الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفارقة التاريخية

عصام عبدالله

2007 / 12 / 14
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في عام 1993، تنبأ دريدا بظهور الحركات المناهضة للعولمة، التي تملأ الساحة اليوم، يقول: ما كنت أدعوه بالنزعة العالمية أو بالأممية الجديدة يفرض علينا تطوير القانون الدولي والمؤسسات التي تتحكم بالنظام العالمي: صندوق النقد الدولي، البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى، ثم الأمم المتحدة بصفة خاصة. فقد آن الأوان لتغيير ميثاق هذه المنظمة وتغيير تركيبتها، ومكانها" .
وهو ما أكده "جورج سوروس" - Soros عام 2002 في كتابه: "حول العولمة" - on Globalization، الذي رأى أن سبب ظلم وإجحاف العولمة الرأسمالية يعود إلى أن "تطور مؤسساتنا الدولية لم يتناسب من حيث الإيقاع والسرعة مع تطور الأسواق المصرفية العالمية. يضاف إلى ذلك أن التدابير السياسية التي اتخذناها كانت بطيئة ومتخلفة عن السرعة التي تمت بها العولمة الاقتصادية. بمعنى آخر فإن العولمة السياسية لم تتحقق حتى الآن لكي تتساوق مع العولمة الاقتصادية التي قطعت شوطًا كبيرًا في التحقق" .
غير أن سوروس كأحد أكبر المستفيدين من العولمة، فضلاً عن كونه الشخصية النموذجية للعولمة، وهو ثمرة هوياته المتعددة: يهودي من أصل مجري يحمل الجنسية الأمريكية ورجل مالي ومحسن منهمك في تمويل بلدان الشرق، لاحظ حصول تحالف غير مألوف بين أصولي السوق الحرة في جهة أقصى اليمين والمنظمات المناهضة للعولمة في أقصى اليسار يقول: "هناك تحالف موضوعي غريب الشكل بين هاتين الجهتين العدوتين (سابقًا). وهو تحالف يهدف إلى تدمير المؤسسات الدولية التي نملكها حاليًا " .
وربما كان كتاب دريدا "أطياف ماركس" الذي أصدره أيضًا في عام 1993، هو المحرك الجوفي للعديد من الأطروحات المتناقضة في مرحلة التسعينيات، وأتهم بسببه من اليمين واليسار معًا. حيث أعتبر كتابه عن "أطياف" أو "اشباح" ماركس - Specters of Marx (ثورة) على التفكيك، ورد اعتبار للعقل أو اللوغوس، وللأفكار والمفاهيم الأساسية ذات النزعة الكونية - Grand narrative التي كانت مصدر سخرية من التفكيك، حيث تحدث فيه دريدا لأول مرة عن "الثورة" و "النضال" و "الايديولوجيا" منذ أن أعلن لأول مرة تفكيك الميتافيزيقا الغربية عام 1967.
في هذا الكتاب جادل دريدا "فوكوياما" حول كتابه "نهاية التاريخ" جدلاً عقلانيًا، وقال: بأن الديمقراطية الليبرالية لم تتحقق في كل بلدان العالم كي نقول بأن التاريخ قد انتهى، ناهيك عن أنها لم تجد حلاً حتى الآن لمشكلة الفقر والبؤس الاجتماعي، حتى داخل المجتمعات الغربية نفسها.
وكتاب دريدا في الأصل مجموعة من المحاضرات التي ألقاها في جامعات الولايات المتحدة، دعا فيها إلى عدم التنكر الكلي لـ "ماركس"، ذلك أن ماركس لم يمت ولم يقل كلمته الأخيرة بعد. بل يجب استلهام روح النقد الاجتماعي "النقد الراديكالي" من كتاباته. وأهم ما يلفت النظر في طرح دريدا إزاء الرأسمالية الراهنة، هو لجوءه إلى التراث الغربي كوسيلة للخلاص، على اعتبار أن ماركس جزء مهم من هذا التراث.
ويبدو أن فكرة "الطيف" أو "الشبح" بمثابة الخيط اللامرئي الذي يربط مفاهيم دريدا عن "المحاكاة" و "التناسخ" و"الأثر"، كما أنها تتعلق بجميع أفكاره المرتبطة بـ "اللاحسم" indecidable باعتباره الشرط الرئيسي لاتخاذ أي قرار مسئول.
هذا من جهة، من جهة أخرى فهو يرينا كيف يتحقق قانون المفارقة التاريخية - anachronie أو عدم التطابق الزمني، باعتباره قانون النهاية والفناء، وذلك لأن الشيء يعيش بعد صاحبه ويوجد على شكل فكره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |


.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #


.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ




.. هجوم بـ-جسم مجهول-.. سفينة تتعرض -لأضرار طفيفة- في البحر الأ