني بغباءه وعدم فهمه لأسئلة الصحفيين ولا وعيه من أنه يمثل دولة تتناقل وسائل الإعلام حديثه وندوته، ففي كل مرة يحاول التأكيد من أن الأحوال الجوية هي السبب، ولسنا ندري ما سيفعله بعدما ساءل المواطنين من قبل عن سبب مقاطعتهم للتشريعيات الماضية، وهذه المرة قد يسائل مصالح الأحوال الجوية التي لم تتنبأ له بهذا الظرف العسير الذي أغرق الجزائريين في بصقة سقطت من السماء، لم يجد هذا الوزير العار سوى أن يترحم على "شهداء الأحوال الجوية" وهكذا تغدو الشهادة توزع مجانا في زمن فيه شخص مثل يزيد زرهوني وزيرا لداخلية دولة إن كانت بالفعل دولة كما يروج لها، وعلى مدار عهدتين لرئيس مثل بوتفليقة، في إنتظار العهدات القادمة ولله في خلقه شؤون.


حقيقة الحرامي بوقرة سلطاني

كما كان متوقعا فقد سقطت حركة مجتمع السلم "حمس" الجزائرية سقوطا حرا، كنا ننتظره ونتوقعه وان كان غيرنا غض الطرف عنه، وحاول تجاوزه بمراوغات مختلفة ومالوفة لدى العامة والخاصة، وكما هو معروف أن الحركة كانت تسمى حركة المجتمع الإسلامي "حماس" وصارت بالإسم الجديد تجاوبا مع الدستور الذي سنه النظام عام 1996 لمنع الأحزاب ذات الطابع الديني أو الجهوي، وهذا طبعا محاولة لتجازو الجبهة الإسلامية للإنقاذ "الفيس" التي حظر نشاطها بعد إنقلاب عسكري...
إن الذي يعنينا في هذا الحديث هو السقوط الحر والمتتالي الذي منيت به حركة "حمس" الجزائرية والمحسوبة على ما يسمى بإخوان الجزائر، وقد أثبتت النتائج التي تحصلت عليها هذه الحركة في تشريعيات 17 ماي ومحليات 29 نوفمبر أن هذه الحركة لا تملك وعاء شعبيا يمكنها من أن تغدو حركة قوية في الجزائر، ولا حتى حزبا يسمح له التحدث بإسم الشعب، فإن كانت النتائج كلها تجعل أن الحكومة القائمة غير شرعية ولا تمثل الشعب الجزائري الذي قاطعت أغلبيته الانتخابات، فكيف بحركة مثل حمس التي ظلت حصان طروادة منذ الإنقلاب العسكري المشئوم على الشرعية عام 1992 وصارت بيت الفساد الآن؟
فقد كانت في عهد رئيسها الراحل محفوظ نحناح، لم تحقق ما كانت تصبوا إليه بسبب مواقفها المساندة للنظام العسكري وبصفة مطلقة، بل لعب رجالها دورا قذرا ضد قيادات وحتى مناضلين من جبهة الإنقاذ المحظورة، أوصلتهم إلى الإعدام والسجون والنفي... أما اليوم فسقوطها الحر الذي سيرميها في مزبلة التاريخ له عدة عوامل وأسباب، وقد ساهمت تلك التراكمات على جعل هذه الحركة غير المرغوب فيها بين الجزائريين، ستنتهي نهاية سيئة ومثيرة للغاية، وهو مصير كل من يخون الأمانة التي حمله إياها الشعب، وبعيدا عن الإرث التاريخي الذي خلفته الحركة في مسيرتها، ومواقفها المخزية والدقيقة وهذا الذي تحدثنا عنه في مقال نشر لنا بصحيفة القدس العربي في عددها الصادر بتاريخ 15 مارس 2007، لكننا هنا سوف نتحدث عن واقعها الآن وفي ظل رئيسها الحالي الوزير بوقرة سلطاني...
في ما يتعلق برئيسها الحالي فالشعب يعرف عن بكرة أبيه تورطه في كثير من الملفات السوداء، سواء كانت أمنية أو حتى إقتصادية، وخاصة أن أبناء منطقته الشريعة (تبسة) يروجون للكثير عن الرجل الذي أدار لهم ظهره منذ أمد بعيد، ولا يعرفهم ولا يتصل بهم إلا في الإستحقاقات الإنتخابية... لقد تحدثنا في ملفنا "مقاربات في الفساد الجزائري: ابوجرة سلطاني... قف" عن حقيقة الوزير وكشفنا الكثير من الملفات السوداء في تاريخه القذر، وطبعا ما خفي كان أعظم وسوف ننشر كل ما نتوصل إليه في حينه، فقد صار يطلق عليه بـ 10% لدى الكثير من الطبقات المختلفة، وطبعا هذه النسبة تعني عمولته في كثير من الصفقات المشبوهة التي لو فتحتها العدالة لكان مصيره زنزانة في الحراش على أحسن تقدير له، وهذ العمولات والرشاوي يتلقاها من طرف رجال أعمال ومقاولين قدم لهم المساعدات المختلفة وبالمليارات، ولكن يوجد آخرين شرفاء رفضوا كل عروضه نذكر منهم للتاريخ رجل الأعمال الطاهر جارش رحمه الله، الذي ظل يرفض كل ما يعرضه عليه سلطاني بوقرة، دفعته إلى مقاطعته بصفة نهائية حتى رحيله من الدنيا، وتأسى أبناؤه بأبيهم في مابعد لما أدركوا أن الوزير يريد إستغلال تاريخ أسرتهم النظيف فضلا من ذلك علاقتهم مع الرئيس السابق اليمين زروال، التي هي بحد ذاتها لم تستغل منهم في ظرف كان هو الرجل الأول في البلاد... ومما يجب الإشارة له من أن الملف الذي نشرناه منذ أشهر عديدة قد تداولته الأيادي في مسقط رأسه خاصة، وصار ينشر ويباع بمئة دينار للنسخة عبر مقاهي الأنترنيت، ولمن أراد أن يعرف الكثير ما عليه إلا العودة لمطالعته ومعرفة حقيقة هذا الوزير الذي قاد حملة إنتخابية يريد من خلالها إقناع الشعب الجزائري بخياراته التي لا تعود بالخير إلا عليه وعلى أسرته وأبنائه الذين صاروا مدمنين على المخدرات والحبوب المهلوسة، وصلت حد القبض على نجله أسامة وشقيقه مولود وبحوزتهم كمية لا يستهان بها من المخدرات في سيارته الشخصية والمصفحة في صباح يوم السبت 22 ماي 2005 وعرفت القضية توجهات أخرى اشرف عليها سلطاني بنفسه، وهذا الذي سنعود إليه بالتفاصيل الدقيقة في ملف لنا سننشره قريبا...
إذن السبب الأول في تقهقهر هذه الحركة اللقيطة هو شخص رئيسها المتورط في الفساد والرشوة والمال الحرام، وهذا ما اشار إليه من قبل أحد زعماء حمس المقصيين وهو النذير مصمودي وكذلك نجل الراحل نحناح، وإن كانوا لم يذكروه بالإسم، ويكفي الإستدلال بما جناه من "الخليفة" عبدالمومن خليفة شخصيا، غير أن المحكمة غير العادلة جعلته شاهدا في القضية وهو في الأصل متهما رئيسيا... الأمر لم يقتصر على سلطاني لوحده بل حتى في قيادات أخرى لحركته وعلى رأسهم نائبه عبدالمجيد مناصرة وعمار غول وعبدالرزاق مقري وأحمد الدان ومحمد جمعة صاحب جريدة "البلاد" وغيرهم، ممن امتلكوا المال والشركات والمحلات التجارية لما إستغلوا نفوذهم ومناصبهم لخدمة أنفسهم، وليس عجبا في ذلك فهم جاءوا من الطبقات العادية من الشعب الجزائري وبين عشية وضحاها صاروا أصحاب المال والنفوذ والمؤسسات...
لقد حمل سلطاني من قبل شعار "الفساد قف" وطواه بعدما إنكشفت سوأته للعامة والخاصة، وقد تحداه الرئيس بوتفليقة من أن يقدم ما عنده حول زعمه بإمتلاك أسماء المفسدين، ولكن هيهات أن يفعل لأنه لو قدم ذلك سيكون هو شخصيا على رأس القائمة، ثم جاء اليوم في هذه الحملة يحمل شعارا آخر "انتخبونا وحاسبونا" وكأنه يريد أن يقول انه بعد الإنتخابات يستطيع المواطن المغلوب على أمره أن يحاسب، وهذه كذبة في حد ذاتها تضاف إلى كذبه المتواصل والمنتشر، فهو يريد أن يتحصل على نسبة كبيرة ينال بها إمتيازات أخرى هو وعصابته، وبعد خمس سنوات إن بقي في المنصب سيجد حججا أخرى يواصل بها مراوغاته للشعب المسكين الجائع، والسؤال الذي ظل يدلس في إجابته: هل حاسب الشعب المنتخبين السابقين سواء في المحليات أو التشريعيات السابقة؟ طبعا الإجابة معروفة ولا تحتاج إلى مراوغة أبدا ولكن إمام الأمس تعلم أن يراوغ الناس بإدعائه السيطرة على الجن فكيف يكون الحال بالنسبة لمواطن بسيط، يبحث عن لقمة شريفة لصغاره الذين يتضورون جوعا...
لا أريد أن اكرر الحديث حول قضايا الرشوة التي يرددها العام والخاص، وفضائح أبنائه في إقامة الدولة "نادي الصنوبر" التي يمتلك فيها سلطاني فيلا راقية بغض النظر عن قصره الفاخر ومحله التجاري البارز في حي شعباني الوردي بحيدرة ولا عقارات أخرى تتوزع في كثير من الأماكن، لكن أريد فقط أن أؤكد على السبب الحقيقي الذي جعل الإنهيار يقرع بيت حمس الذي حاولت على مدار سنوات ومنذ 1990 ان تحافظ عليه بمختلف المواقف المشبوهة التي خدمت بها طائفة إنقلابية بالأمس، وصارت طائفة لصوص ومفسدين اليوم ينهبون المال العام جهارا نهارا، ويكفي أن أغلب المنتخبين تورطوا في قضايا الرشوة والفساد، وأعيد ترشيحهم من جديد بالرغم من المتابعات القضائية، وحدث هذا أيضا في بيت حمس المصنوع من زجاج، بل أكثر من ذلك يوجد من حكم عليه وهو في عز الحملة الإنتخابية نذكر على سبيل المثال لا الحصر إدانة متصدر قائمتها بعين الديس (ولاية أم البواقي – الشرق الجزائري) بستة أشهر سجنا نافذة و30 ألف دينار غرامة مالية وذلك بتهمة الإعتداء على أملاك الغير، وطبعا سيكون حاله أسوأ لما يكون ملك الدولة بحوزته وتحت قبضته، ويوجد في هذه الولاية أكثر من 7 مرشحين متابعين قضائيا وكانوا منتخبين سابقا، أليس هذا دليل قاطع على أن النظام والإدارة التي قبلت ترشحهم تريد إستمرار الفساد، لأنه لا يمكن أن ينال الوزير والوالي حصته وعمولاته من ذلك إلا في ظل منتخب متورط لذقنه في قضايا الرشوة والفساد، يحتم عليه الرضوخ لمصالحهم أو الزج به في السجن إن حاول التمرد على أسياده...

خيارات لتدارك المستقبل المشئوم


إن حركة حمس مقبلة على أعاصير مختلفة، وقد تصل بها إلى أن ترمى في الزبالة وتظل العار الذي لا يمكن تذكره، إن بقيت تتعامل بعقلية نحناحية في قضاياها المصيرية، حيث تحاول ان تظهر أنها الحزب الوحيد الذي لم يتعرض للعواصف الهوجاء، ولم تلحقه ما يعرف بالحركات التصحيحية، وهو في الأصل حزب ينام على أطنان من القنابل والبارود، وخاصة ان مرحلة خطيرة سيقبل عليها الشعب والجزائر كلها ويتمثل في إستحقاق رئاسي سيمر حتما على بوابة تعديل دستوري صار على الأبواب، فضلا من أن النظام يطبخ في السر ما يدفعه لرمي شركاء الأمس في سلات المهملات وصناعة جيل جديد وله القطيعة مع الماضي الأسود والدموي خلال الحرب الأهلية الجزائرية...
الخيارات الموجودة الآن أمام الحركة حتى تستطيع تدارك الوقت وربحه لأجل أن يطول عمرها أكثر ويتأخر الموت المرتقب لها أو قل الإغتيال المخطط له من طرف حتى قيادتها، يمكن أن نوجزها في ثلاث خيارات:
- خيار الإنقلاب على القيادة الحالية ومحاسبتها حتى تسجل بذلك وقفة تاريخية تحسب لها لا عليها، وهذا طبعا سيتحقق إن أعيد الإعتبار لبعض الوجوه الشريفة من الحركة والتي تم إقصاؤه من طرف القيادة الحالية أو حتى من طرف محفوظ نحناح شخصيا أو إستقالت من المشهد الحمسي، بسبب مواقفها المخزية وقناعاتهم الرافضة لها والتي تنبع من إستجابتهم لمطالب الشعب الجزائري...
- خيار تصحيحي ويتمثل في ميلاد تيار آخر يفتح الأبواب أما القاعدة الشعبية التي يئست من تصرفات بوقرة سلطاني وعصابته، والتي تتلقى الدعم طبعا من طرف السلطة والمخابرات، لأنها تخدم مصالحها وتريد أن تظهر للعالم من أنها سلطة تتلقى الدعم حتى من المعارضة المحسوبة على التيار الإسلامي، المعروف بعدائه الشديد لكل أطروحات الأنظمة... وهذا طبعا سيجلب المتاعب الكثيرة على رأس الإنقلابيين، وهو حل ليس بالسهل خاصة من أن الحركات التصحيحية التي حدثت للأحزاب هي في الأصل من ألاعيب النظام وإسترايتيجته لترويض الأحزاب المتمردة أو القيادات الرافضة لمخططات السلطة، وطبعا أن الحركة التصحيحية الحمسية الآن لن تخدم النظام في ظل زعيمها الذي صار بيدقا لا نظير له، ولا يبحث إلا على مصالحه المادية والشخصية فقط، وهي كثيرة وضخمة في حال رضا النظام الحاكم عليه وتقريبه من دوائر صنع القرار... هذه الحركة التصحيحة سوف تفقد القيادة الحالية تلك الشعبية التي تتغنى بها وسيجعلها قيادة بلا قاعدة وحتى بلا حزب، كما حدث لحركة النهضة من قبل وحركة الإصلاح اليوم لما إنقلبت على زعيمها التاريخي عبدالله جاب الله لأجل عيون النظام الحاكم، وما جر عليها إلا الوبال والإقصاء والفشل، وأين لحبيب آدمي الذي كان عرابا للسلطة وحول من حركة النهضة من حزب معارض إلى شريك في الحكومة؟ !!
- خيار القاعدة الشعبية ويتمثل في الإستقالات الجماعية من الحزب، ومن كل المكاتب المحلية سواء كانت بلدية أو ولائية أو حتى المكتب الوطني إن بقي به الشرفاء ولم تكنسهم مكنسة سلطاني، وهذا طبعا سيجعل القيادة الحالية في مأزق يدفعها للإستجابة لمطالب القاعدة، وطبعا توجد كفاءات همشها سلطاني وتعيش في الظل، وهذا سيمكنها من البروز وقيادة قاطرة الحزب نحو شاطئ النجاة بدل الغرق في الأوحال المتسخة والنتنة كما هي عليه حاليا...
على كل هذه قراءة سريعة للسقوط الذي منيت به حركة "حمس"، ومنيت بها كل الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي، وطبعا السبب الرئيسي أنها تحولت من أحزاب معارضة شرسة من قبل بفضل قيادتها، إلى أحزاب تشبه لحد بعيد بيادق الشطرنج يضعها النظام في الخانة التي يريد، ولكن لا يكافئها سوى برميها في المزابل، أو يعطيها الفتات وهو يترصدها لكمين مرتقب...
إن الإستحقاقات الإنتخابية التي مرت تعتبر بحق دليل قاطع على أن النظام يحتضر وشرعيته على مدار سنوات الإنقلاب والإرهاب والفساد في مهب الريح، وستظل كذلك مادامت المعارضة الحقيقية التي تستمد شرعيتها من عمق الشعب الجزائري مقصية كل الإقصاء ومحاصرة مرة بالتعتيم الإعلامي ومرة بالمؤامرات وأخرى بترسانات القوانين الجائرة أو الممنوعات المختلفة أو حتى بالنفي والمنع من العودة كما يحدث مثلا مع حركة رشاد الجزائرية... ولنا عودة أكثر تفصيلا لقاذورات حمس وعصاباتها، وفضائح النظام الجزائري التي لا تزول حتى بزواله، إلا بتغيير جذري للتركيبة الفكرية والسياسية والإجتماعية للجزائر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله