الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعوب الإيرانية و قضيتها الشائكة.

محمود عبدالله

2007 / 12 / 4
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


الوصاية و الخلاص نقيضان لا يجتمعان.


1- الروح الإيرانية و قبضتها على نوافذ التاريخ الثلاث .

الانبعاث الوطني الذي بشّر عن قدومه الرجل العسكري "رضا خان- شاه إيران الأول"- و هو يتحالف مع القوى الوطنية الفارسية مباشرة بعد دخول طهران في 21- مارس 1920 م-1- اسفند 1299 تاريخ إيراني ، يعد الانطلاقة الأولى في تثبيت أيديولوجية الدولة القومية و تدوين مكونات هوية إيران الجديدة بعد سيطرة هذه القوى الوطنية المتشددة، و التي أصبحت مهمتها الأولى التي يجب تنفيذها هي إحياء الروح القومية الفارسية و تجديدها ، والتجديد والإحياء أخذ جانبين –
الأول: سياسي/ عسكري قام شاه إيران الأول"رضا خان"21-1941 و من بعده الشاه الثاني "محمد بهلوي" 41-1979 في فرض ذلك.
الثاني : ما تم التوافق عليه من جانب الدولة و القوى القومية الفارسية أن تكون إيران – ثقافياَ و سياسياَ ماضياَ و حاضراَ و في المستقبل فارسية - تشكلها هوية واحدة وهي الفارسية- وهذا التوافق و الإجماع يرفض و يمِانع أي حضور و مشاركة رسمية ثقافية و سياسية لأبناء الشعوب الأخرى ، و تحول هذا الإجماع إلى مبدأ ثابت للدولة و لكل القوى الإيرانية و يلتزم فيه الجميع، وهذا الالتزام بالروح القومية ، أو ما يسمى في الخطاب الفارسي"عرق ملى- "، أصبح من أهم مكونات كل التيارات التي تصنف إلى أربعة.
أولا:التيار القومي الليبرالي الذي ضم ملكم خان و تقي زاده، وبعدهما محمد مصدق .
الثاني: التيار القومي المتشدد- الذي ضم ميرزا خان كرماني، آخوند زاده، و هو الذي حكم وغلبت أفكاره في العهد البهلوي و إلى اليوم .
التيار الثالث: الذي دمج القومية في الدين - حسن مدرس ، كاشاني، طالقاني، الحركة الوطنية و الخميني.
التيار الرابع: اليسار الإيراني رغم شعاره الأممي"انترناسيوناليستي"، كمنظمة فدائي خلق.
أصبح هذا الالتزام هو المقياس الأساس في تعريف هوية إيران، و هو مقياس خطير جداَ،لأنه أصبح أهم من دستور الدولة حيث الدساتير تتغير(كما تغير دستور إيران عام 1980 – لكن هذا المقياس لم يمس) و هو مقدس أكثر من العقيدة الدينية- و الأولوية دائما ما تكون له . و لا يمكن المساس بهذا المقياس و تغييره بأي شكل من الأشكال حتى عند ما يأتي مقياس الاختيار و تحديد المصلحة، و كثيرة الأحداث التي أكدت على هذا الأمر،و لتأكيد أن الروح القومية لها الأولوية في إيران نأخذ حدثين فقط من التاريخ و من تجربة الثورة الإيرانية عام 1979- تحديداَ .
أولا: عند ما تم التخلي عن أصول العقيدة الإسلامية و منها العدالة و المساواة لصالح الروح القومية الإيرانية- و التخلي هذا جاء في ذلك القرار المعروف الذي صدر من زعماء الثورة الدينية بأن مطالب الشعوب في تطبيق العدالة و المساواة و إن هي مطالب لا تعارض أصول العقيدة الإسلامية و الشيعية تحديداَ لكن بما أنها تعارض و تناقض مقصد "الروح الإيرانية" تم الرفض لها و تصفية المطالبين بها عام 1980.
ثانياً: ما حصل من تداولات و مناقشات لمسودة دستور إيران الجديد- و تحديداَ ما حصل للمادة (19) الفصل الثالث- حقوق الأمة(حقوق ملت)- في التصديق النهائي عليها الجلسة 27 مجلس خبركان- الخبراء من حذف لما جاء في المسودة الأولى من ذكر القوميات في الاسم :" في جمهورية إيران الإسلامية كل الأقوام الفرس، الترك، الكورد، العرب، البلوج، التركمن،و أمثالهم متساوون في الحقوق لا امتياز لأحد على آخر إلا في التقوى (1).
إيران بلد تطرح فيه كثير من الرؤى و القراءات النقدية المختلفة من جانب القوى الوطنية الإيرانية، ومنها نقد نال العقيدة الدينية البعض منه عنيف و غير موضوعي عندما تم التركيز على"الفقه" أكثر من باقي محاور الفكر الديني الأخرى لارتباطها بالفكر القومي الفارسي القديم خاصة. أما المقصد القومي بقى هو الاستثناء الوحيد(الممنوع التفكير به)- و هذا المقصد ليس فقط لا نقد عليه بل الجميع في توافق للدفاع عنه و بقاءه وعدم التخلي عن روحه لا من جانب الدولة ولا من القوى الوطنية، وهذه الروح القومية لا يستثنى منها حتى زعماء الحركة و الثورة الدينية في إيران، و هذا ما أشار إليه أحد أكاديمي و مثقفي إيران الثورة "لا يمكن تجاهل الهوية القومية الإيرانية في حالة الإمام الخميني"(2) .
هذا يدل أن المقصد القومي ليس فقط خص مرحلة الحكم البهلوي و لا الروح القومية يحملها جيل دون آخر ، حيث العهد الجديد لم يشهد ترك و إهمال لهذا المقصد كما هو شأن كثير من المقاصد التي تطرح من جانب الإيرانيين و يحصل اختلاف حولها و تنقسم الآراء بشأنها بل هذا المقصد اختلف وضعه حيث أصبح يحظى بقيمة معنوية ملازمة للثقافة يعتز بها و يدافع عنها الجميع،و قد قبضت هذه القيمة على منافذ التاريخ الثلاثة: الماضي ، الحاضر، المستقبل، والإيرانيون في العهد الجديد لم يقطعوا الجسر القومي بينهم حيث في العهدين عند التدوين و التفكير في قضايا إيران يحتكمون و ينطلقون من نفس الروح لتعميقها و تعزيز قوتها و ثوابتها التي أصبحت سارية المفعول من لحظة رضا خان – شاه إيران الأول حتى زعيم الثورة الخميني الذي حفظ و حمى القيمة من التهديم و التمزيق. وهذا التواصل و الدفاع و عدم الانقطاع لم يبق للشعوب طريقا سوى أن تختار مقصد الكفاح الذي شكل هوية قضيتها،و هو مخرجها مما هي فيه.
2- مقصد القوميات ثقافة الكفاح من أجل الخلاص
محاولات الخلاص الثلاث .
ثقافة الخلاص برزت على شكل هوية لتميز ممارسات و لغة هذه الشعوب و هي لغة و ممارسات تختلف عن لغة و ممارسات الدولة الإيرانية و قواها الوطنية. و ما يميز و يحدد هوية كفاح الشعوب هي ثقافتها التي ليست هجومية بل دفاعية ترفض الوصاية ، و تدافع عن وجودها الإنساني بالدرجة الأولى، الوجود المهدد أثر ما تتعرض له هذه الشعوب من خطر يهدد بقاءها و يمثل هذا الخطر عملية التصفية العرقية – الجغرافية. و للتصدي لهذه العملية كافحت و طالبت و ناضلت بأشكال مختلفة لأجل استعادة حقوقها في العهدين. و تمثل ذلك النضال- في ثلاث محاولات مهمة في تاريخ كفاحها،وهي محاولات لم تنج بها لأسباب كثيرة لا مجال للتطرق لها هنا -
المحاولة الأولى: انطلقت في عام 1941- حيث تحركت و نهضت عندما دخلت جيوش الحلفاء إيران و خلعت رضا بهلوي عن الحكم- و شكل الشعب الكردي بقيادة محمد قاضي جمهورية كردستان في مهاباد،مثلما فعل الشعب الآذري التركي أيضا حيث شكل الجمهورية الديمقراطية بقيادة جعفر بيشه ورى، و شهدت الأهواز حركة مماثلة لاستعادة الحكم على الإقليم . .
المحاولة الثانية: مشاركة الشعوب في التخلص من الحكم البهلوي عام 1979- لكن الثورة الجديدة وقفت بشدة أمام طموحات هذه الشعوب و رفضت منحها أي من حقوقها و مارست العنف و التصفية ضدها خصوصاَ ما حدث للشعب الكردي، والشعب العربي في الأهواز.
المحاولة الثالثة: الدخول عام 1997- في العملية الإصلاحية و رغم حضورها و تأييدها للحركة الإصلاحية التي طرحت شعارها الأول-" إيران لكل الإيرانيين" ، إلا أنها لم تحصد سوى الإهمال و عدم الاعتناء بها .
و القوى الممثلة لهذه الشعوب لا تزال تواصل عملها النضالي منقسمة ما بين "الداخل"، و "الخارج"، و هي الآن في مهب التغيرات حيث في الداخل تواجه (التحريم و كل الأبواب مغلقة أمامها)، سوى بعض نداءات تصدر من دعاة الإصلاح – دعاة دولة المستقبل الديمقراطية التي يسمح بها لأبناء الشعوب ممارسة حريتهم ، و تمنح لهم بعض من حقوقهم، و هي حقوق غير واضحة خصوصاَ و تجارب الماضي جميعاَ أكدت أن هذه الأطروحات تقدم من أجل الخروج من الأزمات ، ولا مجال للوفاء بها و إن كان بالنسبة لشعار الإصلاحيين الأول- أو الشعار الجديد
المطروح" نجات ملى- الإنقاذ الوطني". أما القوى في الخارج تعتمد بالدرجة الأولى في حراكها السياسي على الدعم و التأييد الدوليين لها لتعزيز كفاحها . .
3- أستحالة الوفاق بين الوصاية و الخلاص
جميع المعطيات الموضوعية تأكد أنه لا مجال في أن يجتمع مقصد الدولة الإيرانية ، مع مقصد الشعوب غير الفارسية، و بالتالي استحالة جمع المقصدين و هناك سببين أساسيين وراء تجذر هذه الاستحالة- -
السبب الأول: هذه الشعوب التي تبحث عن الحرية في عصر الدفاع عن الهويات قد تحتاج لهذه الحرية لتصوغ فيها أهدافها وفق إرادتها. و هي في هذا تمارس حقها الطبيعي في اختيار ما يتناسب مع تكوين كل شعب من هذه الشعوب وفق ثقافته و رؤيته السياسية و طموحاته في التغيير. و هذا أساس الصراع حيث يعد هذا دفاعاَ من جانب الشعوب فهي تحافظ على ما تبقى من آثار و رموز تعرف و تثبت هويتها . كما تريد أن تثبت أن إيران جغرافياَ و ثقافياَ لا في الماضي و لا في الحاضر و لا في المستقبل لم تكن للفرس فقط و يجب فك قبضة الفرس عن منافذ التاريخ الثلاث .
السبب الثاني: نهج الدولة الإيرانية الذي لم تتزحزح عنه، و هو سلب و مصادرة حرية القرار و الاختيار من الشعوب غير الفارسية- و تنفذ هذا النهج بأسلوب هجومي القصد منه في النهاية مسح كل ما يثبت و يدل على هوية هذه الشعوب،و بالتالي اختلاف الطرفين يكونان في الخطاب والطموح .

المصدر.
1- مجله اطلاعات سياسى- اقتصادى-شماره 142/ 141- خرداد و تير- ص 32-سال 1378- محسن خليلى . .
2- صادق زيبا كلام- مركز الدراسات الاستراتجية الأهرام – مختارات إيرانية- العدد21-السنة الثانية –ص22.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسير مجريات محاكمة ترامب نحو التبرئة أم الإدانة؟ | #أميرك


.. هل أصبح بايدن عبئا على الحزب الديمقراطي؟ | #أميركا_اليوم




.. مسؤولون أمريكيون: نشعر باليأس من نتنياهو والحوار معه تكتيكي


.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟ ولماذا يفضلها ا




.. سرايا القدس تبث صورا لتفجير مقاوميها بكتيبة طوباس سيارة مفخخ