الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقترحات للحد من ظاهرة حمل السلاح /في الحالة اليمنية

حافظ سيف فاضل

2003 / 11 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


على عادة المواطنين, كثرة التذمر وتوجيه اللوم والنقد تجاه الحكومة بسبب تقصيرها في المهام المنوطة بها, وما اسهل التذمر والادانة -ولاشك مع المواطن كل الحق- كون ان المواطن ليس من مهامه معالجة الاوضاع بل انه من صميم مهام المسؤل الحكومي او القيادي في الدولة. ولكن لم يفكر احد عند توجيه النقد ان يتبعه في المقابل بعض الرتوش اوالخطوط لملامح حلول وبدائل او المشاركة في المقترحات التي تخدم الصالح العام. نتحدث كثيرا عن ظاهرة حمل السلاح في المجتمع اليمني ومدى خطورتها في عدم استتباب الامن ومظهرها المخالف والخادش للحضارة ومظهر الرجل الراقي. كنت يوما راكبا "دباب" أي "ميني باص" اجرة على امتداد شارع "حدة" حتى تقاطعه مع شارع "الزبيري" وكان من ضمن الراكبين شاب وزميل له من منطقة مأرب وكان يعتمر بندقية بطوله بادرنا بالحديث عن الاوضاع في البلاد وسوء المعيشة واوعز الاسباب ان "حكومة صنعاء" تنهب نفط "مأرب" كون مخزون النفط فقط يعود لابناء مأرب وانه للتو قادم من هناك ويبحث عن مشكلة أو رهينة او ماشابة ويصر معتقدا انه لو سلب شئ ما في العاصمة سيكون من حال قيمة الدين المستحق على صنعاء تجاه مأرب. ونزلا دون ان يسددا مبلغ التوصيلة ويبدو ان هذا السلوك من حال "قائمة الديون" قد وقعت على رأس "مالك الدباب" كبداية واستفتاح وقد ظل المسكين ملتزما الصمت عن طلب الاجرة ضاربا كفا بكف.                                                                
  ومن هنا نرى ان مسالة حمل السلاح سهلة وميسرة  في شوارع العاصمة الرئيسية. ايضا في شارع "حدة" وفي عز الظهر هجم اشخاص مسلحون على سيارة صالون متوقفة- بغرض السرقة كما علمنا فيما بعد- وفيها مالك السيارة وعائلته -عيانا جهارا- وكانت ستدار رحى معركة مسلحة بين الاطراف وكنت (وحشد من المارة) قريبن جدا منهم وسرت في طريقي بمحاذاتهم وقد تحلقوا جميعا شاهرين اسلحتهم -لولا رحمة الله- ولى المهاجمون فرارا بسيارة جيب " مقفصة " وهم يطلقون اعيرة نارية في الهواء لكي يفسحوا المجال للهرب في زحمة السير ساعة الظهرية. لم ارى عملية كهذه في حياتي بشكل حي وعلى الهواء مباشرة الا في الافلام السينمائية او من خلال زياراتي لليمن. لايدري الفرد متى "تقرح" او تنفجر هنا او هناك!!. وذات مرة رأينا مجموعة مسلحة تنزل من سيارة مهرعة نحو ارضية.. ومشاكل الاراضي والبسط عليها او الدفاع عنها لاحصر لها وقد تنفرد اليمن عن بلدان العالم عدا-الصومال- بمسالة حماية المواطن لحقوقه واملاكه بساعد اليد الذاتية وقوة السلاح, وليس بقوة القانون ورجاله. والامثلة كثيرة, تقريبا لايوجد مواطن الا وشاهد او سمع احداثا هنا وهناك من فيض الاخلالات الامنية. بداية لابد ان (نعترف) وعلى المستوى الرسمي الحكومي ان هناك ازمة امنية متفاقمة بسبب انتشار السلاح, ولاطائل اوفائدة من تغليف الازمة بهالة شعاراتية قبلية وتراثية ورجولية عقيمة. وبدون قيمة الاعتراف هذه الاساسية لن ندرك اننا واقعون في ازمة جدية حقيقية, والازمة بدأت تتشكل وتتفاقم وتأخذ منحى ايذائي خطير للجيران وخاصة المملكة العربية السعودية التي تعاني من تهريب السلاح من منفذها الحدودي مع اليمن, في حين كانت السعودية من الدول التي يضرب بها المثل الطيب في حياة الامن والامان, اي ان الازمة تعدت حدود الجمهورية اليمنية وان تجاهلها لم يعد يخصنا وحدنا وانما ينطوي تحت مبدأ مكافحة الارهاب الدولي.      لقد ارهقت الصحف المحلية اليمنية كتابة عن موضوع حمل السلاح وظاهرته في المجتمع اليمني ولكن دون جدوى او تفاعل حكومي جاد تجاه هذه الازمة المشتعلة والحد من استفحالها. وارتأيت ان يكون هذا المقال محاولة ان يأتي بجديد في هذا الموضوع على مبدأ أن تنتقد الظاهرة وتضع لها بدائل اواليات تحمل خطوات الحل والمحاولة للمشاركة الايجابية في ايجاد مقترحات ناجعة ولو من باب المحاولة.  ولحل هذه المعضلة التي تؤرق اليمن في استثماراته وسياحته وامن المواطن وسلامته وكذلك جيرانه- ولحد علمي ان اليمن  يمتلك 60 مليون قطعة سلاح وفي رواية اخرى 80 مليون قطعة- صار من الملح  وضع الية عملية لحلها على الاقل من وجهة نظري الشخصية وتتلخص فيما يلي:                                             
1- الارادة الجادة للحكومة في تفعيل دولة القانون, والية تنفيذه متمثلة بالشرطة والاجهزة الامنية وقد يتطلب تدخل الجيش في هذه العملية المهمة الحاسمة.                                           
2- اغلاق منافذ التهريب البحرية والبرية باحكام ويتطلب في هذا الشأن مساعدة دول الجوار في  صيغ تفاهمات مشتركة ودعما ماليا, وطلب العون من الولايات المتحدة الامريكية تحديدا في امداد التكنولوجيا الحديثة واجهزة المراقبة وتدريب الكوادر الامنية وحرس الحدود بهذا  الخصوص ( كون الولايات المتحدة تقدم المساعدة حاليا في مكافحة الارهاب وتدرب الكوادر الامنية, ولها مصلحة مشتركة في تحقيق ذلك).                                                 
3- رصد ميزانية نقدية لشراء السلاح المتواجد لدى القبائل والمواطنين, وعمل تسعيرة لكل قطعة  حسب قيمتها. (مثلما يتم ايجاد ميزانية لبناء البنى التحتية الخدمية للمواطن, لابد من ايجاد  ميزانية للحفاظ على امنه وسلامته من باب اولى).                                                      
4 - ابلاغ المواطنين واعلان ذلك في الجرائد والصحف والاذاعة والتلفزيون وعبر قنوات التعامل المباشر مع المواطن في القرى والمناطق النائية عن نية الدولة شراء الاسلحة في مدة محددة  قبل اصدار قرارحظر حمل السلاح النهائي في فترة زمنية معلنة مسبقا. 
5- تصدر الحكومة قرار بحظر السلاح من تاريخه ويمنع منعا باتا حمله او بيعه دون ترخيص, الا من  جهة واحدة مخولة باصدار التصاريح لحمله وتنظيمه وبصورة ضيقة.                           
6- تقسم الجمهورية الى اقسام يسهل مسحها وتفتيش ومداهمة المناطق والاماكن التي يتواجد بها السلاح ومصادرتها دون تعويض كون مدة شراء السلاح الطوعية انقضت.                       
7- كل من يحمل السلاح او يقتنيه بدون ترخيص يواجه بعقوبة جزائية رادعة وعدم التمييز بين المواطنين في تطبيق القانون.                                                                    
8- ازالة كل المظاهر المسلحة العسكرية ومواقع الجيش من المدن ويقتصر ظهورالسلاح على افراد  الشرطة والامن بالزي العسكري واثناء فترة الدوام الرسمي.                                 
9- توعية المواطن المستمرة عبر البرامج الاعلامية والاعلانات القصيرة المحببة والمحاضرات وورش الاعمال حول اضرار حمل السلاح وقلب الوعي الثقافي لدى المواطن لصالح التحضر  وتحت شعار "بلد خالي من السلاح" وغرس مفهوم "القانون فوق الجميع".                                                                               
وهكذا عندما يطبق القانون على المتنفذ والقوي في الدولة والمجتمع تصبح سمة رضى شعبية يرحب بها غالبية الناس بل وسيثنون على جهود الحكومة في الحفاظ على امنهم وسلامتهم وعلى عدالة التنفيذ والتي ستعم على المجتمع ببشائرها وسيتأتى منها فائدة استقطاب رأس المال الاجنبي والعربي في ظل مناخ أمن يعود بالنفع على البلاد والعباد ويساعد في بسط هيبة الدولة على تنفيذ القوانين.  وستعود الثقة بين المواطن والدولة والتي فقدت منذ زمن طويل, فقد اعتاد المواطن على اهمال القرارات التي تصدر من قبل الدولة لانه يدرك انها وقتية.. وكم من القرارات صدرت في نظافة الشوارع او في تنظيم سير المركبات او البحث عن السلاح أو اصلاح القضاء او مكافحة الفساد المالي والاداري اوغيره .. ولكن سرعان ما يعود الامر على ماكان عليه وتعود "حليمة لعادتها القديمة".                                                                                                      








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5.4 مليار دولار تكلفة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة


.. تصاعد الانقسامات السياسية.. حرب غزة لم تنجح في توحيد الصف ال




.. طفلان يختبئان داخل تنورة والدتهما من البرد في غزة


.. كتائب القسام تعلن أن مقاتليها قطعوا إمداد قوات الاحتلال شرق




.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه