الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تكريم رجال القلم ...من هو الصحفي؟

حسان غانم

2007 / 12 / 16
الصحافة والاعلام


كم هو رائع وجميل أن نقوم بتكريم أشخاص قدموا عصارة جهودهم في سبيل خدمة أبناء وطنهم ودفع عجلة الرقي بمجتمعهم وكم هو رائع أيضاً أن نكرمهم في حياتهم وليس فقط حينما يرحلون عن هذه الدنيا .فالتكريم بحد ذاته ظاهرة حضارية وقوة دفع , تجعل من المكرمين في حالة من التألق والعطاء, كما هو أيضاً أمثولة للنشء الجديد الذين سيلحظون ذلك التفضيل الجميل والتكريم لجهود عظيمة ,أعطوا الكثير من الخدمات الجليلة لمجتمعهم
ولأن التكريم يعني وضع الشخص في مكانته المناسبة لعمله وإنجازاته و يدل على ثقافة أبناء المجتمع , وينم عن وعي الآخر و يدل على الاعتراف بالجهد الذي بذله المكرَِّم حتى ساعة تكريمه والإحساس بعطاء الآخرين..
وللتكريم صوراً متعددة لا تقتصر فقط على إقامة مراسم الاحتفال وتكريم المحتفى به ,ولكن يجب أن نشعر المكرم أنه دائماً محط الأنظار والاهتمام ,وأن هناك الكثيرون الذين يثنون عليه وعلى جهوده وأعماله الرائعة حيال أبناء وطنه ,وبذلك يعطيه هذا التكريم تألق أكثر وحيوية ورغبة في تقديم الأفضل وإنجازات كثيرة نحن بحاجة إليها ، وبهذا يجعله التكريم ينتقل من دائرة مضاءة إلى أخرى أكثر ضياء .
وقد جاء كلامي هذا اليوم بمناسبة تكريم الأسرة الإعلامية في محافظة السويداء بمبادرة كريمة تستحق الشكر والتقدير من القنصلية البرازيلية الفخرية بالسويداء وعلى رأسها سعادة القنصل الفخري الدكتور رفلة كردوس وبرعاية رئيس اتحاد الصحفيين السيد إلياس مراد وحضور السيدان أركان الشوفي أمين فرع الحزب والمهندس علي أحمد منصورة محافظ السويداء....
حيث أشار السيد رئيس اتحاد الصحفيين إلى أهمية دور الإعلام في تسليط الضوء على مناحي الحياة كافة داعياً العاملين في المجال الإعلامي إلى توخي الدقة والحقيقة في تصوير الأحداث والوقائع حتى يكونوا شركاء حقيقيين في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها سورية .
فيما أكد الدكتور رفلة كردوس أهمية الدور الذي يضطلع به الإعلام في تعميق علاقات الصداقة والمحبة بين الشعوب مشيداً بالدور الايجابي للإعلام في مجال التبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب .
وقديماً حددت نقابة الصحفيين في فرنسا تعريف الصحفي بالآتي: «إن الصحفي الجدير بهذا الاسم.. يأخذ على عاتقه تبعة كل كتاباته حتى ولو كانت غفلاً من الإمضاء!.. فيعتبر الطعن والتشهير، والقذف، والاتهامات التي لادليل عليها.. من أشنع أخطاء الصنعة!.. وهو لايقبل إلا المهمات التي تتفق مع كرامة المهنة، ويمتنع عن ادعاء لقب أو انتحال صفة ليحصل على الخبر.. وهو لا يأخذ مالاً من عمل حكومي، أو منشأة خاصة.. يمكن أن تصبح فيهما صفته الصحفية.. أو علاقاته، أو يصبح نفوذه عرضة للاستغلال؟!.. وهو لايوقع باسمه مقالات للإعلان التجاري أو المالي البحت.. وهو لايرتكب سرقة أدبية، ولايسعى في أخذ مركز زميل له.. ولا يعمل على فصله بان يتقدم للعمل بشروط أدنى ! وهو يحفظ سر المهنة، ولايسيئ استعمال حرية الصحافة بقصد مغرض؟!!»
كما إن كليات الإعلام وأقسام الصحافة اليوم تخرج العديد من حاملي الشهادات الجامعية إلا أن القادرين على العمل في هذه المهنة الاستثنائية لايتجاوزون العشرة في المائة من مجموع الخريجين الذين قد يتجاوزون المئات وربما أكثر.كما انه ليس كل من يعمل في مؤسسة إعلامية أو صحفية جديراً بتحمل مهنة (صحفي). وقد تتوافر شروط العضوية الظاهرة.. دون توافر القدرة على العطاء.. ودون توافر القيم والمعايير التي تجسد جوهر العمل الصحفي؟! إنني لا أتحدث هنا عن الصحافة.. وإنما عن الصحفي الذي يوجدها.. والقادر أن يجعل من صحيفته.. صوتاً جلياً للأمة.. وسيفاً قاطعاً للحقيقة.. وملاذاً آمناً للمظلوم.. ولجاماً محكماً للظالم.. ملتزماً بأخلاقيات المهنة.. وبنشر الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة مهما كانت مرة..هنا لابد من السؤال : من هو الصحفي ؟ وكيف يصبح حاملاً لشرف هذه المهنة ، وما هي مقوماته لذلك ، ثم ما هي حقوقه وما هي واجباته ؟ وبداية فإن الصحفي هو مواطن مثل باقي أبناء الوطن ولكنه يختلف لأنه يحمل داخل رأسه عقلاً يفكر فيما يشغل كافة العقول من هموم ، وهكذا فإنه يشكل وعى وضمير الوطن ، يبحث عن المشاكل ويستطلع أسبابها ويسعى جاهداً لوضع خطوات العلاج ... والتفكير في حمل رسالة الصحافة والانضمام لقافلة الشرفاء الذين يتحملون عبء الدفاع عن الوطن وحماية عقول أبناءه ، ثم دخول هذه الفكرة إلى حيز التنفيذ وما يصاحب ذلك من معاناة. إنه الشخص الذي ينقل من خلال الكتابة حضوره لحدث معين وبالتالي ينقل التجربة التي عاشها وشاهدها إلى القارئ، لكي يجعله يعيش التجربة ذاتها ، ويشعره انه كان حاضراً في ذلك الحدث، من خلال وصفه الدقيق والعميق وبلغة سهلة.فعندما يعطي الصحفي هذا الإحساس إلى القارئ يكون بذلك قد حقق طموحه في الكتابة ، لكن تواجه الصحفي من هذا النوع بعض المشاكل أهمها طول المقال ..و في الماضي كان الصحفي يعرف على أنه إما أن يكون ناقداً موهوب الجانب أو مغامراً ، أو من هواة القلم .. أما اليوم فهو اختصاصي أعلام .. وهو الشخص الذي يكرّس جلّ وقته لممارسة الصحافة ..إن الصفات التي تميز المهنة المعاصرة هي الاختصاص الجدي والتقنية المتنامية ، حيث أن الإعداد والتخصص العلمي للعاملين في هذه المهنة لم يكن وارداً في ثلاثينات القرن الماضي ولم يكن أحداً يجرؤ على مخالفة الرأي السائد آنذاك ” بأننا نولد صحفيين ، ولا نتعلم الصحافة " وقليلة هي المهن التي شهدت تطورات متعددة وسريعة والصحافة هي إحدى تلك المهن التي تغيرت تحت تأثير متطلبات وظروف العصر، أن تطور البنيات السياسية ترك أثره الكبير والواضح على الصحافة بالإضافة إلى تزايد دور الدولة في مادة الأعلام أكثر منه في أي قطاع آخر، مما أدى إلى حدوث تحول في المبادئ التي تحكم الصحافة .. ولقد وعى العالم على حقيقة ” أن حرية الصحافة هي الضمان الكافي لحق الإعلام ".
بقي أن نقول أن تكريم الصحفيين هذه الأيام حلقة مباركة في سلسلة نفيسة نرجو أن لاتستثني أحداً ممن كتبوا كلمة مسؤولة، أو استنبتوا بذرة خيّرة، أو رفعوا مدماكاً صلباً في بناء هذا الوطن الصامد في وجه الأعاصير الهادرة والمؤامرات الغادرة، والحصارات الحاقدة.
إن تكريم أي صحفي هو تكريم للقلم الملتزم قضايا الجماهير، وهموم الوطن والمواطنين، كما هو في الوقت عينه تكريم للرجال الذين يحوّلون الواقع المدقع والمظلم إلى ضوء مبهج بالجهاد، والعناد، ومغالبة الصعاب، والانتصار على الفقر بالكدح الشريف، عبر المهن المتواضعة، والجهد الخلاّق الذي يحوّل الحياة إلى مناجم إبداع، ومنابر إشعاع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أضواء قطبية -مذهلة- تنير السماء بفعل عاصفة شمسية -تاريخية-


.. النيابة العامة في تونس تمدد الاحتفاظ ببرهان بسيس ومراد الزغي




.. الجيش الإسرائيلي يعلن تكبده خسائر بشرية على الجبهة الشمالية


.. الحرب تشتعل من جديد في جباليا.. ونزوح جديد للغزيين




.. بعد الزلزال.. غضب في تركيا و-مفاجآت سارة- في المغرب