الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضرب على قشرة الدماغ

غريب عسقلاني

2007 / 12 / 17
القضية الفلسطينية


السؤال الذي يضرب قشرة الدماغ كل لحظة يعيشها الواحد منا، بغض النظر ان كانت طبيعية أو خارجة عن المألوف، هذا السؤال المشتبك كل الوقت مع الجغرافيا والتاريخ وكافة الايدلوجيات والأطروحات السياسية في هذا الواقع المعقد لدرجة الالتباس، والملتبس إلى حد الغموض المغلق كحائط سد والمنفتح على بوابات الاحتمالات السارة والضارة في آن واحد..
ينقر سؤال التطبيع قشرة اليافوخ، يشك الأعصاب بإبرة الوقت، والوقت صدام وسجال والموت حياة، والحياة مقدمات مبكرة لموت يتربص ضحاياه عند حواف أسيجة المستوطنات وعلى مسارب الطرق الالتفافية التي تفح تكنولوجيا التدمير، وبقر البطون الآدمية والصلدة تقيم مساربها نحو تأكيد كيان توسعي قائم على استلاب الغير ونفيه دون التفات لماض او مراعاة لحاضر يؤكد على حق الكائن البشري في حياة كريمة تضمن له حرية التناسل البيولوجي والمعرفين حتى يعمر ما استطاع في هذا الكون الذي أصبح قرية صغيرة، تماهت فيها المعالم وفقدت الأشياء خصوبتها غلا من تاريخ نشأتها الأولى ومبررات وجدودها على مواطن ارتكازها..
هل يتيح لنا الواقع في ظل معادلاته المرحلية إمكانية الاحتفاظ بالحلم، وهل تفسح كوابيس اللحظة الثقيلة اللزجة إمكانية عبور الأثير دونما عوائق مسنونة، ترتطم بك في غيبوبتك التي قد لا تمتد لأكثر من ثوان، تقيم خلالها مملكة زرقاء صافية كزرقة سماء فلسطين، نقية نقاء ماء المتوسط عند أقدام يافا وحيفا وعكا وعسقلان قبل النزوح، وقبل ان يعبثوا قتلاً وتذبيحاً وتلويثاً وإزالة لمعالم الشطوط الأزلية العذراء التي لقتنا الرواية كابراً عن كابر، ورشقتها في الصدر فامتصها بفعل التاريخ والموروت وهياج الثورة وزودها بطاقة شاقولية حفرت عميقاً حتى تربعت أسفل قشرة الدماغ تحتفظ بطاقتها المختزنة، وتوهم من يجهل فسيولوجياً الكائن الفلسطينيين بان الطاقة مهدورة تبددت وأن نارها قد خمدت ومضت إلى سكون بارد، يطفو جليد على سحنات الناس، يشير إلى عيون مشدوهة وإرادة مشلولة عاجزة عن التفجير واجتياز الوقت والإمساك بزمام الجولة وقد تمحورت الجولات حول ما يسد الرمق ويسكت جوع البطن..
في هذا السياق كيف يكون الأمر طبيعياً؟ وكيف تعود المواضيع إلى طبيعتها كما يشي سؤال التطبيع، المصطلح المنحوت على مائدة سياسية صممت أبعادها ومواصفاتها وأهدافها إسرائيليا وأمريكياً لم يستشر فيها عربي ولا أعجمي غلا بالسكوت والرضوخ لمؤشرات الغالب في مواجهة المغلوب واملاءات السيد المنتصر على العبد الخاسر، وارادات السالب على المسلوب..
ما الذي كان بيننا واختلت موازينه؟ وما الذي تحقق حتى تعود الأشسياء إلى طبيعتها؟ وما هي طبيعة الأمور التي فسدت ولم تعد مقبولة..؟ هي الرواية التي يجب التنازل عنها ونسخها من قشرة الدماغ وتفكيكها ثم حقنها من جديد، حتى وان رافق ذلك أورام وسرطانات.. هل تؤخذ الأمور والمصائر بهذا التبسيط الجائر الساذج؟ روايتنا على أرضنا، تاريخنا وارثنا وموروثنا القائم أساساً على شطب روايتهم النقيض، عمقنا العربي الاسلامي المرتكز على حضارة خصبت الفكر الانساني هل يستقيم من ميراثهم المفبرك وطموحهم العنصري في اقامة بؤرة شوهاء في مركز الدائرة العربية تسلب مقدراتها وتفرض زيادة زائفة، وتسدعي كل أدوات التفتيت والتفكيك واعادة التركيب لتكريس جغرافيا مصطنعة وتاريخ مؤول من خلال مناظير مقلوبة تقلب الميراث والتراث وتشرد الأمة على امتداد الأرض وتذر اشلاء الفلسطيني نتفاً وشظايا وتخصي كل بذور التلاقح بين الانسان ومنابته..
كيف يكون اللقاء وعلى أي أساس؟ وكيف تكون المعرفة والسجال محكوم بالسياسي الذي تؤكره سقوف حددت سلفاً، فهل تحتفظ الرئة بهواء الشهيق ومخلفات الزفير في ذات اللحظة، وشهيقهم يسرق منا أكسجين الحياة وزفيرنا يرشح قطران الغل والغضب على ارض مسلوبة وحلم محاصر وطرق ثعبانية تزملنا وتهرس مفاصلنا، تحيلنا يومياً إلى كتل آدمية مشوهة.ز
كيف تكون الحياة في ثنايا فلسطين الرئة التي تبحث عن توازنها واتزانها.. وقدرنا أن نستوعب الشهيق مع الزفير مادة للحياة وحسرة عليها..
هل قدرنا ان نستجيب لمثل هذا الخلط، تحت دعاوي الحوار وحق المعرفة في ظل اتساع وسائط الاعلام في القرية الصغيرة ومظلات العولمة.. كيف أفسر لولدي وحفيدي أن المجدل مسقط رأسي تقع جنوب اسرائيل التي سميت يوماً بفلسطين، وكيف يستوعب ان مقام سيدي الشيخ عوض، ولي الله الصالح صاحب الكرامات يرقد محروساً ببنادق الحاخامات يقيمون عند عتبته مبولة عمومية ويصبون عند اساساته خطوط نفايات مدينة أشكلون الحديثة. هل أفسر لولدي وحفيدي وكيف لي أن أفسر ان الريح تكبح اندفاعها، وان الغيمة تجهض أحمالها عند بوابة ايرز، لأن دولة اسرائيل لها مزاجها المناخي المختلف اختلاف باخلاط الأجناس الذين توافدوا غليها، واحتكموا لقانون قلة الأصل، وتباين المنابت، فاقترعوا على قانون بديل بلا أساس، يقول بأن الظواهر المناخية وان الريح والمطر والشمس والقمر وجدت عبرية ولم تزل، وأن حاخاماتهم تنازلوا عن ملابسهم الكهنوتية إلى جنرالاتهم حتى يختلط الأمر على دعاة الفصل بين الله والبندقية، واتخذوا من الأمر نقطة انطلاق لبلورة روايتهم التي افرزت مواصفات مائدة المفاوضات ونحت من جلدها مصطلح التطبيع، ووزع على الملاعب وتفرع إلى تطبيع سياسي واقتصادي وثقافي..
فاذا كان للسياسي مناوراته وتعالميه من فن الممكن، وللاقتصادي ادواته وموارده وموازين ضعفه وقوته، فإن للثقافي روايته الضاربة عميقاً في الأرض، لا تنثني أمام رياح المراحل، ولا تستجيب لاملاءات الوقت الطارئ.. وعليه فكيف نسوغ لأنفسنا مجرد الاستماع إلى رواية أخرى نعرف سلفاً تشوهاتها وخدعها! فالذي يقر بروايتنا يقرر الحقيقة ويتخلى قانعاً ولا يلجأ إلى التوفيق والتلفيق واللهاث راء المبررات.
وأخيراً فإن صفاء الحلم يتوهج مع نقاء الحقيقة التي تحرس الحلم من كوابيس الواقع المتغير بتغير المعادلة المحكومة بالفعل الآني وعليه يظل السؤال يدق على قشرة اليافوخ يحفز العقل وتبقى الرواية طازجة تطرد عوامل التشويه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناتور أمريكي لنتنياهو: نقف بجانب إسرائيل في حربها ضد حماس


.. نحو نصف الديمقراطيين يدعمون استبدال الرئيس الأمريكي جو بايدن




.. ناشط يوثق اشتعال النيران في مستوطنة -كفار عتصيون- شمال الخلي


.. فوضى في شوارع العاصمة الهندية جراء سقوط أمطار قياسية




.. منافسو الرئيس الموريتاني يتهمونه باستغلال موارد الدولة لتحقي