الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنابوليس فرصة اسرائيلية ثمينة لمضاعفة جرائمها ضد الفلسطينيين

عماد صلاح الدين

2007 / 12 / 4
القضية الفلسطينية


لم يقتصر الانجاز الإسرائيلي والأمريكي من لقاء انابوليس، على التأكيد على امن دولة الاحتلال ويهوديتها ،وإطلاق مشروع التطبيع مع الدول العربية التي يقال أنها لم تطبع بعد ، وعلى تحقيق الشروط الإسرائيلية في ذلك اللقاء فيما يتعلق بالاتفاق على إطلاق مفاوضات ثنائية من عدم ذكر للقضايا للرئيسية للصراع ولا تحديد سقف زمني يتم خلاله التوصل إلى حل أو اتفاق نهائي ، كما صرح بذلك رئيس وزراء حكومة الاحتلال أيهود أولمرت عندما أشار إلى انه لا يوجد حد زمني بإقامة دولة فلسطينية عام مع نهاية 2008 ،بل إن الانجاز الميداني والعملي للاحتلال من انابوليس كاجتماع دعت إليه الإدارة الأمريكية قبل انعقاده وأثنائه وبعده ،تمثل في زيادة إعطاء جانب الشرعية على جرائم الاحتلال المختلفة ،من اغتيالات واعتقالات واجتياحات وتدمير وتخريب وخنق وحصار،وغيرها من الانتهاكات الصارخة التي تعتبر وفقا للعرف والقانون الدولي جرائم حرب بامتياز .

فمنذ اتخاذ حماس لخطوتها الأمنية في قطاع غزة، في منتصف العام الجاري ،والتي أوضحت أنها اضطرارية في مواجهة إقطاعيات أمنية كان يقوم على الإشراف عليها المنسق الأمريكي دايتون ،والتي يشهد كثير من مراقبين منصفين على أنها كذلك ،اتخذت قيادة السلطة المتواجدة في رام الله كل ذلك سببا وذريعة لإعلان القطيعة النهائية مع حماس ،وان كانت تغطي على ذلك في سياق شروط تعجيزية لا يمكن أن تقبل بحال ،من مثل العودة عن "الانقلاب" وعودة الأمور إلى كانت عليه . واتجهت هذه القيادة في طريقها إلى حد بعيد في التنسيق مع إسرائيل امنيا وادرات الظهر لكل دعوات حوار فلسطينية أو عربية ، بحيث أصبح الحصار والخنق على قطاع غزة مضاعفا ليشمل قطع وتقليص إمدادات الوقود والغاز والغذاء وبالطبع الكهرباء كما في مصادقة المحكمة العليا الاسلرائيلية مؤخرا ،وأما الاغتيال والاجتياح فهو أمر يومي كالمعتاد مع رفع وتيرته بالتأكيد ، وفي الضفة الغربية أصبحت عملية ملاحقة الفلسطينيين وزجهم في السجون وإغلاق وتدمير مؤسساتهم الخيرية والاجتماعية أمرا منسقا تمام التنسيق بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي ، والحجة في كل ذلك محاربة "أعداء الشرعية" ومنع "انقلابهم" مجددا في الضفة الغربية .وأعداء الشرعية هؤلاء تم انتخابهم في انتخابات المجلس التشريعي والمجالس المحلية بالغالبية الساحقة!!.

ومع الدعوة إلى انابوليس ،وبث حديث آمال السلام وتطلعاتها ،رغم أن الأمور واضحة من هكذا دعوة على مستوى الشكل والمضمون: بان لا علاقة لها بأي حل أو تسوية تؤدي إلى تحقيق مطالب الفلسطينيين الدنيا في الدولة المستقلة وضمان حق العودة، بل هو جزء من تكتيك وترتيب أمريكي إسرائيلي يتطلبه مشرعهما المشترك في المنطقة، وبالتحديد في سياق التخطيط والتفكير لمواجهة قادمة تبدأ بغزة وتتدحرج دراماتيكيا حتى تصل لطهران ،وجدت إسرائيل من تهافت قيادة رام الله و(الاعتداليين) العرب على الترحيب بلقاء انابوليس فرصتها للامعان أكثر وأكثر في ملاحقة الفلسطينيين واغتيالهم واعتقالهم وانتهاك حقوقهم الإنسانية وتشديد الحصار عليهم ،لطالما أن هناك تغطية سياسية من قبل بعض الفلسطينيين والرسميين العرب ،إذ لطالما أن الأمر يتعلق بالسلام وجهوده ومحاربة الإرهاب وقمع أدواته ووسائله ،وتحقيق الأمن للكيان المحتل المستهدف من قبل الإرهابيين الفلسطينيين .وهذا ما كانت عليه أوسلو وجاء انابوليس للتأكيد عليه وزيادة هذه المرة .

ومن تابع خطب الافتتاحية لانابوليس وجد أنها فقط تركز على محاربة "الإرهاب" الفلسطيني وعلى ضرورة حفظ امن الاحتلال وشرطه الجديد بالاعتراف ب"يهودية" الدولة ،وبدا كيف هو التناغم بين بوش وأولمرت والرئيس عباس حول واجب القضاء على "الإرهاب" ومحاربة ذرائعه. وبانعقاد انابوليس هذه جاءت مرحلة جديدة ومتطورة عن سابقاتها في شرعنة وتبرير مكافحة المقاومة والنضال الفلسطيني .

وإذا أردنا أن نثبت حقيقة وواقع انتهاز الإسرائيليين لانابوليس وتأييد الرسميين العرب والفلسطينيين له فرصة ثمينة لمضاعفة جرائمها ضد الفلسطينيين ، فما علينا إلا أن نراجع تقارير مؤسسات حقوق الإنسان حول مدى تضاعف تلك الجرائم والانتهاكات بين يدي لقاء انابوليس الذي جرى في 27 11 – 2007 ، وسأستشهد هنا بتقريرين صادرين عن مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان حول الجرائم و الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني لشهر تشرين الثاني من العام الحالي ، ففي تقريرها الشهري لتشرين الثاني والمنشور بتاريخ 1- 12 – 2007 الذي أعده المحامي والباحث أحمد سمير طوباسي من مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان عن عدد الذين تم اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الشهر ، أشار المحامي الطوباسي إلى انه تم اعتقال أكثر من 600 فلسطيني من بينهم ثلاثة أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني . وفي التقرير التالي للتضامن الدولي لشهر تشرين الثاني عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بتاريخ 2-12- 2007،أكد الباحث احمد طوباسي بان 36 شهيدا قد قضوا نحبهم بفعل آلة الحرب الإسرائيلية من بينهم 19 شهيدا قضوا اغتيالا " خارج نطاق القانون "،بالإضافة إلى ما تضمنه التقرير من حديث عن هدم أكثر من ثلاثين منزلا واعتداءات على المقدسات .

وان دلت المعطيات السابقة على شيء، بالنظر إلى حجم ونوع الاعتداءات الواردة في تلك التقارير ،فإنما يدل على مفارقة عجيبة وصارخة ، بين حديث رسميين فلسطينيين وعرب عن انابوليس كفرصة ثمينة لا تنبغي إضاعتها للسلام ، وبين الحقائق الموجودة في الأراضي المحتلة من تفاقم وتيرة الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ،ويكفي أن نشير في هذا الصدد إلى أن مجموع ما تم اغتياله في قطاع غزة من فلسطينيين مع بداية شهر كانون الأول الجاري قد تجاوز أكثر من عشرة شهداء ،بالإضافة إلى اعتقال أكثر من 86 فلسطينيا، نصفهم تم اعتقالهم ليلة أمس 2-12- 2007 ،واعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية 26 مواطنا فلسطينيا في نفس الليلة معظمهم من قرية عقربا شرق مدينة نابلس.

بالفعل إنها مفارقة عجيبة بين حديث فلسطينيين وعرب عن فرص سلام ثمينة ،ويبن ترجمة هذه الفرص إسرائيليا باعتبارها محطات سانحة تجد تغطية فلسطينية وعربية لمضاعفة الاغتيال والاعتقال والاجتياح ضد الشعب الفلسطيني ، وذلك كله تحت بند محاربة "الإرهاب" الفلسطيني.

* باحث فلسطيني في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن