الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو شراكة مجتمعية

وليد الفضلي

2007 / 12 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


إن الحاجة إلى مراجعة شكل ومضمون العلاقة بين مكونات المجتمع المختلفة هي أكثر إلحاحاً اليوم من أي وقت مضى، وذلك نتيجة لتنامي حال القلق والخوف من أن تنقلب الآراء المتعددة، والاختلافية في المجتمع الواحد إلى ميدان للصراعات والنزاعات العنيفة على اختلافها.. من سياسية وعرقية وطائفية ومذهبية وقبلية.. الخ.. وهو الوضع أو صورة الوضع المتوتر والمؤلم كما تعكسها مرايا بعض دول الجوار.. علاوة طبعاً على مذكيات أخرى تتمثل في عظم التحديات التي تفرضها علينا الحقبة العولمية بتداعيات هجمات مصالحها كافة والتي تتقدم ،لا بل تتجاوز مصالح دول المنطقة بعامة.

لذلك نستشعر أهمية تآلف إرادة قوى المجتمع وتوحيد مصالحها وبنية آرائها لصوغ مشروع الشراكة المجتمعية الذي يستهدف ربط مصالح الجماعات وتراكم الجهود الإنمائية المتناثرة، وخلق حالة من التوافق الوطني تجاه تحديات المرحلة التي تهدد المجتمع والدولة. وكذلك الحد من التوترات والاحتقانات المتكررة الناتجة في أغلب الأحيان عن الجهل بالآخر وانعدام الثقة بخياراته.. بالاضافة إلى سعي «الآخر» او «النحن» إلى السمو القيمي والأخلاقي بوجه عام.

لعل الطريق إلى تحقيق الشراكة يمر بالتعرف إلى الذات وموقع الآخر منها، فالآخر شرط لتحقيق وجود الذات كما يقول جان بول ساتر «أنا في حاجة إلى الآخر لأكون ما أنا عليه». وايضا الآخر هو مكمل لأبعاد فهمنا للواقع والمجتمع كما ينطق بذلك جيل دولوز «ان الآخر ليس هو ذلك الموضوع المرئي،.. ان الآخر بنية الحقل الادراكي، كما انه نظام من التفاعلات بين الأفراد كأغيار. فحين تدرك الذات شيئاً ما، فانها لا تستطيع ان تحيط به في كليته الا من خلال الآخرين، فالآخر هو الذي يتمم إدراكي للأشياء».

حقيقة الفوضى السلبية

ولكن الا يؤدي هذا التنوع والتعدد في الآراء والمعتقدات في مجتمع ما إلى حالة من الفوضى تهدد نسيجه العام وتحوله إلى ميدان للتشاحن قد يتطور إلى مستوى من الصدام العنيف والشر المستطير؟

ان هذا التساؤل الملغوم يثير مخاوف الكثيرين في المجتمع .. وعليه لا يمكننا هنا الا ان نجانب الحقيقة، فالاختلاف امر واقع ومظهر طبيعي من مظاهر حياة الانسان والمجتمعات وعلى مر العصور ..والحقيقة انه من الصعب ان «تتطابق» الآراء والمعتقدات في المجتمع الا في ظل الانظمة الشمولية والديكتاتورية التي لا تراعي قيم حقوق الانسان في التعبير وحرية النقض والنقد..

في حين يصعب تحقيق التنوع والتعدد المنشود ما لم تكن هنالك مرجعية معيارية متمثلة بالدستور والقانون تحتكم اليها كل قوى المجتمع الواحد لتنظم حرية الرأي والتعبير على تناقضاتها في وحدة نسيجيةتكاملية تفضي بالضرورة إلى درب التنوير والنهوض بمشروع تحديث الدولة وتطوير المجتمع.

واستدرك فأقول ان حقيقة الفوضى السلبية واستخدام العنف كوسيلة بديلة لاي حوار تنجم عن الفشل في تمثل وتجسيد مشروعات الشراكة والتعددية وقبول الآخر.. وعن استبداد فئة معينة برأيها ومعتقداتها على حساب باقي مكونات المجتمع، اضافة إلى تجاهل لوينات وخصوصيات كل فئة واحترامها ....طبعا من ضمن تكريس مبدأ سيادة المواطنة وتغليبه على ماعداه.

مشروعات الشراكة في المجتمع ليست مجرد افكار على ورق الأماني، فينبغي ان يكون هناك استراتيجية عمل سياسي مجرية وذات خبرة عريقة للوصول إلى هذه الشراكة، وعلى قاعدة مبدأ الحوار كخيار مفتوح لحل كل القضايا العالقة وفي سائر المجالات وخصوصاً الحساسة منها والتي تشكل او يمكن ان تشكل مواضع خلافية بين الناس،

وينبغي ان نرسخ مفاعيل هذه الاستراتيجية عبر تحويلها إلى برامج عملية واداتية، خصوصاً في مجالات التربية والاعلام والاجتماع والسياسة، كما تقع المسؤولية الأهم هنا على عاتق النخب الفكرية والثقافية.

في المحصلة ينبغي في مجتمعات كمجتمعاتنا عربياً واسلامياً ان نعمل جميعاً على تغليب علاقة المشاركة والانتماء وتجنب كل علاقات الاختلاف والتعارض.

ان هياكل الدلالة التي تقع تحت الاختلافات السطحية الظاهرية للبشر لايمكن ان تنتج الا السلب.. بينما الاختلاف في الآراء، وحتى الانقسام الايجابي في العمق حولها ، وفي ظل دولة ترعى الحقوق وتحترم القوانين والتشريعات وتحمي الحريات الخاصة والعامة يمكن ان يكون..لا بل هو .. عنصر غنىً وتجدد وتغير وتقدم حقيقي وملموس للشعوب والمجتمعات.

مجتمع الشراكة المجتمعية في حال تحقق كما يجب يزيد من منعة الشعب والدولة على السواء.. ويرد عنها وعن الشعب أخطار الخارج وعاديات الزمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات متواصلة في جامعات أوروبية للمطالبة بوقف إطلاق النار


.. هجوم رفح.. شحنة قنابل أميركية معلّقة | #الظهيرة




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الغربي شمالي إسرائي


.. فصائل فلسطينية تؤكد أنها لن تقبل من أي جهة كانت فرض أي وصاية




.. المواطن الفلسطيني ممدوح يعيد ترميم منزله المدمر في الشجاعية