الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاتن نور: الهوية الإنسانية هاجسي الأهم،اريدها ان تتصدر إنتماء الانسان أينما وجد

مازن لطيف علي

2007 / 12 / 16
مقابلات و حوارات


عراقية من ثغر العراق، محافظة البصرة الفيحاء حاصلة على بكالوريوس هندسة مدنية من جامعة البصرة مارست مهنة الهندسة في وزارات عديدة..ترى ان علاقة الرجل بالمرأة علاقة ذكر بأنثى،ولهذا فهي علاقة مقيدة اجتماعيا بترسانة من المفاهيم التقليدية التي تبرر نمطية تلك العلاقة وتضطلع باهدافها الغرائزية،والمعضلة لا تكمن بطبيعة الفهم التقليدي،بل ما يقف خلفه من بنية ثقافية داعمة له بما تفرضة من اغلال وقيود لترسيخ تلك النمطية،ولعل بداية السبيل هي بالاعتراف اولا بعجز تلك البنية عن صياغة علاقة انسانية سليمة بين الرجل والمرأة لا تقبع في قوقعة الذكورة والأنوثة،وتستهدف مسؤولية الإنتاج الحضاري في المجتمع وممارساته في شتى الحقول وبكافة الصعد والمستويات،في حوار نا معها ..وفاتن نورتكتب الشعر منذ كانت طالبة في المرحلة المتوسطة وهي هاوية للكتابة وليستُ بمحترفة
تكتب بعفويّة وأسترسال وتنوّع ولأتخشى ما قيل أو قد يقال فصدق الأحساس عندها هو القضية حُلمها أن تعود الى العراق وتطأ أقدامها تُراباً حراً .. كان لنا معها هذا الحوار :



سطوع رمز البطل في الثقافة العربية اكثر من غيرها من الثقافات الاخرى ؟

عقدة"البطل" المنقذ او المخلص عقدة قديمة كامنة في الوعي العربي،وهو وعي مأزوم حضاريا،فبعد التحرر من نير الأستعمار الأجنبي وقع فريسة لأنظمة دكتاتورية مارست كل صنوف القهر والإستبداد والحجر المعرفي على كافة الصعد، فمسخت تحرر الانسان العربي من اغلال وجبروت سلطة المستعمر الخارجي الى غنيمة خاصة يعبث بها حاكم مطلق - مستعمر داخلي- ،كما ان الثقافة العربية ثقافة عقائدية بغالبها وتنهل من تراكمات تراثية ومرجعيات معرفية تقع خارج العصر والزمان ويشوبها الكثير من الأوهام والأساطير التي رسخت فكرة المخلص كما رسخت ثقافة الكسل والإتكال،وبمنطقها الذرائعي تهادن الحاكم الظالم وتسوغ لإستمرار حكمه، الذات العربية ذات مقهورة بكل ما مر بها،وما زال، من ازمات ونكبات تاريخية وتحديات مصيرية،ذات محبطة يائسة،اثقلها الخوف من الرقيب السلطوي بقبعته السياسية او الدينية، فعلاقتها بهذا وذاك علاقة الضعيف بالقوي والعبد بالسيد،وعلاقة الجاهل بالملقن اللاهوتي المعصوم بترفه الفكري،بؤس الواقع السياسي والأجتماعي والثقافي بحديثه القديم،وقديمه الحديث ولد فكرا عربيا متخبطا بين ماضيه وحاضره، مضطربا امام مستقبله ، يتوسل شعاراته الطنانه واحلامه النرجسية الماضوية تارة، واخرى يلوذ بمعول الاصلاح الداخلي كعجلة للنهوض علما ان الإصلاحات المنظورة في الواقع العربي ما هي إلا ترميم لشرعنة استمرار الأنظمة الحاكمة وتوريثها في الخيمة العائلية او خيمة الحزب الحاكم،امام واقع سياسي مهلهل،ومشهد ثقافي مسرحه الإستلاب السلفي وتقديس الشخوص،وازاء الخوار والتداعي وغياب آليات الإصلاح والتنمية الحضارية لم يبق امام الانسان العربي المطحون من مفر غير الإستشراف بالحلم المأسور بعقدته"البطل المنقذ" والذي بقدراته وطاقاته الخارقة سينتشل الأمة من قيعان حضيضها وتصدعها الى قمة مجدها وعنفوانها، المخلص الذي سيمنحه الحرية والكرامة ويعيد له حقوقه المنتهبة..
..حلم جميل قوامه "الإنتظار" كآلية للتفعيل،وينسجم مع آليات الركود والجمود التي صاغت الوعي العام وشكلته ليرتع ويبرع في تبرير ازمات الواقع بدلا من معالجتها او السعي لهذا،فالسعي والعمل الجمعي البناء وعلى اسس معرفية منفتحة على العصر واحتياجاته لا تصلح كمنقذ على طاولة الحاضر، اذ ان المنقذ فرد خرافي قادم لا محالة من غياهب المجهول..


ما هو السبيل لتوضيح العلاقة المدنية الصحيحة بين الرجل والمرأة من خلال الجنس ,السلطة ,المجتمع؟

علاقة الرجل بالمرأة علاقة ذكر بأنثى،ولهذا فهي علاقة مقيدة اجتماعيا بترسانة من المفاهيم التقليدية التي تبرر نمطية تلك العلاقة وتضطلع باهدافها الغرائزية،والمعضلة لا تكمن بطبيعة الفهم التقليدي،بل ما يقف خلفه من بنية ثقافية داعمة له بما تفرضة من اغلال وقيود لترسيخ تلك النمطية،ولعل بداية السبيل هي بالاعتراف اولا بعجز تلك البنية عن صياغة علاقة انسانية سليمة بين الرجل والمرأة لا تقبع في قوقعة الذكورة والأنوثة،وتستهدف مسؤولية الإنتاج الحضاري في المجتمع وممارساته في شتى الحقول وبكافة الصعد والمستويات،الاعتراف خطوة او انطلاقة نيرة على الطريق،ولكنها خطوة معقدة وشائكة لسببين كما ارى..اما الاول، لكونها ثقافة ذكورية،ولأن سلطة القرار سلطة ذكورية،هذا يعني تشذيب وتصحيح ثقافية مصاغة ذكوريا وراسخة في الوعي العام،بمعول القرار الذكوري،وكي نمتلك معول كهذا لا بد من وجود نخبة ذكورية متمكنة فكريا وايدلوجيا ومؤثرة في الوعي الجمعي وانساق صياغته التربوية،تقر بضرورة تصحيح كهذا،تدعم نضال المرأة وتحتضنه لشحذ معولها،واقرار من هذا النوع يعني اعتراف ضمني بالهشاشة الموضوعية لتلك الثقافة فيما يخص المرأة،الرجل،علاقة كل منهما بالآخر وطبيعة تلك العلاقة المختزلة والمقيدة بحدود اصغر مؤسسة اجتماعية وبشكلها الديكتاتوري،اما السبب الثاني، فلكونها ثقافة عقائدية محفوفة بالتقديس رغم شوائبها،وامتزاجها بالقيم العشائرية وترسانتي العرف والتقليد،وهذا سيضع الإقرار بهشاشة المقدس في المحك الصعب...
ليس من السهل تصحيح بنية ثقافية ضاربة في عمق التاريخ ومستحوذة على العقل الجمعي،فهذا يحتاج الى جهود تنويرية نهضوية مقاسها ثورة فكرية تؤسس لقيام سلطة سياسية تجتث البالي وتزيح اغبرته الوردية،تعالج المفيد وتعيد صياغته بما يتناسب مع مقتضيات الحاضر والمستقبل واحتياجات الإنسان المعاصر وتطلعاته..سلطة لا تلغو بالديمقراطية بل تؤمن بها، وتؤسس لدق بنيتها التحتية،ولا تلغو بالمساواة بل تخلق اجندة تربوية لإشاعتها وممارستها،سلطة تلغي كل اشكال التمييز على اساس الجنس بلا استثناء وتجتث جذروه العفنة، تشيع ثقافة الإختلاط في كافة المراحل التعليمية لتنمية العلاقة بين الجنسين ومنذ الطفولة بقواسم التواصل العلمي والمعرفي، وعوامل المنافسة الفكرية والإبداعية لفك اسر تلك العلاقة من اغلالها العسكرية- الجنسية..
ممكن ان نجني الكثير من خلال تنمية علاقة جنسية صحيحة ومعافاة بين الرجل والمرأة،ولكن الثقافة الجنسية في مجتمعاتنا ثقافة محظورة،والحديث عنها هو حديث فساد وإفساد في معارفنا ،كما انها ثقافة محتكرة من قبل اولياء الله على الارض فهم القائمون بها خير قيام ولهم الفضل في اخراجها من المستوى الإنساني والوجداني الى مستوى الإنقضاض الحيواني بشكله السلمي الوديع..وهي جزء من ثقافة امتهان المرأة واذلالها بجبروت الطاعة المقدسة ومطاردتها بهذه الطاعة ولغاية السرير........

دمقرطة العراق الى اين ؟

سؤالك اوقعني في حيرة..ترى اين ممكن ان يتجه شيء غير موجود!....
لا اظن بأن الدمقرطة قفزة بهلوانية تنقلنا من نظام حكم استبدادي،بتركته الثقيلة،الى نظام حكم ديمقراطي بين ليلة وضحاها، لدمقرطة اية دولة تخوض تجربتها الديمقراطية الأولى لا بد من منهج عمل متكامل لا يبدأ من رأس الهرم بل من قاعدته،ورغم ان الديمقراطية تعني من ضمن ما تعنيه،التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع،إلا ان هذه الخطوة او المراحلة ،قفزة متصابية على السلم الديمقراطي اذ ان القائم بها يتغافل عن او يتجاوز على اولويات العملية الديمقراطية وتحولاتها المرحلية،فقبل تهيئة الصناديق لا بد من تهيئة الناخب واعداده نفسيا وقيميا، وهذه مسؤولية وطنية لا مجال لتهميشها او تقزيمها،لا سيما اذا كان هذا الناخب قد خرج توا من عزلة ثقافية وسياسية، ومن قمقم الترهيب والتغييب،ويبدو لي من القسوةاوالجهل تغييبه مجددا بزجه نحو صندوق لا يدرك تماما ما ورائه وما دلالاته السياسية والأجتماعية والثقافية على ارض الواقع..
بموازاة اعداد الناخب، كان لا بد من فرزنة القوائم الأنتخابية المرشحة للإنتخاب وتصفية قوائم الأحزاب غير السياسية كالأحزاب الطائفية والعرقية والعشائرية،و كل الأحزاب التي لا تمتلك اجندة عمل سياسي وطني صرف،او على اقل تقدير مطالبتها باعادة تنظيم صفوفها سياسيا وتقديم اجنداتها الوطنية بعيدا عن اية صفة عقائدية، وما شاكلها من الصفات، حتى وإن كانت تلك الصفة صفة الظهور الشخصي على مسرح الواقع السياسي..ياسيدي الكريم، الديمقراطية بناء يبدأ من تحت ويتطور بتأن ليشق طريقه الى السقف المراد،ولكل بناء اسس وآليات وجدولة عمل،تلك التي لا نمتلكها في العراق الذي لا حضور فيه لمؤسسات المجتمع المدني منذ ستينات القرن المنصرم،ولا دمقرطة جائزة بدون هذه المؤسسات والتي لا تـاتي هي الأخرى من فراغ بين ليلة وضحاها،فهي مشروع حضاري له طواقمه الفنية والمهنية والثقافية،ينمو بنموها ويتطور بتطور معارفها مع الزمن..
بشكل عام،الفراغ السياسي،الإجترارالفكري والتبلد المعرفي،الثقافة الإنتهازية الوصولية،هذا ما يخلفه اي نظام حكم دكتاتوري بعد انهياره،استحضار دمقرطة القفز بالزانة الى صناديق الإقتراع في حالة كهذه، ستؤول الدمقرطة حتما الى وباء اذ ستطفو على الساحة السياسية مزابل القاع بصنوفها...

ما هو هاجس فاتن نور الاهم؟

الهوية الإنسانية هاجسي الأهم،اريدها ان تتصدر إنتماء الانسان أينما وجد،أن لا تسبقها في الصدارة اية هوية اضيق آفق منها،بهذه الهوية سينطلق الإنسان بسيرورة النمو دون نقص معرفي، بعيدا عن تهويمات الهوية والتغريب وتسبيحات القطيعة والتنوير،سيرى المنجز الفكري/العلمي/الثقافي، في مشارق الأرض او مغاربها، منجزا انسانيا يخصه،يمنحه الوقار والهيبة وينطق بقيمته كأنسان، الصرح الحضاري في اقاصي الأرض سوف لا يشعره بالإحباط والعجز او الخيبة فهو صرح هويته،ينهل منه ويغرف،يفكك ويحلل ويركب لبيئته..هذا ما فعله العالم يوم كنا ننتج ما يصلح للتداول العالمي من علوم نظرية ومعارف عملية..بقيمة هذه الهوية ومن موضع صدارتها ستتفتت عزلة الإنسان الذهنية بصفاتها العقائدية/القومية/الأثنية..وستنفتح،بتآخي وسمو، على فضاءات الخزين الأنساني بأطيافه والوانه، وهذا بحد ذاته رقي كما أظن..واذا كان لا بد من هوية تلي الهوية الأنسانية فهي دون شك الهوية الوطنية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلى أين سيقود ستارمر بريطانيا؟ | المسائية


.. غزة .. هل اجتمعت الظروف و-الضغوط- لوقف إطلاق النار؟ • فرانس




.. تركيا وسوريا.. مساعي التقارب| #التاسعة


.. الانتخابات الإيرانية.. تمديد موعد التصويت مرتين في جولة الإ




.. جهود التهدئة في غزة.. ترقب بشأن فرص التوصل لاتفاق | #غرفة_ال