الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقهى عزران البدري / ظاهرة الأدب في الناصرية

حسين الهلالي

2007 / 12 / 18
الادب والفن



أنى اتجهت فكل بيت منتى للساهرين وكل مقهى مربد
قيس لفتة مراد

قال عزران البدرى :-( ا ذا قلب لك الزمان ظهر المجن وخانك الأصحاب إ ذا" هب الى نفسك.. ، لأنك سترى فيها خير معين ..واخلق منها شخصا" مثاليا" حسب ما تريد أنت وكلمه واقضى معه ما طاب لك من وقت)
من هنا بدأت مثالية عزران البدري المتكئة على ثوابت الواقعية التي أعطت وضوح الرؤيا لهذه المحلة ألتي حوت مقهى عزران البدري في قلب منطقة السيف وقرب سوق الندافين والصاغة من الصابئة المندائيين والحدادين وسوق الخياطين الذي يبعد عنهاقليلا" ، هذه المحلة وقبل ان يقيم فيها عزران مقهاه سنة 1938 كانت مسكونة بفن الغناء، حضيري أبو عزيز كان يغني في سوق الخياطين ليلا" عندما كان يعمل خياطا" مع خاله حسين حتى نهاية الثلاثينات0 وخضير حسن ناصرية الذي كان يجوب المنطقة يبيع اللبن الى ان ينتهي في منطقة (باب ِشطرة- ناصرية) حيث بدأ احتفالية الغناء الحر في هذه المنطقة في أواخر العشرينات وهناك داخل حسن يتخذ من دكان صديقه النداف محسن السد يري مكانا" لجلوسه ،هذه الحارة المتداخلة الثقا فة (وعي الفطريين وثقافة المثقفين)وجمهور بسيط يجلس في هذه المقهى يسمع الحوارات ويلتقط الأخبار ويسمع الشعر الفصيح وشعر الأبوية والقصيدة الشعبية (عباس ملاعلي وعبد القادر رشيد ورشيد مجيد وفاضل السيد مهدي ورحمن رضا، وعبد الكريم الأمين، وكاظم جواد )هؤلاء هم من يدير الثقافة في المقهى، الى جانب هؤلاء كان يجلس حمودي الحاج طالب واحمد النواس وعبد الحسن الملا عمران ورشيد الملا عمران وعبد الصاحب الملا عمران ووهاب الحاج ذياب) وكان عزران ينظر الى القراءة والكتابة ويتحرق شوقا بأن يصبح يقرأ ويكتب ، تعهد بذلك صديقه وهاب الحاج ذياب بتعليمه القراءة والكتابة واستعان بالآخرين أيضا بأن يكملوا له مشواره فتم له ما اراد ،فأنكب على قراءة الكتب وممارسة الكتابة ولحق بركب مثقفي مقهاه،وبدأ بدراسة الفلسفة اليونانية وهو معجب بسقراط حتى كتب كتابا"(صولون مشروع أثينا ) وهو مخطوطة أتلفت كذلك اصبح كاتب قصة وناقدا"،ومن آثاره( قصة سوسن) ولكن لا يصدق كل الذي كان يقصده ويراه ان هذا هو عزران ... لقد زاره صحفي جزائري وتحدث معه وهو لا يصدق هذه الكلمات وهذا المنطق العالي يخرج من فم رجل يرتدي (الدشداشة ) ويشدها بحزام من الجلد
ويحتذي خفا" ويتحرك بخفة بين رواد مقهاه وبابتسامة شفافة ،رواد مقهاه الآخرون هم من الحمالين المتعبين والوزانين الذين تتعالى أصواتهم منبعثة من (خان الحبوب ) الذي يقع خلف المقهى انهم في استراحتهم وقت الظهيرة وفي الحر القائض،هو يسرع إليهم بالماء البارد ليرطب شفاههم ويزيل ا لضمأ من قلوبهم هو لا يأخذ ثمن الشاي من الأكثرية منهم لمعرفته الخاصة بأحوالهم ويختلط العمال والمثقفون في هذا المقهى وهو ينظر إليهم بفرح لأنه يعتقد اعتقادا" راسخا"إن هؤلاء (سدنة الوطن وحماته) انه واحد من هؤلاء الكادحين لن يدع محتاجا" يغادر مقهاه دون أن يزوده بما يحتاج اليه، لقد اجتذب هذا المقهى الطلاب والدارسين في ثانوية الناصرية الوحيدة آنذاك والآتين من مدن المحافظة الأخرى ،انه يسا عدهم عندما يتعرف على أحوالهم،
اصبح هذا المقهى محط أنظار المثقفين ومراقبة مخبري السلطة في فترة الخمسينات والى نهاية الستينات عندما غادرها جميع المثقفين خوفا”من بطش السلطات المتعاقبة على الحكم ، لقد تخرج من هذه المقهى شعراء وكتاب كبار تركوا لنا دواوين الشعر والقصة وا لمقالة أمثال رشيد مجيد وعبد القادر رشيد الناصري وكاظم جواد وعباس ملاعلي وفي الستينات تحولت الجلسات الأدبية الى مقهى أبى احمد وبقى رشيد مجيد وقيس لفتة من رواد هذا المقهى الذي اصبح الرافد الثاني بعد مقهى عزران وجمعت الجيل الثاني من مثقفي الناصرية، توفي عزران البدري
سنة 1973 عن عمر يناهز الثالثة والستين وقد رثاه صديقه الشاعر رشيد مجيد بقصيدة ضمها أحد دواوينه بعنوان عزران والمقهى قدم لها بهذه الكلمات القليلة حيث قال :( كثيرون هم الذين يعرفون عزران وكثيرون هم الذين لا يعرفونه حتى في مدينته) وهذا جزء من القصيدة
(عزران) والذكرى ومجانية المقهى، ونحن وغيرنا والسامرون (الناصري) وكأسه و(أبو بثينة والرفاق النازحون
إلي القرارة من رعيل الأمس
والكتب الكثار،وبعض أوراق
محرمة مهرأة الحروف
ووقع أحذية النواطير السهارى
المتعبين تظللهم بين الممرات الطويلة
غمامة الأعباء في صمت الدروب
ونحن والمتفائلون وكلما كتبته أقلام محاصرة
وتكتبه هناك ...
ترصدتها أعين الرقباء في ليل المدينة
خلف (يشماغ) التنكر أو بمعطفها البر ونزوي الطويل
وترث أصوات الملايين المعذبة
التي انتفضت لتقتحم السدود ويفرط
الموت المسحر باغتيالات الرجال
وقد تهورت البنا دق بين أيدي
العملاء ثم .. ويهزم العملاء ثم تدور
دور تها الليالي ويسرق النصر
المحاصر في العيون وفي الجراح،
وفي المساجد والمقاهي، والبيوت،
فوق أرصفة الجسور.ليستعيد
الساقطون زمانهم لكنهم .. والحمد لله
انتهوا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة الرابعة | السعودية.. مركز جديد للذكاء الاصطناعي لخدمة ا


.. كل الزوايا - د. محمود مسلم رئيس لجنة الثقافة والسياحة يتحدث




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -شقو- في العرض الخاص بالفيلم..


.. أون سيت - هل ممكن نشوف إيمي معاك في فيلم رومانسي؟ .. شوف حسن




.. حول العالم | لوحات فنية رسمتها جبال الأرز في فيتنام