الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحسين صورة أميركا ومؤتمر أنابوليس

محمد جمول

2007 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يحكى أن إحدى القرى اشتهرت بالبخل إلى درجة أن أبناء القرى الأخرى باتوا يتندرون ببخل أبنائها مما جعلهم يتنادون إلى اجتماع يتدارسون فيه الوضع للتوصل إلى طريقة تحسن سمعتهم، وتصرف الناس عن التحدث عنهم بهذا الشكل. وبسرعة توصل العقلاء والمعمرون إلى الحل بإقامة وليمة عند أقرب مفترق طرق لتصبح حديث الركبان، فينسى الجميع بخل أبناء القرية ويتحدثون بدلا عن ذلك عن كرمها. وفي الزمن المحدد، وكما تم الاتفاق، حمل كل شخص من أبناء القرية ما جادت به نفسه ـ حسب نصيحة عقلاء القرية ـ إلى مكان الوليمة. وكانت المفاجأة أن كل شخص من أبناء القرية اكتفى بحمل الماء والملاعق إلى مكان الوليمة، معتقدا أن الآخرين سيأتون بالطعام والأشياء الضرورية الأخرى.

الولايات المتحدة تريد تغيير سمعتها في المنطقة العربية والإسلامية بطريقة مماثلة، ومن دون أن تغير نظرتها أو طريقتها في التعامل. ولذلك تدعو بين حين وآخر لعقد المؤتمرات واللقاءات التي تجمع العرب أو الفلسطينيين مع الإسرائيليين فتكون النتيجة دائما خطوة إلى الوراء لأن أميركا لم تفكر مرة واحدة في أن تكون حيادية أو موضوعية في هذا الصراع. ودائما كانت تتصرف كخصم يقف في الصف الإسرائيلي، وتلوم العرب إن شككوا بنزاهتها.

قد يكون مؤتمر أنابوليس واحدا من هذه اللقاءات التي تسير بالمنطقة إلى الوراء. فمن الواضح أن إسرائيل لا تريد من المؤتمر أن يكون أكثر من نقطة لبدء المفاوضات مع الفلسطينيين، كما يصرح المسؤولون الإسرائيليون. في حين يعرف الجميع أن السنوات الماضية لم تعرف سوى المفاوضات وتوقف المفاوضات والعودة إلى المفاوضات. فما الجديد إذن؟ لم يكن هناك نقص في المؤتمرات والمبادرات، بدءا من أوسلو ومؤتمر مدريد وورقة تينيت ثم واي ريفر وخارطة الطريق وصولا إلى أنابوليس. وجميعها جاءت لتقديم الحلول، فتحولت إلى مشكلات جديدة، أو أعلنت أنها تعمل على تحقيق خطوة إلى الأمام فانتهت إلى الدفع بنا خطوات إلى الوراء. هل كل هذا عبث ومصادفات بحتة؟ أوسلو أعطت الانتفاضة الأولى، ومفاوضات كامب ديفد مع الفلسطينيين ولدت الانتفاضة الثانية. فماذا سيقدم لقاء أنابوليس للفلسطينيين المنقسمين على ذاتهم في الضفة والقطاع؟ ربما مجموعة من الانتفاضات هذه المرة، بدلا من انتفاضة واحدة.
على المستوى الآخر، كانت الولايات المتحدة وراء ولادة ما اتفق على تسميته الصحوة الإسلامية لمواجهة الاتحاد السوفيتي والشيوعية. والنتيجة أننا نواجه الآن ما نواجه من دمار لدول وشعوب لتغيير النتائج التي ترتبت على تلك الصحوة تحت إسم محاربة الإرهاب والقاعدة وطالبان بطريقة تشبه حرق البيدر كله لطرد فأر منه.
البشرى السارة الآن أن الولايات المتحدة ترعى حاليا " صحوات" أخرى في المنطقة مثل صحوة الأنبار وصحوة وزيرستان. فهل ننتظر قريبا شن حروب جديدة أخرى لمكافحة " القواعد" الجديدة ( إن صحت صيغة الجمع هنا)؟. وعندها سيكون على شعوب المنطقة دفع ثمن أخطاء غير بريئة يقدمها كل ذي عقل نير يتطلع إلى المستقبل الذي يصله بالعالم، ويخرجه من كهوف القرون الغابرة لينقله من طاعة ولي الأمر إلى طاعة القانون، ومن عالم "الرعية" الذي يلغي تميزه وإحساسه بذاته إلى عالم المواطنة الرحب الذي يمنحه الإحساس بالأمان والثقة بالآخر و ومن التزاحم على طرقات" الموت في سبيل الله" إلى الاندفاع نحو أمل العيش في سبيل الله.

لن تتحسن صورة أميركا في المنطقة مادامت تقدم إلينا من خلال وجهها القبيح الذي لا يملك سوى الطائرة والدبابة لإقناع الآخرين بدخول بيت الطاعة الأميركي. والأمل الوحيد سيكون بحضور الصوت الإنساني الأميركي والغربي المغيب والمبعد عن معالجة شؤون المنطقة والتعامل مع أبنائها. وعندها يمكن أن تتحسن الصورة وتتوقف آلات القتل والتدمير لصالح الحياة والحوار بدلا من الصدام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح