الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع المؤلم

سعيدة لاشكر

2007 / 12 / 17
الادب والفن



جلست وحيدة في ساحة المدرسة,في ركن منزوي, لا تحتمل الضوضاء ولا الضحكات المتعالية , ولا حتى الهمسات التي يلقيها زملاؤها عنها, ابتعدت عن كل شيء لتجلس بمفردها, تحتسي وتجتر المرارة, تقدمت نحوها زميلتها سلوى في تردد بالغ, جلست جوارها وبادرت:
- صفاء يجب أن تتحدثي, يجب أن تحاولي إخراج نفسك من هذه الحالة
- أرجوك سلوى اتركيني
- ليس من المعقول أن أتركك هكذا, مر أكثر من شهر, يجب أن تتأقلمي مع الوضع
- لا أستطيع
- تحدثي صديقتي
- لا أستطيع
- حاولي أن تحكي لي لأنك بذلك ستزيحين ثقلا كبيرا عن كاهلك
- كيف تريدين أن أحكي وأنا لا أصدق بعد, حواسي كلها ترفض التصديق
- لا أدري ما السبيل للتخفيف عنك
- فقط دعيني لوحدي سلوى, اتركيني فقط
- أنت تتلذذين بتعذيب نفسك, يجب أن تعلمي أنه كما هناك مصائب هناك أيضا أفراح ومسرات, وحياة الإنسان لن تنتهي بمصيبة, بل غدا سيتخطاها وينساها, ويعيش حياته هانئا مجددا, لقد أنعم علينا الله بنعمة النسيان التي لولاها ما تمكننا من الإستمرار
- ليتني أنسى, لكن النسيان صعب, بل مستحيل
- غدا ستندمل جراحك وتنسين ويصبح كل هذا مجرد ذكرى, أنسيت كلامك, أين تفاؤلك, كنت دوما تقولين مثل هذا الكلام وأكثر لماذا الآن لا تطبقينه؟
- الذي يده في الماء ليست كالذي يده في النار
- اذن فقد كان مجرد كلام, تحاولين فقط به التخفيف عنا
- ربما
- لكن رغم ذلك كنت به تخففين عنا وتزيحين الكثير من الهموم عن قلوبنا, فلما الآن لا تحدي حدونا وتحاولي به التخفيف عن آلامك؟
- لأن جرحي كبير أكبر من أن يستطيع أي كلام شفاءه
- وما الذي سيشفيه إذن؟
- ربما الوقت, الكثير من الوقت, والكثير من الصبر

بعد جهد جهيد أدعنت سلوى لطلبها فرحلت وتركتها مجددا وحدها تحاول نبش الذكريات, تحاول نبش الماضي لمحاولة تصديقة.
قبل شهر تقريبا كانت في أوج نشاطها, كانت فرحة, مرحة, تجود بابتسامتها على كل شخص,حياتها كلها تفاؤل في تفاؤل, لا يهمها أي عائق ولا تكثرت لأي مشكل,إلى أن جاء يوم استدعتها الناظرة لمكتبها, حين وصلت لم تخبرها الكثير, أخبرتها فقك أنها يجب أن تذهب للبيت, هناك أمر طارئ, في الطريق درست جميع الإحتمالات لكنها لم تستخلص لنتيجة تستدعي كل هذا
وصلت للبيت فإذا بها تجده مفتوحا,ثم تجد داخله كل الجارات تقريبا مرت مذهولة من بينهم, واحدة تقول لها:" الله يصبرك يا بنيتي", والأخرى:"الله يعينك" ...
وكلمات كثيرة لم تتبينها من فرط الخوف, اخترقت الجميع, وسارت وكأنها لا تسير, ركبتاها متقلتان, تجمد الدم في جسدها ولم تعد تحركه إلا بصعوبة, وإن حركته فهي لا تحس بأعضائها التي تحرك.
ما إن رأتها شقيقتها حتى أقبلت باكية وعانقتها في قوة, وهي لا تعرف شيئا, ما الذي حدت؟ لما هذه الجلبة؟ فعرفت السبب ويا ليتها لم تعرفه, لقد توفيت والدتها, ماتت أمها وانتقلت لرحمة الله, أحست بجسدها يتجمد من البرد والخوف, أحست باللاواقع, أرادت أن تصرخ عاليا بأن هذا ليس صحيح, لا لا ربما هذا مجرد كابوس من الكوابيس التي تعتريها وتراودها في نومها تم ستستفيق منها, نعم لا بد أنه كابوس, أكبر وأبشع كابوس في حياتها ستستفيق منه بعد قليل, انتظرت ومازالت تنتظر الإستفاقة المستحيلة التي ستنتشلها من هذا الواقع المؤلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا