الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا شعبي في غزة ..!

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2007 / 12 / 16
الادب والفن


بعد خريف أنا بولس يأتي شتاء غزة قارصا دون أمطارٍ تدفئ أهاليها الفلسطينيين المحاصرين منذ الربيع .. غزة التي أصبحت الأشياء فيها نادرة ، ويبدو أنها ستبقى كذلك فترة طويلة .. لم يبق شيء في غزة لم يرتفع سعره إلى أضعاف مضاعفة نتيجة الحصار الظالم ، وجشع التجار الذي ليس له حدود ..! فقط الإنسان هو الذي لم يرتفع سعره ، بل صار لا يساوي شيء على المستوى المحلي ، لكن على المستوى الدولي فهو لا يقدر بثمن ..! وإلا لماذا يفرضون عليه هذا الحصار ، ويعقدون المؤتمرات والاجتماعات الدولية ؟ شعب غزة الشامخ والكبير ، شعب غزة الذي يساوي الكثير في المعادلة السياسية الدولية ، شعب غزة الذي فاجأ الجميع بانتفاضته عام 1987، وقبلها انتفاضة 1955 ضد مشروع التوطين ، شعب غزة العنيد في كفاحه ضد الظالمين وقوى الشر ، شعب غزة الذي رفض الذل والمهانة .. شعب غزة الذي رفض كل المساومات ، شعب غزة الذي قدم قوافل من الشهداء من خيرة أبنائه ، شعب غزة الذي دوخ التكنولوجيا العسكرية والجيش الذي لا يقهر ؟! شعب غزة الذي فاجأ الجميع بهدم سور فيلادلفي ( الجدار الذي بنته إسرائيل بين مصر ورفح ) شعب غزة أكبر من هزائمكم .. لماذا تسخرون منه وتقللون من قدره ..؟ لماذا تقولون : إنه لا يراهن عليه ..! لا يراهن عليه أيها المقامرون الخاسرون .. نعم ! إنه لا يراهن عليه في مقامراتكم الخاسرة ..! نعم إنه لن يقبل إلا بالنصر المحتوم ! لن يقبل برهان حساباتكم الفئوية الضيقة ، إنه ينظر إلى ما هو أكبر من تفكيركم المهزوم ..
يا شعب غزة لا تحزن
يا شعب غزة لا تيأس
يا شعب غزة ليننجراد لم تمت
وروما لم تصبح رمادا
والشتاء لن يطول
والربيع سوف يأتي
ومن دمك سينبت الإقحوان
ومن جوعك سيولد الفتيان
ليعلنوا النصر
ويرفعوا رايات الحب والسلام
يا شعبي اصبر على بلواك ،
واحتاط أكثر من هؤلاء ..
الذين لا يعرفون الحياة /
الذين لا يحبون إلا الموت ..!
يا شعبي ها قد جربت الثورجيين ،
وجربت المتدينين المقاومين ..
لا أنصفك هؤلاء ، ولا حافظ عليك الآخرون ..
اصبر حتى تأتي الفرص ، واحتاط لما هو آت ..!
إنهم ما زالوا مختلفين ..
والعدو تخندق في دبابته يصطاد عيوننا ،
ويغتال الساهرين ..
ويقلق النائمين ..
فلك الله يا شعبي العظيم !
يا شعبي ! من يتوهم أن الحلول قريبة يكون مخطئا ، لأنه لم يظهر في الأفق أية بوادر للانفراج ، وأن الطرفان حماس وفتح ليس لديهما الاستعداد للنزول كل عن شجرته ( شجرة الضفة ، وشجرة غزة ) وأن إسرائيل تعمل على ترسيخ وإطالة أمد الانقسام والتشرذم في الصف الفلسطيني .. من يعتقد أن الجيش الإسرائيلي سيجتاح غزة يكون مخطئا أيضا ؛ لأن ذلك يعني تغيير الخارطة الفلسطينية الحالية التي طالما سعت إسرائيل وكل أجهزتها إلى تحقيقها .. لكنه سيعوض عن ذلك باغتيال الكثيرين ، وسيزيد من الحصار . أنا بوليس سيفتح المفاوضات بدون حلول وبدون التوصل لشيء وبدون سقف زمني لنهاية المفاوضات .. لماذا سمحت إسرائيل بخروج حجاج حماس من معبر رفح ومنعت حجاج فياض حتى الخروج من بيت حانون ؟ أليس في ذلك ضربة لسياسة فياض وحكومته ؟ أو ترسيخا للانقسام وإضعافا لسياسة الحكومة الشرعية ، وتعزيزا لحكومة حماس في غزة ؟ لماذا سمحت للحجاج بكسر الطوق وما زالت تمنع دخول المواد الأساسية لقطاع غزة ؟ وما زالت تمنع خروج المرضى للعلاج والطلبة للتعليم وغيرهم ممن يحتاج إلى السفر للخارج ؟ حكومة حماس فرحت كثيرا لأنها استطاعت خرق الحصار وأخرجت الحجاج من رفح كما وعدتهم ، وكأنها حققت انتصارا كبيرا على الحكومة الشرعية ؟! إذا كان كذلك فلماذا لم تنجح في كسر الحصار والعمل على فتح الحدود بشكل دائم مع مصر للجميع وللبضائع أيضا ؟ إننا لا نفهم لماذا الحج لشعب جميعه متسولا من أفقر إنسان عاطل عن العمل إلى رئيس الدولة ؟؟ هل سيغضب الله من شعب محاصر إذا لم يستطع الحج ؟؟ ألم يكن هارون الرشيد يحج سنة ويغزو سنة ؟؟ إن حجاج غزة سيخسرون ما معدله ستة إلى ثمانية ملايين دولار على أقل تقدير .. ألا تكفي هذه الأموال لتغطية معيشة كل المحتاجين في غزة شهرا أو أكثر ؟؟ لك الله يا شعب غزة في حكامك الأمراء ..!
في هذه الأثناء تقوم مجموعات من حماس بتوزيع الحلوى على بيوت المواطنين تمهيدا للاحتفال بذكرى انطلاقتها .. ولا نفهم لماذا الحلوى ؟ وفي هذا الوقت بالذات ؟ إنها لسادية دراكولا ( مصاص الدماء ) ، كأن شعب غزة لم يعاني ، لا من حصار ولا من احتلال وقتل واغتيال بشكل يومي .. كأن غزة نالت كل حريتها وأهلها يسافرون حيثما شاءوا وحيثما يريدون .. كأن غزة في غنى عن الآخرين ..!؟ كأن شعبنا متوحدا لا تكسره أية قوة مهما كانت ؟
أيها الأمراء ! كلوا ما شئتم من الحلوى .. وزعوا الحلوى على كل الناس ! فالأمهات والثكلى لن يأكلوا من حلوياتكم ، والصغار الذين فقدوا آبائهم لن يفرحوا .. والمرضى لن يشفوا من أعراسكم واحتفالاتكم ..!
يا غزة الأبية ! مزيدا من الصبر .. مزيدا من الصمود .. مزيدا من التحدي .. فستقومين من الجرح النازف أكثر عافية ، وستحتفلين قريبا بعرس الاستقلال والحرية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي