الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقالات خاصة بشان موضوع وضعية المعاق في مجتمعنا المغربي 2

المهدي مالك

2007 / 12 / 6
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة


مقدمة
ان تاريخ منطقة سوس هو تاريخ طويل و حافل باحداث ساهمت بشكل كبير في بناء الحضارة المغربية الثقافية و الدينية و كما ان تاريخ سوس حافل بتاسيس مجموعة من المؤسسات ذات وظائف مختلفة مثل المدارس العتيقة و الزوايا الصوفية الخاصتان بالمجال الديني و هناك مؤسسة لجمعت المتعددة المهام في البادية السوسية خصوصا, لكن اغلب الناس لا يعرفون بان عاصمة سوس اكادير شهدت ميلاد اول مؤسسة لاستقبال الاطفال المعاقين بفضل السيدة البصي او بصري كما هي معروفة لدى الناس و هذه السيدة العظيمة بالنسبة لي قد وضعت الحجر الاساس لانطلاقة وعي بضرورة الاهتمام بالمعاق و ادماجه في محيطه الاجتماعي و التربوي .
و لي عظيم الشرف و التكليف ان اتحدث قليلا عن تجربة هذه المؤسسة التاريخية بصفتي اول طفل دخل اليها,
اسم هذه الاخيرة هو الوردة الرملية و انطلقت في العمل اواخر يناير سنة 1996 مع خمسة مربيات اذكر بعض الاسماء مثل امينة كدالي و سميرة الريفي و عائشة اجي و اول سائق عمل في تلك المؤسسة هو عمي حماد المحترم.
و هذه المؤسسة كانت تعتمد في مداخيلها المادية الاساسية على مساهمات الاباء
او بعض المحسنين الذين يتبنون بعض الاطفال بسبب فقر اسرهم لا غير بمعنى انها مستقلة عن الدولة و هيئاتها الحكومية و الجهوية.
و استطاعت المؤسسة بالرغم من طابعها المؤسساتي و امكاناتها الجد الضعيفة ان تهتم بالطفل المعاق و احتياجاته الكثيرة مثل الترويض و تقويم النطق و التربية النفسية الحركية أي معرفة المعاق لجسمه و معرفة ما حوله و بالاضافة الى التعليم حسب قدرات هذا الطفل العقلية و الفكرية .
ان هذه المؤسسة ساهمت في بناء الوعي لدى الناس بان الطفل المعاق له عالمه الخصوصي بمعنى انه يملك مشاعره و أحاسيسه و اماله و احزانه الخ من هذه الخصوصيات الانسانية التي تجعل هذا الطفل يشعر بالراحة على مستوى الجانب النفسي المهم لاي عمل هادف الى ادماجه في محيطه التربوي و الاجتماعي و الاقتصادي .
و من هذا المنطلق عملت المديرة على استضافة متخصصين في مجال التربية النفسية الحركية او في مجال الطب النفسي و هذان المجالان يوجدان بالاساس في محور الدار البيضاء الرباط بمعنى ان هذه السيدة العظيمة تتكلف
لوحدها بمصاريف هؤلاء كالنقل الجوي ثم المأكل و المشرب و احيانا المبيت من اجل تكوين المربيات و متابعة الاطفال على المستوى العائلي و على مستوى المؤسسة .
ان تاريخ هذه المؤسسة حافل بذكريات جميلة و احداث كحدث مشاركة احد اطفالنا في الاولمبات الخاص المنظم في مدينة افران سنة 1997 , كما نظمت المؤسسة بتعاون مع جمعية اباء و اصدقاء الاطفال المعاقين ذهنيا بسوس تظاهرة رياضة بمناسبة اليوم الوطني للمعاق في ملعب الانبعاث بتاريخ 20 مارس 1999 ,و شخصيا احتفظ بذكريات جميلة عن هذه التظاهرة حيث شاركت في مسابقة المشي ل 15 متر و انذاك كنت امشي قليلا و تمكنت من الفوز باول ميدالية ذهبية في حياتي و ليس الميدالية هي المهم بل قيمتها الرمزية و المعنوية .
ان الحديث عن ما قدمت هذه المؤسسة للطفل المعاق هو حديث طويل جدا حيث كانت تساعد الاسر الفقيرة التي لها معاق صغيرا او كبيرا و اتذكر في هذا السياق ان معاقا اسمه سعيد و هو لا يستطيع الحركة من مكانه بل يحمل من مكان الى اخر و هو متوفي الان و يسكن هذا الاخير بحي الدشيرة في وسط فقير للغاية و كان ياتي الى المؤسسة قصد ممارسة الترويض فقط و كان كبيرا و كانت السيدة تهتم بهذه الحالة و امثالها بسبب الفقر المادي .
ان مشكلة بعض المسلمين هي تكفير كل من ياتي من الغرب و يعتبرون النصارى كفارا سيدخلون الى النار الخ و هذا الطرح ينسى او يتجاهل بان النصارى اخترعوا اشياء مفيدة ساعدت في تقدم الانسانية الى دراجات التطور العلمي و الفكري الذي نراه اليوم و أسسوا قوانين تحمي حقوق الانسان الثقافية و اللغوية و الدينية و عملوا على مساعدة الضعفاء و المعاقين دون أي مقابل و السيدة بصري تعتبر نموذج حي لانها اعطت تضحيات كثيرة دون أي مقابل و امنت بفكرة اسماع صوت المعاق في عاصمة سوس في زمن كانت فيه ايديولوجية تهميش المناطق الامازيغية هي السائدة .
و خلاصة القول بان مؤسسة الوردة الرملية أغلقت ابوابها في يوليوز 1999 لاسباب مادية بالاساس و تركت المشعل لجمعية اباء و اصدقاء الاطفال المعاقين ذهنيا التي نجحت في رفع هذا التحدي بامتياز من خلال تاسيس مركز وردة الجنوب في اكتوبر 1999
و في ختام هذان المقالان الخاصان بموضوع وضعية المعاق في مجتمعنا المغربي ارجوا ان اكون في مستوى هذه المناسبة و اشكر السيد ميمون صالحي الذي هو معاق من منطقة الريف يكتب الي منذ فترة و قد اخبرني بانهم هناك يعانون من عدة مشاكل كغياب جمعيات فعالة تهتم بالمعاق بشكل حقيقي وانهم لا يتوفرون على مراكز لاستقبال المعاقين نهائيا و ارجوا من الجمعيات المحلية ان تهتم بالمعاق و قضاياه الكثيرة بشكل حقيقي
و هو في اطار التفكير بفكرة تاسيس جمعية مهتمة بهذه الشريحة العريضة و اتمنى له التوفيق و النجاح.

و بمناسبة الذكرى السادسة لتاسيس هذا الموقع الموقر يشرفني ان ابعث باسمى عبارات التهاني الى هيئة التحرير و الى كافة كتاب و كتابات الحوار المتمدن الكرام
تحرير المهدي مالك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما


.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع




.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟