الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثرياء في العالم العربي على حساب الفقراء

يسري حسين

2007 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تتحدث تقارير عن أثرياء عرب دخلوا نادي أصحاب المليارات , برصيد مرتفع يعكس نجاحهم وتفوقهم في صناعة المال والمضاربة في أسواق الأسهم والاستثمار في العقارات ومشروعات الترفيه , من فنادق وقرى سياحية ومحطات فضائية وموسيقية وراقصة .
هذا المال المتدفق على أسماء بارزة في نادي الأثرياء , يأتي من مشروعات في بلادهم والعالم العربي كله , حيث يتجه هذا المال إلى الاستثمار السريع والمضمون في ميادين الترفيه والعقارات والمطاعم والاتصالات . ولم تسجل المعلومات التم نشرها عن هؤلاء الأثرياء , أنهم يقفون وراء صناعة كبرى في المنطقة , مثلما فعل الرأسماليون الكبار في دول صناعية , حيث قامت امبراطوريتهم المالية على الانتاج والتصنيع وفي مجتمعات هي نفسها تنهض كلها , وتوفر فرص العمال وتشارك بعائد ضخم في مشروعات التنمية والانفاق على مؤسسات علمية واجتماعية ضخمة , مثلما تفعل مؤسسة وغيرها من هيئات تستند على مال صنعه رأسماليون من تصنيع مجتمعاتهم وتحقيق الرواج بداخلها , لكنهم في المقابل أيضاً يدفعون المليارات من تبرعات وهبات لدعم جامعات وهيئات أكاديمية وأخرى صحية وثالثة تهتم بالمسنين والأقل دخلاً .
لقد أنشأت الرأسمالية الغربية سلسلة من النشاطات تصب في اطار رفاهية المجتمع , لتحسين ظروف الأقل قوة بالاضافة إلى الانفاق على التعليم والثقافة , إذ لا يمكن وجود أصحاب المليارات في مجتمعات فقيرة ومنهكة وضعيفة , ويهرب شبابها حتى إلى إسرائيل أو إلى عرض البحر المتوسط ليموتوا في منظر مأساوي يدين المنطقة كلها والتي فشلت في توفير فرص العمل لملايين العاطلين في مصر والمغرب والسودان ودول عربية أخرى .
ومصر فيها أثرياء قفزوا إلى دائرة المليارات , وحققوا هذه الأموال وهناك الفقر والبطالة والأمراض . ولم نسمع عن تبرع لأحد هؤلاء الأثرياء لجامعة أو بناء مستشفى أو اقامة مدارس أو مناطق رعاية أو إيواء لأطفال الشوارع والذين وصل عددهم في مصر إلى أكثر من مليون , ويتعرضون لانتهاك حريتهم والاعتداء عليهم وقتلهم إيضاً , كما فعل السفاح الذي اغتصب عشرات الأطفال ثم ألقى بهم من على سطح قطار سريع .
أسماء مصرية كثيرة تظهر في احصاءات عن عضوية نادي الملايين وآخرين يدخلون نادي المليارات وعندما تنظر إلى خارطة الحياة وتسمع الشكاوى وترى مناظر البؤساء , تسأل عن معادلة الثروة وتحقيق المليارات , وهل هي نتيجة لبؤس هؤلاء وآلامهم ؟ .
كيف يتمتع ملياردير , لديه كل هذه الأموال الطائلة , في مجتمع تعاني فيه الأغلبية من الفقر وارتفاع الأسعار بشكل جنوني , ويصب عائدها إلى جيوب أثرياء جدد اقتحموا المشهد الاقتصادي ويهربون أموالهم التي حصلوا عليها من البنوك الوطنية إلى الخارج أو يبنون بها القصور الفارهة على ضفاف البحر وفي المنتجعات الجديدة .
هناك حالة غريبة تعيشها المنطقة في ظل تمدد الثراء والمال , مع اتساع دائرة الفقراء والعاطلين عن العمل . وكان هناك في السابق احساس إنساني لدى الطبقات الغنية يدفعهم للتبرع للفقراء , مثلما كان يحدث في العهد الملكي بمصر , إذ كان الأثرياء لديهم بعض الشفقة تجاه أبناء وطنهم الذين لا يجدون القوت ويبحثون عنه . وكان أثرياء هذا العهد يخصصون المنح للانفاق على طلاب في الجامعات أو التبرع لدور الأيتام وللنشاط الخيري بشكل عام .
لكن في أيامنا الحالية هناك انتشار لمرض الأنانية كالوباء , فكل فرد لا يهمه سوى نفسه واقتناء المال والحصول عليه بأي ثمن , مع شراء السيارات الفارهة والتمتع بحياة جميلة , وحوله من كل جانب فقراء يعانون ويتألمون لا يشعر بهم أحد ويتجاهلهم أصحاب المال والسلطة .
وقد صدمني أن الفنان الكوميدي يونس شلبي مات فقيراً ومريضاً دون أن يهتم به أحد في الوسط الفني حيث تحقق أسماء لامعة ومعروفة الملايين دون أن تفكر للحظة للتبرع لزملاء لهم يحتاجون العلاج للانفاق على مرضهم . وقد مات شلبي بالحسرة والألم , تماماً مثلما تخلى الجميع عن الجميلة < سعاد حسني > عندما كانت تُعالج في لندن , حتى الدولة منعت الاعانة الشهرية التي كانت تدفعها لها , مما دفعها إلى حالة من اليأس والاكتئاب كانت ولااء غيابها عن عالمنا بهذه القسوة الفاجعة .
إن مرض الأنانية ينتشر في عالم عربي , يحقق فيه بعض أفراده المليارات , والأغلبية محرومة ولا تجد فرصة عمل لها , فتذهب إلى المجهول والبعض منهم يطرق أبواب إسرائيل بحثاً عن خلاص في أرض العدو . وكان من الممكن لهذه المليارات التي تم الإعلان عنها الاشتراك في مشروعات انتاجية لتشغيل الأمة العاطلة , وامتصاص طوابير البطالة والغضب أيضاً .
ومن الأهمية دعوة أصحاب هذه الأموال الضخمة للمشاركة بجزء من ثروتهم في انقاذ ملايين الشباب داخل العالم العربي من البطالة ومنحهم الأمل في الغد بدلاً من دفعهم للانتحار في مياه المتوسط أو الاتجاه إلى تفجير أنفسهم احتجاجاً على هذا الخلل الفظيع في أمة جائعة وضعيفة وجاهلة ولديها هذا العدد من أصحاب المليارات بينما الأغلبية لا تملك حتى الملاليم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف