الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


8 قصائد

نصيف الناصري

2007 / 12 / 5
الادب والفن




لوازم الخياطة

حالماً في رحلة طويلة الى ايثاكا
أنهضُ وانزلق على العشب اللزج لرغباتي التي تغوص في السأم
حياتي مسمّرة هنا في طينها وصخرتها الفارغة .
ندف الثلج الكثيفة تهطل على المدينة منذ الليلة الفائتة
أود الآن أن أشرب الجن لكن الوقت مبكر
واليوم ليس يوم عطلة
ما يزيد النفس انقباضاً في هذه اللحظة الشريرة
هو مشاركتي زوجتي في البحث عن لوازم الخياطة .
هل تريد أن تخيط لي كفني ؟
صوت ماريا كالاس الذي يأتي من المطبخ
ويذكرني بمأساتها
ينبأني أن كفني سيكون جاهزاً الليلة .
ليس لي الآن سوى مواصلة الحلم والسفر بعيداً
في الأقفاص المتعددة للرغبات .

رغم كل ما فعلته وما سأفعله من أجل علوّها وديمومة قناديلها
تبقى لوازم خياطتها الحاجز العالي الذي يفصلني
عن الوصول الى ايثاكا .

4 / 12 / 2007 مالمو


آدم العتيق

أنا آدم العتيق
فقدتُ عقيق ايماني وأزحت فكرة إلهي
أحيا الآن في غابات الاسمنت بلا أوهام أو حلم
يعينني على النوم في دغل ضفة ما .
هل كانت فكرة اختراع البشرية للآلهة نبيلة للغاية ؟
لكن أرض الآلهة محفرّة ومسخّمة مثل أرض محنتنا
لا مرح ولا فضيلة عند آلهتنا التي اخترعناها على شاكلتنا .
في الصيف الماضي
رأيت بوذا في الهند ببنيته الضعيفة كأنه رجل مصاب بالسل
وفي الصين وتايلند رأيته ضخم الجثة كأنه عامل في مطعم
وفي فيتنام كانت للسيد المسيح عيون صغيرة كعيون الناس
في المصانع والأرياف .
لماذا السيد المسيح أشقر في اوروبا ؟
أنا آدم العتيق
ما أحتاجه الآن بعد أن حررتُ نفسي بفقداني ليقين ثابت .
فكرة تافهة
اشارة غامضة الى وهم يشدّني الى ميزان شيخوختي .
ترنيمة ماكرة أعمّق في ترديدها تفاهة وجودي على هذه
الأرض المليئة بالعظام النخرة .

15 / 11 / 2007 مالمو

التنهدات الخفيضة لانسان الخليقة

يسابقُ الانسان في فتوته وهرمه الظلال العالية والسريعة
للزمن ، من أجل الوصول الى النبيذ الأحمر للهاوية
لكن نغمة الزمن المتقرحة التي تتآكلنا في كل آنٍ
باقية على حالها منذ الأزل .
نحفر دائماً قبورنا وسط هذه الرتابة المتكررة لطبعات الحياة
ونأملُ في صرخة جديدة تنبثقُ من شجرة ما
أو أعطية رحيمة من الآلهة نرفعُ لها صلواتنا المريضة
وننادي : { تتبدلُ أطوار حيواتنا مليارات المرات
ولم تتبدل النغمة العتيقة للزمن في رمال الخليقة } .

التنهدات الخفيضة للانسان
بحاجة الى حنوّك أيها الموت الجميل .

15 / 11 / 2007 مالمو

نشيد ضعفي ورفعتي

هل لي من أجل نسيان ماضي حياتي المدّمى
أن أنهض من خرائب نومي المهتزة في الفجر
وأتلو نشيد ضعفي ورفعتي أمام الطوفان الجامد للحركة ؟
أيام حياتي مريرة في الليل والنهار
وأحلام يقظتي أشجار محطمة في الجحيم .

15 / 11 / 2007 مالمو


شاعر عراقي

يوماً ما سأعودُ الى دفء الهيكل العظمي لبغداد
وأتجولُ تحت النبضات المتراصة لساعاتها المحفرّة .
لا شمس عندي هنا ولا أشرعة
لا باب ولا سياج
ووميض حجارة الرصيف الغريبة يسخر منّي .
عيناي تتهدلان
وحياتي تتجمّدُ مثل نهر في أغنية حزينة .
أود الخلاص من هذا الجحيم والرحيل الى جحيم آخر
لكن الى أين ؟
احساسي بالشيخوخة يحتم عليّ أن أرضى بما أنا فيه
لا شيء عندي في الثلاجة
وكيس التبغ يوشك على الانتهاء
وديوني تتراكم مثل كتل الجليد .
أنا لاجىء أعيش هنا على مساعدة الضمان الاجتماعي
سوق العمل مغلق بوجهي منذ 9 سنوات
افلاسي في { مالمو } مثل ضوء الحباحب
معتاد أنا على الجوع والافلاس منذ بدء الخليقة
اليوم الذي أكتب فيه قصيدة ، تتطاير عبره الأضواء والعطور
وأولد ولادة جديدة .
هل يمكنني أن أعمل في يوم ما زبّالاً في الشوارع
أو حدائق البلدية ؟
مهنتي في جواز سفري العراقي : شاعر .

28 / 11 / 2007 مالمو


مرثية الى كزار حنتوش

تنفسات الجذور في ليل قبرك الساهر تحت الأشعة البنفسجية للزمان
توقظُ النائم في برد المنفى
نسكن الآن في ضوء اسمك وشفاعتك المرجوّة
ونلعن القتلة الذين ساهموا في موتك المبكر
سلام عليك في هذه السنوات التي يُقتل فيها الشعراء
وسلام على كلمتك الصدّاحة في خراب العراق .
أتذكرك يا كزار حنتوش
يا من تحول جسدك الى كلمة
بملابسك المجعدة وفروة رأسك الشبيهة بغيمة معطرة وكريمة
ها أنا أعدّ أيامي هنا وأحلم في العودة الى قبرك
لأستمد منك القوة والرفعة وأحنو على الظلام في الطبيعة
باب الحياة موصد الآن بعدك يا حبيبي
والغابات العراقية يملأها حفيف جزمات المارينز .
عيناك الصفراوان
قمر العراق وشمسه .

29 / 11 / 2007 مالمو


نفاية الصقور في صيف الغابة

وجهان للحياة
وجه طفل معمور باللذة والسرور
ووجه عجوز تتعثر في تخدداته أصوات الألم والأسى والفقدان .
علينا أن نخلق وننتزع الغبطات القليلة ونحياها
بعيداً عن السأم ، بكامل البهاء .
ما يهمنا في الدروب المظلمة ، ليس القناديل
بل اللحظات ونبضاتها الشفيفة في الزمان الذي يدحرج
الصخور الصلدة في ممرات نزهاتنا المتعثرة .
في بحثنا عن علامات من أجل الوصول الى أرض الأحلام
يصادفنا أولئك الحمقى الذين يطمحون الى الخلود المزعوم .
لماذا يتناسى هؤلاء في صراعهم الطويل مع الفناء
انهم نفاية تركتها الصقور في أشجار
الغابة الحارة لصيف الوجود ؟

10 / 11 / 2007 مالمو

أشياء ما بعد الموت
Till Anna Eriksson

دَنت نهايتي
ونهايتي في كل آنٍ دانية .
تخشى زوجتي هجراني لها والعودة الى العراق
أقولُ لها : { أعشقكِ يا امرأة معطاءة ولا أبدلكِ
بكل ذخائر ونفائس وفراديس العالم } .
ملكتني وتريد بعد موتي أن تحرق جثماني وتذريه
في قناديل الأنهار السويدية .
أجمل أفعالها انها تحيا يومها بذاكرة جديدة .
تستمع الى الموسيقى ليل نهار
وتشاركني وضيوفي الشراب
وتقوم برحلات الى بلدان غريبة وبعيدة
مطبخها يشعُ بأضواء البهارات المغربية والهندية والمكسيكية .
تقول لي : { أفضل افصاح لصدّ رياح
الوحشة والضجر في الحياة ، يكمن في مواصلة
الحصاد الطويل بحقول الجنس } .

عطل الذهن عن مخاريق وأشياء ما بعد الموت
نعمة عظيمة .

10 / 11 / 2007 مالمو

* شاعر من العراق يقيم في السويد

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال


.. عبد الوهاب الدوكالي يحكي لصباح العربية عن قصة صداقته بالفنان




.. -مقابلة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ-.. بداية مشوار الفنان المغ