الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الناس داخل مدينة الموصل الساخنة

هشام محمد علي

2007 / 12 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


كانوا مجموعة مسلحة ترجلوا من سيارات سريعة امام منزل في حَينا ومعهم سيارة نقل كبيرة، حطموا ابواب المنزل لينقلوا كل مايحوي إلى سيارتهم دون ان يجروء مرءٌ على البت بشفة، وبعد رحيلهم عن الحي بداء الناس التشكي والتذمر مما آلت اليه الأحوال وتناقلت الألسن المزايا الحسنة التي يمتلكها اصحاب المنزل الذين كانوا قد هجروا منزلهم ضمن 1000 عراقي كانوا يفرون يومياً من منازلهم حسب تقرير لمنظمة الهجرة الدولية.
بإستمرار حديث الناس عن كون العائلة لاتستحق مثل هذه الفعلة، تشجع احد شباب الحي ورفع جواله متصلاً بأمير الجماعة المسلحة في قطاعهم، مستفسراً عن سبب قيامهم بمثل هذا الفعل بحق اناس عرفوا بطيبهم، فنفى الأمير علمه بمثل تلك الحادثة ووعد الشاب ان يحقق في المسألة وان يُعيد الحق إلى اهله.
هذا هو وصف السيد ك.ر (31 سنة) عاطل عن العمل، لحادثة من بين "مئات" الحوادث في حيهم في المدينة الموصل العراقية (402)كم شمال بغداد. ولحين كتابة هذا المقال لم يكن الأمير قد وفى بوعده بعد، لكنه ودون شك سيبذلٌ جهداً لأن يفي به ليثبت سلطانه ومرجعيته لأهل الحي!

من يسمع المواطن البسيط في عراق العنف؟ معظم الفضائيات غير قادرة على تغطية معظم الأحداث الساخنة التي تجري في العراق، وإن تم تغطية حدث فسيُرافق بردود فعل رسمية حكومية، حزبية، او عسكرية..الخ، وهي غالباً ما تندد وتهدد الجماعات المسلحة، وفي الطرف الأخر يُحمل المتعاطفون مع هذه الجماعات الحكومة والقوات الأمريكية مسؤولية الوضع المتردي، والمواطن محكومٌ بقانونين وسلطتين في دولةٍ تبدو ظاهرياً انها واحدة.

في حيٍ اخر قال و.و (33) سنة ملتحي الذقن، بكالوريوس إدارة وأقتصاد يعمل في محل لبيع الأحذية، واصفاً غضب صديق له من إنتحاريٍ ادى تفجيره لنفسه إلى مقتلِ عدد من المدنين "جَمَعَ صديقي بقايا اشلاء الجثة وقطعةٍ من يدهِ ووضعهم في كيسٍ، ورماها جميعاً للكلب" الإفلات الأمني والغضب الذي يعيش داخل الناس لم يؤثر على شريحة دون غيرها، فبزيارة صغيرة إلى إحدى كليات العلوم الإنسانية في جامعة الموصل التي طالما تباهى اهل المدينة بعراقتها لحضور محاضرة أستاذ (41) سنة، قيل انه الأكثر شعبيةً لدى الطلبة، وفي وسط المحاضرة اجاب الأستاذ على سؤال طالبٍ يسأل عن كيفية ربط النظرية بالواقع مبتسماً "لا نستطيع ان نشرح لكم مستندينَ على امثلة من الواقع، فهنا (مؤشراً نحو جزء من القاعة) يوجد لدينا اخوة.... وهنا (نحو الجزء الأخر من القاعة) يوجد لدينا...." كان يقصد ان القاعة تحوي على إنتماءات مختلفة ومهما اجاب فهو سيعرض نفسه لخطر مسألة الطالب! الذي ينتمي إلى مؤسسة هي مؤكد اكثر تأثيراً من مؤسسة الجامعة التي ينتمي لها الدكتور.

كل الأشياء تبدو غير سوية في هذه المدينة، لدرجة ان ساكنها لم يعودوا يعيروا الحال اهميةً فالطفل الذي لم يتجاوز (15) سنة يجيب على سؤال طرح عليه وعدد من اقرانه: الا تخافون اصوات الطلقات والإنفجارات؟ قائلاً "عندما تدوي صوت الطلقات تصرخ اختي الصغيرة، زفة زفة" زفة تعني عرس باللهجة العراقية، والعشائير في العراق يطلقون العيارات النارية عند الأعراس تعبيراً عن الفرح. وبعد انتهاء الحديث معهم عاد الأطفال إلى لعبهم (كانوا يلعبون كرة القدم) دونما يبالوا لصديقهم الذي يقترب منهم ويقول "مواجهات (مواجهات مسلحة)، قريبة" ربما استمروا لأن الأصوات كانت قادمةً من الحي المجاور لحيهم وهم بذلك بمأمن من الأذى حسب مفهومهم للزمان والمكان للخطر.

لا ينتهي الحديث عن هذه المدينة المأساة التي يبدو انها ستدخل موجة اعظم من كل ماشهدته حتى الأن بعد ورود تقارير تتحدث عن نزوح المسلحين من بغداد والأنبار ومناطق اخرى اليها، وقد بداء اول الغيث يوم الخميس 6-12 بمقتل 4 اشخاص من صحوة الموصل بينهم احد القادة، وتلاه في يوم الجمعة مصرع مدير شرطة ربيعة التي ينحدر منها رئيس صحوة عشائير الموصل، فواز الجربة، وفي يوم السبت 8-12 جرى الحديث عن اشتباكات واسعة النطاق بين الصحوة وعناصر من تنظيم القاعدة في غرب مدينة الموصل الواقعة 405كم عن شمال العاصمة بغداد ولكن السيد خسرو كوران نائب محافظ نينوى نفى تعديها "مواجهة بسيطة" بين القاعدة والصحوة، وكلما حاول زميل الحصول على تصريح لمسؤول في المدينة حول عمليات العنف والإغتيالات الواسعة فيها، يعود بجملة "الأحوال تحسنت وسنقضي على الإرهاب بكامله" وفي مقابلة خاصة علمنا من السيد كوران، ان شهرياً تسلم اكثر من 100 جثة إلى الطب العدلي في المدينة، كما وعلق على تقرير النيوورك تايمز حول نزوح القاعدة إلى الموصل بالقول "نحن ايضاً توقعنا ذلك بعدما ضيقوا الخناق عليهم في محافظات الوسط، ولكنكم ستسمعون مايسركم قريباً"، وقد بدت مؤشرات نزوحهم تظهر اكثر بعد نجاة السيد هشام الحمداني رئيس مجلس محافظة نينوى صباح الأحد 9/12 من محاولات اغتيال جراء تعرض موكبه إلى انفجار عبوة ناسفة شمالي الموصل، حسب مصدر إعلامي في مجلس محافظة نينوى.
بعد كل هذا هل سنسمع بأنهم قضوا على العنف المستشري في المدينة؟ وإن عاد الأمان وعادوا الناس لمزاولت حياتهم اليومية، فهل سيعودون كما كانوا؟ بعدما كانت الطفلة تقول عن لعبتها عروسٌ اصبحت تسمي التفجير زفة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرق الأوكراني في قبضة روسيا.. الجيش الأوكراني يواجه وضعا -


.. رأس السنوار مقابل رفح.. هل تملك أميركا ما يحتاجه نتنياهو؟




.. مذكرة تعاون بين العراق وسوريا لأمن الحدود ومكافحة المخدرات


.. رئيس الوزراء الأردني: نرفض بشكل كامل توسيع أي عمليات عسكرية




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام تنفذ سلسلة عمليات نوعية في جبالي