الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعاً راسم الجميلي

هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)

2007 / 12 / 3
سيرة ذاتية


بهدوء تام وبعيداً عن الوطن المضرج بدماء أبناءه والذي يرزح تحت طائلة الارهاب والفساد السياسي ! أسلم روحه الطيبة المرحة الى رب السماوات والارض ، بعد ان أجبرته الظروف القاهرة داخل العراق الى تركه والذهاب الى سوريا . انه الفنان العراقي راسم الجميلي احد الرواد المجددين في الفن العراقي والذي لم يتحمل قلبه أعباء الغربة ومرارتها فظل يكابر من الابتعاد عن مدينته التي احبها وعشقها بشكل خرافي ( بغداد ) ، تلك العاصمة التي انجبت الادباء والفنانيين على مرّ العصور والازمان . والراحل راسم الجميلي في سنواته الاخيرة التي اجبر فيها على مغادرة العراق باحثاً عن ملاذ آمن في لجة الاقتتال الطائفي وعصابات القاعدة التي بدأت تنسحق بهزائمها التي توالت من مدينة الى اخرى من مدن العراق ، شأنه شأن غالبية الفنانين والادباء العراقيين الذين اضطروا لمغادرة البلاد ، إلا انهم لم يحضوا بالاهتمام خارج الوطن الامر الذي جعلهم يعيشون أياماً صعبة داخل دول الجوار العراقي التي اعتاشت على مآسي العراقيين في السنوات الاخيرة إضافة الى المعاملات السيئة التي كانوا يتلقونها من لدن تلك الدول !

فلا غرابة في هذا الزمن ان يحتضر الفنان العراقي في أرض الغربة بينما قلبه وروحه مشدودة بألم وحسرة الى العراق .

استطاع راسم الجميلي الذي عرف بأسم ( أبو ضوية ) منذ بداياته الاولى أن يجسد الشخصية البغدادية المرحة على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي كان يمّر بها المواطن البغدادي آنذاك ، ونجح ليكون كذلك ، فيما أصبح ذاكرة عراقية بحد ذاتها داخل البيت العراقي الفقير والغني على حد سواء ، وخلال مسيرته الفنية الطويلة التي قاربت على النصف قرن من الزمان لم نسمع أن راسم الجميلي قد مجد أو طبل أو تقرب من الطغاة الذين تعاقبوا على حكم العراق وبخاصة ذلك النظام الدكتاتوري الذي ذهب الى مزبلة التاريخ بطريقة اكثر من مذلة ومهينة ، كما فعل بعض الفنانين الذين اخلصوا لتك الانظمة ! لقد أخلص هذا الفنان لفنه وشعبه ووطنه بطريقة جسد فيها حبه الكبير للعراق ولهذا فلم يسجل على هذا الفنان المبدع أية نقطة سلبية في هذا الاتجاه .

لم تنسَ الذاكرة العراقية تلك النخبة المميزة في تاريخ الفن العراقي الذين أسهموا اسهاماً فاعلاً في ترسيخ مبادئه الحقيقية التي تم تشييدها على الاخلاص للفن وحده ، فكان راسم الجميل من بين هؤلاء الذين تجمعوا في مسلسل لا يمكن للذاكرة العراقية ان تنساه الا وهو ( تحت موسى الحلاق ) فكان سليم البصري وخليل الرفاعي وراسم الجميلي الذين غادرونا الواحد تلو الاخر علامة مضيئة بتاريخ الفن العراقي .

قد يكون الانفراج الأمني المتأخر الذي عم العراق في الشهور الاخير من هذا العام يساعد على عودة المبدع العراقي الذي يعاني من مرارات الغربة المذلة ، ولكي يعود الى وطنه وأهله وشعبه فعلى الحكومة العراقية ان تقاتل وبقوة جموع الظلاميين من الاسلاميين الذين يعتبرون الفن والابداع من المظاهر التي تسيء للاسلام ، وبتلك الحجج الخبيثة استطاعت هذه الثلل الظلامية ان تقتص من الفنان والمبدع العراقي وتقتله بطريقة اكثر من همجية ..

ولكي لا تفضي الامور بأدبائنا وفنانينا الى موتهم خارج الوطن كما حدث قبل يومين بالنسبة للفنان الرائد راسم الجميلي ، كان من المفروض ان يخرج العراقيون الى شوارع بغداد لتوديع جثمان الجميلة وبطريقة مهيبة كونه أعطى من فنه وأبداعه الشيء الكثير ليدخل الفرحة والسرور الى كل بيت عراقي ومنذ عشرات السنين ، إلا ان المؤلم بالامر فقد اذيع خبر وفاته بطريقة سريعة عبر وسائل الاعلام العرقية !!!

لا يسعنا إلا من خلال الصحافة أن نقول الى أبو ضوية ، الفنان راسم الجميل وداعاً ايها العراقي البغدادي النجيب ونحن نودعك من غربتنا الى غربتك ، بينما الوطن العراق ينتظر عودة رفات مبدعيه !!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30