الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن تخدعوا الشعب بأن امريكا تهدف الى تحقيق الديمقراطية في العراق

عبد العالي الحراك

2007 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الديمقراطية والحرية مكسبان شعبيان مترافقان بمعنى حققتهما الشعوب على مراحل مختلفة ومستويات مختلفة ,عبر نضالها الطويل فهما ليستا هبة من اقطاعي او منحة من ملك .. بل نتيجة نضال وصراع مرير راح ضحيته العشرات من الفلاسفة والمثقفين والمتنورين في عموم العالم وخاصة العالم الذي يتمتع بالديمقراطية والحرية الآن.. لن يمنحهما المستغل لان الاستغلال لا يتفق منطقيا ومصلحيا مع الديمقراطية والحرية, أي ان الرأسمالي صاحب المصنع ليس ديمقراطيا في الاساس مع العامل الذي يستغله في اجوره وعمله , وانما العامل بوعيه ونضاله كسب الديمقراطية والحرية لصالحه , ولهذا تزداد مطالبة الشعوب بالديمقراطية .. وليس الحكام او الاغنياء والمتنفذين , فهم لا يحتاجونها بل يحاربونها . فترى الآن كيف يتشبث حكام الدول النامية والمتخلفة بالحكم والدكتاتورية والاستبداد ويتلاعبون بدساتير بلدانهم ان كانت فيها دساتير, في سبيل استمرارهم بالسلطة .. حتى تلك الدول الديمقراطية الغربية يسعى حكامها وخاصة من اليمين بكل الوسائل بالمال وغير المال لاعادة انتخابهم وبقائهم بالسلطة لفترة اطول .. معنى هذا ان الديمقراطية والحرية تأتيان بالنضال الشعبي الطويل وبالدعم المتواصل من قبل المثقفين والمتنورين وهما في مصلحة الشعب دائما وليس في مصلحة الحكام واسيادهم البرجوازيين .. اما امريكا او غيرها فهي بلد ديمقراطي على ارضها ولشعبها , نتيجة تطور تاريخي لفترات طويلة ..ومصالحها في الخارج تتحقق عبراستغلال خيرات وشعوب تلك البلدان وليس في صالحها ان ترتقي شعوبها الى مستوى الديمقراطية لانها سترفضها وتحاربها وتخرجها من اراضيها.. اما الديمقراطية في تلك الدول المانيا ,اليابان ,ايطاليا وكوريا التي ساعدتها امريكا خلال الحرب العالمية الثانية للتخلص من الدكتاتورية والنازية والفاشية , فالوضع الدولي كان ضاغطا آنذاك بأتجاه الديمقراطية ولكي تحسم امريكا صراعها مع الاتحاد السوفييتي القطب المنافس الأشد في حينه .. وما تشكيل الاحلاف العسكرية (حلف الناتو وحلف وارشو) الا تعبير عن ذلك الصراع والتنافس.. وكان على امريكا ان تشجع بأتجاه اقامة النظام الديمقراطي في تلك البلدان , بالأضافة الى ان شعوب تلك الدول كانت تتمتع بوعي عالي ومؤهلة لان تحكم نفسها بنفسها عن طريق الديمقراطية والحكم البرلماني وهي تحتاج فقط الى مساعدة لازاحة انظمتها الفاشية والنازية القمعية , وقد انفجرت فيها الديمقراطية انفجارا عبر مقاومة شعبية عنيدة ضد حكوماتها وقوى اليمين التي ظلت متشبثة بمصالحها ولم تستسلم طواعية للواقع الجديد .. والمثال على ذلك ما حصل في ايطاليا بعد الحرب العالمية الثانية وسقوط موسوليني والفاشية الايطالية وكيف تمكنت جبهة المقاومة الشعبية الايطالية المتكونة من الحزب الشيوعي الايطالي والحزب الاشتراكي والحزب الديمقراطي المسيحي من هزيمة النازيين الالمان والفاشيين الايطاليين عبر معارك شرسة , ثم صراع داخلي شديد من اجل كتابة الدستور وبناء دعائم الديمقراطية التي استغرقت سنين . ان الشعب في العراق وقياداته الوطنية والمثقفين المخلصين لا تخدعهم لا امريكا ولا المطبلون لها بأن الديمقراطية آتية مع امريكا.. قد تكون الاطاحة بالدكتاتورية على يد امريكا قد رافقتها فرصة هامشية للديمقراطية, لوان شعبا كان قد ولج الديمقراطية وعاش نضالاتها , ولكن امريكا المحتلة لم تمنحه الفرصة لتنظيم نفسه ولم تدعم ديمقراطييها الذين رافقوها في الغزو وعاشوا على اراضيها وتثقفوا بثقافتها وهوسوا لديمقراطيتها ثم ضربتهم عرض الحائط في اقصر فرصة لأن الديمقراطية في العراق كما في غيره تتناقض مع مصالحها ..ثم هل نسينا عصر أعته دكتاتورية في جميع العصورقد تسلطت على العراق ابان حكم صدام حسين , سبقها ورافقها تخلف عميق في كل المجالات .. لم يبق في العراق بعد السقوط سوى تخلف وآثار تخلف مخيف ونشوء احزاب دينية اظهرت عدائها للنظام السابق ولكنها كفنت جموع الشعب بكفن المذهبية والعنصرية وهي تطبق الآن ابشع انواع الديكتاتورية والاستبداد وترفع شعارات الديمقراطية لأغراض سياسية تسلطية كما ترفعها امريكا بوش , اما ما يلاحظ من بعض الممارسات التي تبدو وكأنها من معطيات الديمقراطية ما هي الا افرازات الفوضى المدمرة التي خلقتها امريكا لن تدوم طويلا لأن تحتها يؤسس لممارسات رجعية وتربية متخلفة بين صفوف الشعب لا يرجى منها علما ولا فهما ولا ديمقراطية ... لهذا لا تجد فكرة الديمقراطية اليتيمة في العراق متنفسا ولا ناصرا ولا معينا سوى شخصيات وقوى سياسية وطنية لم تأخذ بعد فرصتها المناسبة للدعوة الى الديمقراطية حقا وحقيقة , ومعظمها تنادي من خارج العراق للوطنية والديمقراطية .. وشتان بين من يعمل من اجل الديمقراطية في بلده ومن ينادي بها عبر الجبال والمحيطات .. فمن يهتف بديمقراطية امريكا في العراق وقد انبح صوته عليه ان يعطي صوته الى شعبه اذا اراد ان يكون مخلصا مع نفسه , ويقام الاستبداد الطائفي والاحتلال الامريكي .. لا ان يستمر بالهتاف الغير مسموع وقد يحضر نفسه الآن لكتابة مقالات باهتة حول ضرورة منح الامتيازات النفطية الكبيرة لامريكا بحجة زيادة الأنتاج و تطوير الاقتصاد واعمار البلاد ثم يسعى لاحقا الى تبرير منح امريكا قواعد عسكرية لتحمي العراق من اعدائه المحيطين به.. في الغرب وامريكا تحققت الخطوات الاولى نحو الديمقراطية منذ مئات السنين وتلاحق تطورها من خلال نشاط الفلاسفة والعلماء والفنانين والمثقفين التنويريين والتحامهم بالشعب.. فمنهم من تعرض بالنقد الشديد للافكار القديمة ودور الدين والكنيسة وعراها تعرية تحملوا بسببها السجون والتعذيب والنفي والابعاد .. ومنهم من ساهم في نشر العلم والفلسفة ... ومنهم من اسس الاحزاب التقدمية والثورية ونشر الافكارالعصرية في الحرية والديمقراطية وحقوق المرأة ... ومنهم من انشأ النقابات المهنية الجماهيرية للعمال والطلبة. . وبمجموع هذا العمل والنشاط ترسخت الديمقراطية وتعمق بناؤها في ضمير الانسان الاوربي والامريكي ولا يمكنه العيش بدونها.. اذا اردنا ان نستلهم الطريق الاوربي نحو الديمقراطية يجب ان نعمل بذكاء وفق تلك النشاطات وهي سهلة وممكنة ولكنها طويلة .. وليس عبر الابواق الدعائية والهتافات المصلحية الضيقة للتقليد الاعمى التي لن تجلب لشعوبنا الا مزيدا من التخلف والضياع وهي التي ساعدت على تعميق الانتماء للدين والمذهب والعشيرة بعد ان اتضحت امامها مهزلة الديمقراطية الامريكية في العراق والاكذوبة الكبيرة .. لقد اسأتم للديمقراطية ايها المصفقين لامريكا وقد اساءت امريكا لشعبها ولن يغفر لها الشعب العراقي ولكم تلك الاكذوبة .
د. عبد العالي الحراك 5-12-2007











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل مؤلمة! | نادين الراسي


.. قصف عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت • فرانس 24 / FRANCE 24




.. نحو عشرة ملايين تونسي مدعوون للتصويت في انتخابات رئاسية تبدو


.. تساؤلات عن مصير قاآني.. هل قتل قائد فيلق القدس التابع للحرس




.. بتقنية -تايم لابس-.. توثيق لضربات إسرائيلية عنيفة على بيروت