الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد تعود ثانية

علي الانباري

2007 / 12 / 5
الادب والفن



في شهر كانون اول من عام 2006 كانت آخر زيارة لي الى بغداد..حدثت بعدها احداث وفظائع
جعلت مجرد التفكير في الوصول الى بغداد ضربا من الجنون او الانتحار الاختياري فهناك عوائق

الطريق بين مدينة الرمادي _ حيث اقيم _ والعاصمة بغداد - فالسيطرات الوهمية تظهر على قارعة
الطريق ولا يدري المسافر كيف يتصرف معها فالسؤال التقليدي اين هويتك؟ يجعل الفرائص ترتعد
لا سيما والمئات بل الالاف ذهبوا غدرا نتيجة لهذا السؤال الذي يبدو بريئا من الخارج لكنه يحمل في
طياته الموت والدمار فاصحاب السيطرات الوهمية مجهولو الهوية تماما وهذا ما يثير الرعب في النفوس
ومما يزيد الامر تعقيدا أن القائمين بهذا السلوك يرتدون ملابس الشرطة او الحرس ويستخدمون سيارات
رسمية كما تبدو للعيان .
اما بغداد نفسها فهي مسرح لمن هب ودب لا يكاد الانسان يميز الامور بشكل صحيح . سيطرات شرطة
وحرس تملأ الشوارع .. قوات امريكية تجوب بدورياتها المدينة طولا وعرضا .. سيارات مدنية مليئة
بالمسلحين يطلقون النار في الشوارع بغية فسح المجال لهم بالمرور . حواجز كونكريتية تبتلع ثلاثة ارباع
الشارع تاركة ربعا لمرور السيارات باتجاهين ..سيارات مفخخة..عبوات ناسفة..احزمة ناسفة . فوضى عارمة
حتى ليبرز سؤال في ذهن المراقب اهذه بغداد حقا ام مدينة يزورها اول مرة ؟
اما الرمادي فكانت في الفترة تلك تعيش آخر ايام اضطرابها فالهدوء بدأ يعود الى المدينة بعد تاسيس مجالس
الصحوة وشعور ابناء المدينة أنهم على شفا حفرة من الخراب والدمار على ايدي المسلحين الذين اوهموهم بأنهم
جاءوا لتحريرهم من الاحتلال وانهم سوف يقيمون دولتهم الاسلامية الموعودة وكانت النتيجة التي يعرفها الجميع
تدمير المدينة وقتل ابنائها بذرائع انكشف زيفها وبطلانها بعد حين من الزمن . فتشكلت الشرطة التي ابلت بلاء
حسنا في تحرير مدينتهم شبرا شبرا من براثن هؤلاء القتلة ودفعوا ثمنا باهضا من اجل اعادة الامور الى نصابها
في يوم 1_ 12_ 2007 وبعد مرور آخر زيارة لي الى بغداد قررت الذهاب الى عاصمتي الجميلة وزيادة في
تحدي ذاتي التي تركن احيانا الى الدعة او الخوف ..قررت الذهاب بسيارتي الخاصة التي تحمل لوحة تسجيل
- الانبار- وقد نصحني بعضهم الا اذهب بسيارتي ذات التسجيل المذكور لاني معرض للموت طائفيا كما قالوا
لكنني كابرت وذهبت .. كان الطريق آمنا الى منطقة ابي غريب فدوريات الشرطة تجوب الخط السريع..وبعد الوصول
الى تخوم ابي غريب بدأت الهواجس تنتابني لكنني مضيت في طريقي الى اول سيطرة .. اوقفني القائم على التفتيش
سائلا من اين اتيت؟ قلت بصوت مرتعش حاولت ان اجعله متماسكا... من الرمادي اجابني بابتسامة عريضة اهلا
وسهلا بالانبارواهلها تفضل.. انطلقت والدموع تترقرق في عيني مناجيا نفسي.. هؤلاء هم العراقيون الاصيلون
لا يفرقون بين هذا وذاك .. ولن ينجح اي معول بهدم وحدتهم ومما زاد من تفاؤلي هو اتصال احد اصدقائي من اربيل
موجها الدعوة لي ولعائلتي لزيارة اربيل . وحدث لي ما حدث في السيطرة الاولى على امتداد الطريق الى بغداد..لا
احد يشعرك أن هنالك فجوة بينك وبينه.. وفي بغداد تجولت بين الكرخ والرصافة .. وكانت الامور على ما يرام
ما عدا الازدحام الشديد الناتج عن كثرة السيطرات التي يحس المواطن بانها على كثرتها وما تسبب له من تأخير
هي احدى الروادع الضرورية لمنع الموت الناتج عن التفخيخ الاحمق.
اذن بغداد اصبحت افضل والدليل ان الحياة تعود اليها وتجار الموت يهربون منها او يذبحون بعد ان كانوا يعيثون فيها
فسادا وقتلا وتهجيرا للابرياء من الناس الباحثين عن الحرية والعدل بعيدا عن العنصرية والطائفية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تراث الصحراء الجزائرية الموسيقي مع فرقة -قعدة ديوان بشار-


.. ما هو سرّ نجاح نوال الزغبي ؟ ??




.. -تعتبر مصدر إلهام للكثير من الأعمال-.. أفلام ينصح بها صانع ا


.. أفلام تستحق المتابعة في صباح العربية




.. ترشيحات أفلام قديمة عليك إعادة مشاهدتها