الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حال الدنيا : اكذوبة حرية التعبير

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2007 / 12 / 4
الصحافة والاعلام


حُرية التعبير..كذبة لا تصلح لتخدير المولعين بها في كل زمن.. زمن البطولات او زمن التخاذلات.
وكما يقول روسو: (ان الانسان يولد حراً، لكنه مكبل بالاغلال).
و.. اصابعنا.. مشدودة نوعا ما، وحناجرنا خافتة.. ومشكلتنا، ليست مشكلة حكومات فقط، وانما اولئك الذين ينصبون انفسهم قضاة وجلادين في آن واحد..
ثمة قلق وخوف من جهات مجهولة لا نعرفها، من شتى الالوان والاصناف، قد تقوم اية واحدة منها بمصادرة قلم برصاصة اذا خط القلم كلمة استفزتها او اثارت حفيظتها او لم تتفق مع افكارها وتوجهاتها..
في عراق التغيير الذي طبل له الكثيرون، وحلموا وتمادوا في احلامهم، تصور البعض انه يستطيع التكلم، كما يشاء ولمن يشاء عما يدور في ذهنه من افكار حتى لو تقاطعت مع اعلى رأس في السلطة، بيد ان الحقيقة اننا نصبنا، بانفسنا، رقيباً داخلياً على افواهنا كي لا نختم كلماتنا الغالية برصاصة رخيصة!!
وعليه، فان مخاوفنا تحاصرنا من ان نرتكب حماقة التفوه بافكارنا السرية (الجامحة) امام الاخرين الذين يكون من بينهم وشاة يعملون لمصلحة اطراف متعددة وليس طرفاً واحداً معلوماً.. وتلك هي الكارثة، اذ لو كان القمع وتكميم الافواه يمارس من جهة واحدة كأن تكون الحكومة او حزباً واحداً، فذلك اهون الشرين، لأننا نعرف، وقتذاك، من الذي يهدد افواهنا بالخرس، بيد ان المعضلة تكمن في (التعددية التسلطية) على شفاهنا واقلامنا.. وتلك تعددية تجعلنا ليس بين نارين وانما نيران متعددة، فان تكلمت بكذا غضب طرف ما عليك وأرداك برصاصة، وان تكلمت عن كذا استشاط طرف ثانٍ غيظا وأراك المرّ قبل ان يذبحك، وان قلت كذا وكذا، فياويلك من طرف ثالث.. وهكذا دواليك.
ان الحرية وهمٌ حينما تكون هناك سلطة ديكتاتورية واحدة، فأي تعريف اكبر من الوهم يصلح لها حينما تكون الديمقراطية تعبيراً عن دكتاتوريات متعددة!!
فان اكون حراً.. يعني ان اقول ما ارغب في الجهر به وما يعبر عن مشاعري ومشاعر الناس وآلامهم وما يشخص الخلل والزلل، أياً كانا، في الدولة وغير الدولة.. في الحكومة وغير الحكومة.. في الاحزاب وغير الاحزاب.
وان اكون حراً، فذلك يعني ان لا تكون حريتي مقننة، ولساني مختوماً بتعليمات مسبقة حيث يدرك متى يتكلم، ومتى يهمس، ومتى يتمتم، ومتى يُتأتئ، ومتى يتحفظ، ومتى يخرس..
اذن، نحن صريحون.. لكننا لسنا صريحين تماماً.. علمتنا تجارب الحياة والكتابة ان نقول اشياءً واشياء.. من غير ان نقول كل شيء، وتلك هي المأساة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود إيجاد -بديل- لحماس في غزة.. إلى أين وصلت؟| المسائية


.. السباق الرئاسي الأميركي.. تاريخ المناظرات منذ عام 1960




.. مع اشتعال جبهة الشمال.. إلى أين سيصل التصعيد بين حزب الله وإ


.. سرايا القدس: استهداف التمركزات الإسرائيلية في محيط معبر رفح




.. اندلاع حريق قرب قاعدة عوفريت الإسرائيلية في القدس