الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق بلا خارطة

سمير عادل

2003 / 11 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


   لا يشك اي شخص بأن مشروع "خارطة الطريق" الذي طرحه جورج دبليو بوش، كان من اجل احتواء تصاعد النقمة الشعبية والدولية ضد الادارة الامريكية، عندما كانت تخطط لشن حربها على العراق. ولا شك ايضا ان الادارة الامريكية لم تكن جادة ابدا في حل القضية الفلسطينية واحلال السلام في الشرق الاوسط، عندما طرحت المشروع المذكور. فكان مشروع من اجل تمويه العالم بأن امريكا ما زالت راعية عملية السلام بالرغم من تحضيراتها العسكرية في شن حرب ابادة ضد جماهير العراق. اي بعبارة احرى من الممكن الامساك بعصا السلام وعصا الارهاب بيد واحدة.
الوقائع اليومية تثبت الان، بان خارطة الطريق اصبحت بوصلة لحليفة امريكا وطفلها المدلل اسرائيل، لشن اكبر حملة ابادة ضد الفلسطينيين. فشارون الذي هو زعيم مجرم لاكبر دولة ارهابية في العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية، بات لا يعبث بامن وسلامة الاسرائيليين والفلسطينيين على حد السواء فحسب، بل اصبح يعبث بامن المنطقة. فطائراته الحربية تقصف العمق السوري، بذريعة وجود المنظمات الارهابية، وتشن غارات على جنوب لبنان، وتطلق التصريحات:ان اسرائيل تضرب عدوها اينما كان.
   لم تجيير "خارطة الطريق" ابدا الا كاداة في تقويض سلطة عرفات ونقل الصراع بين دولة اسرائيل والفلسطينين الى داخل الفصائل الفلسطينية. ومن جهة اخرى ادى ذلك المشروع المشؤوم الى اعطاء المبررات للمنظمات الارهابية مثل حماس والجهاد في ادامة جرائمهم ضد المدنيين الاسرائيليين. الان اصبح الشغل الشاغل، هو من يستطيع ان يشكل حكومة ينال رضى عرفات ورضى شارون. تلك الحكومة الغيبية التي لن يكن لها ان ترى النور الا في افلام الرعب من انتاج هوليود. فلم يمض الا 48 ساعة على تشكيل حكومة قريع الا وتواردت الانباء عن التهديد بالاستقالة جراء خلافات مع عرفات. ولسوف لن ينس التاريخ، بأن ابو مازن وحكومته، كانتا بمثابة قربانا لتعبيد ذلك الطريق الذي لم يكن له خارطة طوال اكثر من نصف قرن من الصراع الفلسطيني –الاسرائيلي. وهو طريق ادامة الارهاب وضياع اي افق في تأسيس الدولة الفلسطينة المستقلة وانهاء الظلم القومي على الشعب الفلسطيني.  لقد نجحت تلك الخارطة الى جانب حكومة شارون، بادامة حملاتها العسكرية في مناطق غزة والعمق الفلسطيني دون اي رادع.ان سياسة تهديم المنازل وتهجير وتشريد سكانها، وبناء الجدار الامني والفصل العنصري بين الفلسطينيين والاسرائيليين، والاستمرار في بناء المستوطنات، كلها ثمار طريق بلا خارطة. لقد حاول بوش عن طريق الاعلام المأجور، بأن يصور نفسه راعي عملية سلام، وكانت محاولة منه في فصل مسار القضية الفلسطينية عن مسألة العراق الذي نجح صدام حسين بالربط المحكم بينهما. بيد انه اثبت ولاول مرة بأن مسار القضيتين واحد. فمحاربة"الارهاب" التي تبررانها كلتا الحكومتين، شارون وبوش في شن حملاتها الحربية في المنطقة، هو المسار الذي يربط بينهما.
وهكذا تتحول خارطة الطريق الى مادة للاعلام وتسطير المقالات والتحليلات السياسية حولها، واداة للتسويف والمماطلة والتمويه في حل القضية الفلسطينية واحلال السلام في الشرق الاوسط. انها لم تكن الا دعاية مظللة وكاذبة لاظهار ادارة بوش بانها راعية عملية سلام. لقد بات اكثر وضوحا منذ اتفاقية اوسلو، بأن حل القضية الفلسطينية، ليست بيد امريكا ولا دولة اسرائيل الارهابية ولا الفصائل الفلسطينة الارهابية التي لا تفرق بين الاطفال والمدنيين الاسرائيليين ومجرمين مثل بيرس وشارون وغيرهم، بل بيد الجماهير المتطلعة للسلام في اسرائيل وفلسطين. ان خارطة الطريق لبوش هي خارطة لشارون وحماس والجهاد لنسف عملية السلام. اما خارطة طريق السلام، فهي بيد تلك الجماهير التواقة للتحرر من الظلم القومي وايام الرعب والخوف.  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يتهرب من الإجابة عن سؤال حول إرسال قوات أمريكية للقتال


.. مهند مصطفى: إسرائيل بدأت تدرك صعوبة وتعقيد جبهة الشمال




.. غارة إسرائيلية على شقة سكنية في طرابلس شمال لبنان


.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا




.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق