الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ال(دي أن أي)

سعدون محسن ضمد

2007 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تنويه
هذا المقال كان قد أرسل إلى إحدى الصحف المحلية وامتنعت عن نشره، لأسباب سيعرفها القارئ بالتأكيد، عموما، حَجْب المقال عن النشر ذكرني بقول نزار قباني:
"في بلادي ممكن أن يكتب الإنسان ضد الله لا ضد السياسة" فأنا أتناول كل ما يقع تحت ملاحظتي من الظواهر التي تستحق النقد والتحليل وبغض النظر عن كونها ظواهر سياسية أو دينية أو اجتماعية، وعندما تحجب الصحيفة التي أنشر بها، المقالات الموجهة لنقد ظاهرة سياسية ما، فإن هذا الموضوع سيوقع القارئ في وهم مفاده أنني أكتب في نقد الظاهرة الدينية فقط. وفعلا وصلتني عدة رسائل من بعض متابعي مقالاتي عن مثل هذه الظنون. وهذا الموضوع مجانب للحقيقة. لهذا السبب أردت التنويه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الـ(دي أن أي)
يعاني واقعنا السياسي من طغيان أو تنامي نموذج الحزب الفرد، إذ يتسنم شخص ما رئاسة حزب ما ويكبس على أنفاس هذا الحزب عمره كله، فلا يتحدث باسم الحزب ولا يتحكم بسياسته ولا يُعْرف من قواعده أو كوادره أو قياداته غيره. هذه ظاهرة عامة، وهي تتنامي في العراق مع الأسف الشديد. لكن بعض أحزابنا السياسية استطاعت أن تنجوا من هذا المأزق، ومنها المجلس الأعلى، الذي نجح في أن يفرز شخصيات مهمة، وأن يوفر لها مرونة تمكنها من تمثيله بمختلف مستويات التمثيل. وهكذا صار المجلس يعرف من خلال السيد عبد العزيز الحكيم والشيخ همام حمودي والدكتور عادل عبد المهدي والسيد باقر جبر الزبيدي والسيد عمار الحكيم... الخ. وهذه بالتأكيد علامة صحة. لكنها أفرغت من محتواها في تجربة المجلس الأعلى السياسية بعد اعتماده على معيار الوراثة في اختيار من يتسنم منصب رئاسة الحزب. وهذا الموضوع بحد ذاته يمكن أن يكون شأناً داخلياً من شؤون هذا الكيان السياسي، خاصة مع وجود نظام داخلي يحكم موضوعة انتقال السلطة فيه، وفق صيغة ديمقراطية (شكلية). بالتالي ينتقل الكلام عن تهمة الوراثة من كونها خطأً في برنامج الحزب ومتبنيات قيادييه، إلى كونها خطأ في تطبيق هذه المتبنيات. لكن لفت نظري حوار نشرته مجلة الأسبوعية في عددها الأول مع الدكتور عادل عبد المهدي أعاد فيه ربط هذه التهمة بمتبنيات قياديي المجلس الأعلى وليس بتطبيقهم لهذه المتبنيات.
المجلة سألت الدكتور عادل السؤال التالي: ((اختيار عمار الحكيم لمنصب نائب الرئيس تم بالانتخاب، لكن فيه رائحة الوراثة في قيادة المجلس؟)). والغريب أن الدكتور وبدل أن يجيب عن السؤال بالنفي معتبراً أن إجراء الانتخابات يكفي لنفي تهمة الوراثة. اختار أن يبرر لنظام الوراثة سياسياً وهو يتسائل: (من يقول أن الوراثة في النظام السياسي خطء؟). ومن خلال هذا الجواب أجد بأن الدكتور استهان بثقافة العراقيين السياسية. فمن الواضح أن في رأية نـحو من أنـحاء استسهال الطرح، الذي يمكن أن يُقْبل داخل المنتديات الخاصة وعندما لا يتوقع المتحدث ردود أفعال مخالفة. لكن أن يطرح مثل هذا الرأي على وسائل الإعلام العامة، فهذا موضوع يكشف عن استهانة بالرأي العام العراقي. وهذا موضوع غير مقبول. إذ كيف يتوقع سياسي كبير من المثقف العراقي أن يسكت عن مقولة عدم التعارض بين الوراثة والسياسة، ألا يعلم بأن مبدأ الوراثة نظام سياسي بدائي ولا يناسب الأحزاب أبداً؟ وأن الوراثة تناسب مجتمعات ما قبل الدولة، حيث يتم تقسيم المناصب والاستحقاقات بين الناس بالاستناد إلى الوراثة وليس إلى الكفاءة. فهل يعتقد نائب رئيس الجمهورية بأن المجتمع العراقي مجتمع (ما قبل الدولة)؟ حتى يريد منه أن يتفاعل مع أطروحة القيادة المرتبطة (بالدم النقي)، وهل يستطيع أن يوجه مثل هذا الخطاب للشعوب الأوربية وعبر فضائية الـ(سي أن أن) مثلا؟.
من الواضح أن الوراثة تعني وتؤدي إلى شيء واحد هو أن الرئاسة أو المناصب الحساسة يتم حصرها بأفراد العائلة (القائدة) مع غض النظر عن كفاءة أو عدم كفاءة هؤلاء الأفراد، وهي على هذا الأساس أسلوب غير مقبول ولا ديمقراطي في تداول السلطة. اللافت للنظر أن دفاع الدكتور عن شخص السيد عمار الحكيم جاء ليؤكد استسهاله للطرح السياسي، فقد اعتبر بأن اختياره جاء لاعتبارات متعلقة بمميزات تجمعت في شخصيته بالذات. وهنا لا بد لسائل أن يسأل: لماذا لا تتجمع مميزات قيادة المجلس الأعلى إلا بأبناء عائلة الحكيم فقط؟
لرأي الدكتور عادل عبد المهدي مكانة مهمة داخل الوسط السياسي، وهو بالتأكيد يحضى باهتمام الناس ويؤثر فيهم، وهذا ما يجب أن يدفعه لأن يكون أكثر دقة وهو يطرح أفكاره على الناس، فخطأ السياسي في الممارسة يختلف عن خطئه في التنظير، إذ الأول يمكن أن يكون غير مقصود، بخلاف الثاني الذي يكون خطأ مع سبق الإصرار والترصد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل


.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف




.. استطلاع: ارتفاع نسبة تأييد بايدن إلى 37% | #أميركا_اليوم


.. ترامب يطرح خطة سلام لأوكرانيا في حال فوزه بالانتخابات | #أمي




.. -أنت ترتكب إبادة-.. داعمون لغزة يطوقون مقر إقامة وزير الدفاع