الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قف للمعلم.... قف مع المعلم

جاسم الحلفي

2007 / 12 / 14
الحركة العمالية والنقابية


لا يوجد من هو احرص من المعلمين على العملية التربوية، وعلى انتظام الدوام في المدارس، لا شك في ذلك. فلم تجد تفجيرات الإرهابيين بتعطيل الدراسة، ولا تهديدات المليشيات بقطع الدوام، موقعا أمام إقدام المعلمين وإصرارهم على استمرار عملية التعليم.

لكن المعلمين إذ يلوحون هذه الأيام بالاعتصام، مطالبين الحكومة (بالإيفاء بالعهود التي قطعتها على نفسها لتحسين المستوى المعيشي لـ(500) إلف عائلة تعيش حالة الفقر، بعد وصول النقابة إلى طريق مسدود مع المسؤولين بشان تحسين أوضاع المعلمين الاقتصادية المتردية)، حسب ما جاء في بيان المجلس المركزي لنقابة المعلمين العراقيين، فإنهم بذلك إنما يؤكدون حقوقهم وحقوق عوائلهم من خير العراق الذي لا بد له ان يشمل كل عراقي، فكيف الأمر بالنسبة لأولئك الذين يحترقون كشموع من اجل العراق؟

وبهذا الإنذار المبكر يكون المعلمون قد وضعوا الجميع إمام توقيتات، الاعتصام أولا ثم الإضراب لاحقا إذا لم تتم الاستجابة لمطاليبهم. ومثلي مثل الملايين من ابناء شعبنا أعرف صعوبة الأوضاع التي هم فيها، وان معاناتهم أصبحت لا تطاق، وان شكواهم لم تجد، على ما يبدو، من يصغي إليها، وان صبرهم لم يعد يحتمل من كثرة الوعود وعسل الكلام. فيا ترى أي وضع هم فيه الآن، والى أي درجة من الغضب وصلوا؟

يشهد تاريخ العراق المعاصر مواقف جليلة للمعلمين، وسجل وقفاتهم مع قضايا شعبهم ووطنهم، كبير ومشرف. فقد قدموا التضحيات الكبيرة جراء وطنيتهم، ولم يبخلوا بعطاءاتهم في سبيل ترسيخ قيم الخير والإنسانية والمثل وسائر القيم الطيبة.

واذكر للمعلمين في كردستان وقفتهم الأبية، في فتح صفوف الدراسة للطلبة، دون ان يستلموا درهما واحدا، او ينتظروا استلام راتب، بعد انتفاضة آذار المباركة عام 1990، في اشد أيام الحصار المزدوج ضراوة على كردستان، حيث الحصار الدولي الظالم الذي شمل العراق كله، وحصار الدكتاتورية. وبإعمالهم ومبادراتهم الجليلة تلك، سجل المعلمون هناك مأثرة كبيرة إذ فتحوا كوة الأمل، لكسر الحصار.

وما ان بدأت بشائر كسر الحصار والانتصار عليه، حتى بادرت حكومة الإقليم آنذاك، بتكريم المعلمين تكريما معنويا وماديا ترك أثرا طيبا عندهم. وتواصل دعم حكومة الإقليم لهم، وهم يتطلعون الى الأكثر، ولهم الحق في ذلك، واذ نشير الى هذا المثال نتطلع أن يحظى المعلمون من باقي مدن العراق بتكريمهم ومساواتهم مع زملائهم في إقليم كردستان.

ان المعاناة الشديدة التي مرّت على المعلمين، والمخاطر الحياتية البالغة التي تعرضوا لها، وصمودهم ونجاحهم في استمرار العملية التعليمية، رغم الإرهاب الذي طال المدارس، والتصفيات الطائفية وتهديدات المليشيات وعمليات التهجير، تتطلب من كل منصف ان لا يترك المعلمين وحدهم. وعلى الحكومة الاتحادية عدم نسيان شجاعة المعلمين ونكران ذاتهم، وروحهم الاقتحامية المقدامة التي لولاها لانهارت العملية التعليمية والتربوية في العراق، هذا الخيار المدمر الذي راهنت عليه كل قوى الشر والإرهاب، وخسرته جراء البسالة النادرة للمعلمين الذين انتصروا للعراق عبر إرادة خيرة ونبيلة.

للمعملين طاقة تحمل كبيرة، فهم من علّم ويعلّم الحرف والعلم والتربية والأمل. انهم يؤدون واجباتهم بصبر وأناة وإتقان، ولم يطلبوا أكثر من تحسين مستويات الرواتب وصرف مخصصاتهم، بعد طوال معاناة. ويجب ان يتذكر الجميع ان المعلمين يعرفون حجم الأموال التي ذكرتها الأرقام المعلنة في الموازنة الكبيرة لعام 2008، فكيف لو طالبوا بحقهم في الأرقام غير المعلنة؟ عندها بالتأكيد ستكون لهم، قبل غيرهم، وقفة أخرى.

المعلمون بحاجة إلى رعاية استثنائية وحلول ملموسة لمشاكلهم، فلا تدعوهم يلجأون إلى الخيار الأخير: خيار الإضراب العام. اننا نراهن على النظرة الحكيمة بدلا من ما تفعله النعامة!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قُبيل ألمبياد باريس -تطهير اجتماعي- بحق طالبي لجوء مشردين بن


.. زيادة في الأجر الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص في تونس بنسبة 7




.. مظاهرات في إسرائيل احتجاجا على سياسة الحكومة ودعوات بحل الكن


.. روبوت يقفز من فوق السلم بسبب عدد ساعات العمل في في كوريا




.. طلاب كلية لندن للاقتصاد يعتصمون لمقاطعة الشركات الإسرائيلية