الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقسام أخطر ما في الأمر يا أنام

سفيان صيام

2007 / 12 / 9
القضية الفلسطينية


إبان الانقلاب فاجأتني ابنتي الصغيرة التي لم تنه عامها الخامس بعد بعتاب هزني وزلزل كياني ، قالت يا أبتي لا تذهب إلى منزل عمنا ، قلت لها ممازحاً ومتخيلاً أن الأمر لا يعدو مزاح الأطفال وخلاف بسيط دب بينها وبين ابن عمنا الذي يكبرها بعام فقط ، لماذا لا تريديني أن اذهب إلى منزلهم ؟؟ قالت لي لأن ابنهم الذي يكبرها بعام _كما قلت_ يقول لي أنهم المسلمون ونحن الكفار ، كفار لأنك ( وتقصدني ) فتحاوي .
.......... كما احتار قلمي في الكلمة التي سيكتبها بعد كلمة فتحاوي احتار عقلي في اختراع رد ينهي القضية !!! يا الله ما لهؤلاء الأطفال يفاجئوننا ويأتون بما نظنه أكبر منهم ؟، ما علاقتهم بما يدور على الساحة بين فتح وحماس ؟ لماذا تنعكس الأحداث عليهم بهذه السرعة ولماذا يتقمصون أدوار الكبار إلى هذا الحد ؟
ولا أخفي حقيقة حيرتي فيما أجيب به ابنتي وهل تستوعب ما سأقوله أم لا ؟، قلت كيف لا وهي تتكلم معي عن المسلم والكافر ؟ قلت لها يا ابنتي لا يوجد حمساوي مؤمن ولا فتحاوي كافر كلنا مسلمون ولنا عدو واحد هم اليهود ، طبعا أنهيت الموضوع بنوع من الصرامة حتى لا أفتح مجالاً للأسئلة من فصيلة ولماذا ؟؟
ربما يحاول الكثير أن يرتبوا مصائبنا التي ألمت بنا في عامنا الأخير فيقول قائل الانقلاب، ويقول قائل أنابوليس ، ولكني أقول وبكل ثقة أن كبرى مصائبنا في الانقسام .
فإن حقيقة ما وصلنا إليه من انقسام يكاد ينفطر له القلب ، ويتوه مع العقل ، وتضيع إليه الحلول. كيف لا ؟ والانقسام قد تغول علينا فأصبح فيروساً متحوراً يضربنا في كل مكان ، بلا مضاد حيوي يقدر عليه ، وهو لا يكاد يترك مكاناً لا يضرب فيه ، ضرب سياسياً وضرب إدارياً وضرب جغرافياً وضرب دينياً وضرب قضائياً وقانونياً وضرب ويضرب كل يوم إعلامياً حتى أصبحنا كيانين معاديين بلا إعلان، بل أن المثير للسخرية أن إسرائيل التي أعلنت قطاع غزة كياناً معادياً لا يكاد إعلامها وإعلامنا ( عفواً إعلامينا) يتبادلان تهماً بحجم ما يقوم به إعلاما فلسطين وكل هذا مقبول !
نعم مقبول إذا ما علمنا أن فيروس الانقسام قد وصل إلى الضمائر والقلوب والعقول ، و إذا ما علمنا أن الانقسام وصل إلى الوجدان و الضمير الفلسطينيين .
لقد انقسم البيت الفلسطيني إلي بيتين وانقسم الفلسطيني إلى اثنين، هذا خائن وهذا قاتل، هذا عميل وهذا جاهل، هذا بائع وهذا سفاح. وكل منا يرى نفسه لوحده الفرقة الناجية وما عداه مغرقون ، وهو لنفسه يستحق جنة عرضها السموات والأرض دون الناس .
أكاد أجزم أن هناك أخوة قد تقطعت بهم سبل الأخوة فلم تعد تربطهم أي روابط، وهناك من تركوا بيوت العائلة والسبب معروف للجميع الكل يريد لنفسه الجنة رغم أنها تتسع لكليهما. وهناك أصدقاء رفعوا شعاراً جديداً لصداقتهم من طراز أنت مرحب بك يا صديقي بعيداً عن السياسة، ومن طراز حتى لا أخسرك ولا تخسرني لا تلمني في حماس لا أكلمك في فتح ! وهناك من لم يصبروا على هذه القيود ففقدوا أعز أصدقائهم في مجادلة انفلتت جبراً عنهم في حديث معين.
الانقسام يا كرام الانقسام أخطر ما نواجهه أخطر من أنابوليس فلن تباع الأرض فيه ولا في غيره ، وأخطر من الاجتياح القادم _إن أتى_ فالاجتياحات كما هو معروف توحدنا وتلملم شتوتنا وتذيب انقساماتنا وتشطبها من قواميسنا العامة والفردية ، الانقسام أخطر من الحصار رغم أنه يبدو من النوع الذي لا يذهب بسرعة فهو ملازمنا لأبعد الحدود وأبعد المدود ، سعت إليه إسرائيل بكل قواها على مدى عقود من الزمان ، وها نحن نقدمه لها على طبق من جماجمنا وصوابيننا المقطعة ، ليقر بالها ويهنأ رجالها ونساؤها ، ونحن نقدم لهم حلما طال انتظاره وأملا صَعُب إدراكه ، ليضرب فينا فتاكاً ضارباً في جدار النسيج الاجتماعي الفلسطيني فلا يبق ولا يذر .
إحدى المضحكات المبكيات أن أحد الفتحاويين له صديق حمساوي يعمل في شرطة الحكومة المقالة ويهزأ به دوماً قائلاً يا حكومة الصوابين ، وحتى يلتقيا اقترح أحدهما اقتراحاً مضحكاً مبكياً بأن تأتي دورية تعتقل الصديق الفتحاوي فترتفع أسهمه في رام الله وترتفع أسهم الصديق الحمساوي في غزة ويلتقي الصديقان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق التسلح العالمي يحتدم في ظل التوترات الجيوسياسية


.. جنوب إفريقيا تقدم طلبا عاجلا لمحكمة العدل لإجراءات إضافية طا




.. إخلاء مصابين من الجيش الإسرائيلي في معارك غزة


.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |




.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي