الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أول المرايا - فضاء سردي

غريب عسقلاني

2007 / 12 / 5
الادب والفن



قد يكون الماء الصافي أول مرآة اكتشفها الرجل صدفة, وكانت مرآة الماء أول حالة خداع مارست عليه غواياتها وألعابها في تمويه الحقيقة/ العلاقة بين الاصل والصورة.
في الماء رأى الرجل قمر السماء يستحم، وكأنه سئم من حالته المعلقة في فضاء الكون فتمرد على قدره وهبط إلى حضن الماء، يغتسل ويختلس شيئاً من راحة، وبعضاً من سرور فيغوي من يترصده ويرجمه بالحلم. يحدق الحالم بالماء فيرى وجهه جميلاً، ينسى القمر ويحاور قرينه المائي، يعشقه ويدخل بوابة تملك عليه جوارحه وتخلب لبه ويقع التماهي والتوحد مع الصورة/ الأصل/ الحقيقة المادية، يضربه الاختبار الأول للفطرة عن الفصل بين الصورة والماهية, فيتبع دبيب البدايات ولا يعرف كيف يكون المنتهى.
يلهث السؤال الأول..
من أودع القمر في الماء، وكيف يخرجه؟
تحجب الغيوم قمر السماء فيختفي قمر الماء، تتكاثف الحيرة والعتمة، تسحب الضوء وتوقظ البصيرة، والبصيرة تبصر مالا تراه العين، وتلمس مالا تقبض عليه الحواس، تسترشد بقنديل القلب، تأخذ صاحبها إلى دروب الحقيقة الهاربة هروب الضوء ،هذا المخلوق المراوغ العجيب الخارج عن إطار التجسيد، لا وزن له، ولا حيز يشغله، لا لون ولا رائحة، أشعة تنطلق على شكل ضفيرة ذهبية، هكذا تقول العين خداعاً، والعين مأخوذة بدفء الضفيرة التي تطلق خيوطها، فإن هي لامست سطحاً ليناً مثل الماء تخترقه وتنكسر لتتلاقى وتكون الصورة، وإن هي ارتطمت بسطح صلب ترتد وتنعكس وتشكل الصورة أيضاً.
أما إذا نفدت خلال كائن بلوري شفاف يركبها جنون اللعبة الفريدة، فتنحل وتتحلل إلى ألوان الطيف السبعة، وتميط اللثام عن سر قوس قزح، الذي طالما خلب لب العاشقين والمحبين والمريدين.
هكذا تدربت الحواس، وترجم العقل غوايات الضوء، وتشكيل الصور، فتعرف على لغة المرايا.
ماذا تقول المرايا للرجل؟
وإلى أى مدى تُوَصِِف الأصل وتُشخِص الحالة؟
أسئلة تخدع العين اجاباتها المادية، لكن عين القلب لا تغمض عن التفسير والتأويل، والرجل أجهدته الأسئلة ولم يغفل عن مرآته الأولى التي نشأت معه ومنه، انسلت من ضلعه ليستقيم، ودفعته إلى الغواية ليهبط على الأرض معها ويقيم.
هي المرأة التي تشكلت على صورته، واحتفظت بصورتها، تجاوره ولا تندغم فيه، لأن أصل النشأة كانت الانبثاق وليس الالتصاق، تشاركه ولا تفقد ميزاتها، تحبه، تصادفه، تعشقه، تختلف معه ولا تعاديه، لأن العداء سبيل الفناء، والأصل أن تشكل معه تربة الاخصاب والتكاثر والبقاء، فالمرأة لا تملك طاقة الحقد على الرجل، قدرها أن تشبك معه الاشتباك، والتواصل الجميل..
هي الحالة المتواصلة/ المتصلة.
وهي الإطار وروح الصورة.
وهي زيت قنديل الروح وفتيله.
تعشق الضوء، وتشعُ وتحيّر الرجل، فهي البوابة والمنتهى، وهي السؤال الأول والأخير..
فالمرأة مرآة الرجل الأولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?