الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطني يحتكر الوطنية

وائل نوارة

2007 / 12 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لم يكف الحزب الوطني أن يحتكر الحكم والسلطة، والسيف والبلطة، والقصر والأبهة، والحقيقة المنزهة، وتأييد الطرق الصوفية، وجميع أبناء الدقهلية، والعشاء مع الروس، والثروة وطبع الفلوس، وانتصارات مصر منذ طرد الهكسوس ...

لم يكتف الوطني بكل هذه الاحتكارات، وأصر أن يضيف عليها احتكاراً جديداً، وهو احتكار الوطنية، فالإخوان عملاء لأمريكا، و"أحزاب المعارضة وجماعة كفاية والمجتمع المدني" عملاء لأمريكا، أما الحزب الوطني اسم الله عليه، فهو الوحيد الوطني - ربنا يحفظه ويرعاه!

ومن بعد نظر الرئيس السادات رحمه الله، أنه اختار اسم الوطني للحزب الحاكم الميمون .. ولم نعرف سر هذا الاختيار حتى قريباً، عندما اتضح أن الحزب الوحيد المسموح له بالوطنية هو الوطني، ومن يعارضه يصبح عميلاً خائناً يتلقى التمويل من الخارج، وإلا، فكيف يتجرأ على نقد الحزب الوطني رغم الرخاء والتقدم الذي وصلنا له على أيديه الطاهرة جداً؟ كيف لا يعترف بالريادة والإنجازات المهولة، ويركز على بعض السلبيات البسيطة التي تمتلئ بها كل المجتمعات!

فنظرية الوطني عن التعددية، هي أن نصبح جميعاً أعداداً صفرية، تؤيد الوطني وتبايعه وتتغنى بإنجازاته، وتنشد أغاني الإشادة في مديحه، مثل أغنية "اخترناك" الدائرية التي يغنيها مئات المغنين دواليك لساعات طويلة منذ بدء الإرسال وحتى نهايته.

والوطني أعلن منذ شهور قليلة أنه حزب ليبرالي، وسبحان الله العليم بنوايا النفوس في أمر هذا الحزب الليبرالي، الذي يقبل بالآخر جداً ويرحب به بشدة، بشرط أن يقوم هذا الآخر بتقديم فروض الطاعة ويؤدي طقوس المبايعة ويطلب التمديد ويلح فيه، ويشجب دعاوى الإصلاح والتجديد، باعتبار تداول السلطة وتغيير الحكام هي طقوس وثنية غربية، شاذة عن مجتمعاتنا الأبوية! أما من يفكر في المعارضة، فمصيره حروب ضارية، من الصحف الصفراء والقومية، واللافتات البيضاء والبنفسجية، تتهمه بالعمالة والخيانة، وبأنه جبان وعميل الأمريكان. أما الوطني، فهو لا يعرف الأمريكان، ولا يقبل مصافحتهم إن قابلهم صدفة في الطريق العام، ولا يتلقى منهم الدعم بالمليارات كل عام، وليس عضوا معهم في أي مجالس رئاسية أمريكية والعياذ بالله.

ولم يكتف الوطني باحتكار الوطنية، بل احتكر المواطنة أيضاً، فأحيانا نجد مثل هذه العبارات في الصحف المسماة بالقومية: "حدوث مصادمات بين المواطنين وبين أعضاء حزب معارض في قرية ... "، بما يوحي أن أعضاء الأحزاب المعارضة قد فقدوا حق المواطنة بمجرد أن خرجوا عن الإجماع الشعبي لتأييد الوطني لمدد أبدية لا يعلم حسابها إلا الله.

وهنا يجب على وزارة الداخلية الموقرة، أن تضيف لمسوغات استخراج جواز السفر المصري، صورة طبق الأصل من كارنيه الحزب الوطني.

وبشرى لأعضاء الأحزاب والجماعات الأخرى -عديمة المفهومية وناقصة الوطنية والأهلية- حصولهم على الجنسية الأمريكية!!!











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي