الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانفصاليون الجدد: مائة عام من العزلة

عبد اللطيف المنيّر

2007 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


دخلت منطقة الشرق الأوسط في مرحلة جديدة غير نوعية وحسب، لا بل كارثية. حيث الأحداث اليومية التي تمر بها المنطقة، ابتداءً بأحداث غزة، والتي انفصلت عن الرئاسة الفلسطنية في الضفة الغربية، وأصبحت نتيجة لذلك دولة فلسطين دولتين!. وكذلك الفراغ الرئاسي الذي خلفه الصراع السياسي في لبنان، وتمسك المعارضة بسلّة من المطالب لترشيح الرئيس الجديد!. وانتهاءً بفصل الشمال العراقي للدولة الكوردية وضم إقليم كركوك الغني بالنفط إلى كوردستان الجديد، في ظل استمرار مسلسل القتل اليومي في العراق.

هل تعتبر هذه التطورات وليدة أحداث آنية؟ أم هي نتيجة تجاذبات واحتكارات سياسية في كل من المناطق الثلاث المذكورة آنفا؟ أم هو المشروع الإنفصالي "البديل" للمشروع الأميركي لشرق أوسط جديد؟ وإذا سألنا جموع "الانفصاليون الجدد" السؤال البديهي والبسيط، ما هي مقومات مشروعكم وأهدافه على المدى الطويل، وهل سبل نجاحه متوفره على الصعيدين المحلي والدولي؟. سيكون الجواب سلبا وبشكل صريح وقبل الدخول في جزئيته وتفاصيله.!

وإذا سلمنا جدلا، ونحن مغمضو الأعيُن، أن ندعم المشروع الانفصالي الجديد، لاهثين وراء شعاراته الرنانة، فهل تتحمل شعوب هذه المناطق تبعات ما سلمنا إليه، وندخل بها في دوامة مائة عام أخرى من العزلة؟!.

هؤلاء الانفصاليون المنضوون تحت لواء "التأسلم" والذين يدّعون حمل مشروع مضاد للمشروع الأميركي الشرق أوسطي، والذين يكررون نظرية الأحزاب الإسلامية وتطبيقاتها في الخطابات الدعوية التي ما فتئتوا ينفثونها على مسامع الشابات والشباب على مدى أكثر من أربعين عاما، دغدغة لمشاعرهم واستغلالاً للغة الدين الأصولية المنهج، لتحقيق حاجات سياسية وصولية، جاءت في سعيها الانفصالي لتثبت أنها - وعن غير دراية - تنفّذ مصالح وغايات الغرب - الذي طالما تنبأ مناهضو المشروع الأميركي بشرّها المستطير. بيد أن الذي دفع ثمن هذا الانفصال أولاً، هوالشعب المقهور والمغلوب على أمره، إذ وقع الفلسطيني في غزة بين مطرقة الاحتلال الاسرائيلي وسندان حماس. كذلك الأمر، وقع لبنان كله بين مطرقة النفوذ السوري وسندان حزب الله، وفي كلاهما كانت إيران دينامو الدفع باتجاه إنضاج المشروع الإسلاموي الإنفصالي الجديد.

كنا نتوقع من هؤلاء أن يكون استثمارهم لسنين نضالهم أفضل من أن يوظف في مشاريع انفصالية تؤدي مزيدا من التفكك في دولهم التي رعتهم ودعمتهم ووقفت بجانبهم في مسيرة التحرير. وكنا نتوقع أن يقف حزب الله كتفا بكتف إلى الجيش اللبناني في معارك نهر البارد! وكنا نتوقع أيضا أن تقف حماس بندّية المفاوض جنبا إلى جنب والسلطة، وتكون داعما لها في المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني.

اليابان خرجت من الأزمة المستعصية في مواجه أمريكا بمقارعتها سياسيا واقتصاديا، ومنافستها علما وتقنيه، لاعنفا وتدميرا قاتلاً لكلاهما. فهل ترتقي الجماعات المسلحة في لبنان وفلسطين والعراق إلى مستوى الخطاب السياسي في مقارعة الأقوى لمواجهة المنافس الضد، إذ لا يمكن حمل السلاح والتلويح بتبني مشروع تنويري نهضوي في منطقة الشرق الأوسط في آن؟ وهل تتخلى تلك الجماعات عن لغة السلاح كأداة فصل، إذ أن عسكرة السياسة مناقضة تماما للمفهوم المنطقي للوصول الى الأهداف المنشودة، تجربة نيلسون منديلا مثالا؟!.

ذلك تماماً ما نهجه الجيش الجمهوري الأيرلندي عندما اختار أن يتحول إلى حزب سياسي، بعد محاولات جيري آدمز (الجناح السياسي) بإقناع الشين فين (الجناح العسكري) بإلقاء السلاح، منهيا في اتفاقية بلفاست عام 1998 مايقارب مائة عام من البؤس والدمار، وأصبحت لغة السياسة والتي اختصرت سنين الضياع، هي أقوى من رصاص العسكر والموت! فهل تستفيد مليشيات منطقتنا من تلك التجارب النضالية في الخروج من بوتقة اللا حرب واللاسلم المستديمة!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يعرض شروطه لوقف الحرب في أوكرانيا • فرانس 24


.. انطلاق مناسك الحج في مكة المكرمة وسط درجات حرارة قياسية




.. سلسلة هجمات لحزب الله على إسرائيل وواشنطن وباريس تسعيان لوقف


.. ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح ب




.. جبهة لبنان وإسرائيل المشتعلة.. هل تحولت إلى حرب غير معلنة؟|