الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدار العازل وأسطورة اليسار الإسرائيلي

أماني أبو رحمة

2007 / 12 / 18
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


الجدار العازل وأسطورة اليسار الإسرائيلي
جيلاد اتزمون ، 2004-07-10
ترجمة: أماني أبو رحمة
هيئة تحرير أجراس .

منذ الأيام الأولى للصهيونية ، كانت مسألة الاستقطاب بين اليمين واليسار الصهيوني أكثر من مربكه. وإذا كانت الصهيونية هي المعنية ، فمن الصعب تحديد من هم الحمائم ومن هم الصقور . كان بن غوريون ، الزعيم الأسطوري عن حزب العمل هو الذي قاد عملية التطهير العرقي للسكان الأصليين في فلسطين عام 1948. وكان مناحيم بيغن ، الصقر الأسطوري هو الذي وقع على صفقة السلام مع مصر في 1977. وكان رابين ، وزير الدفاع عن حزب العمل ، هو الذي أمر القوات الإسرائيلية بكسر اذرع وأرجل ناشطي الفصائل الفلسطينيين في الانتفاضة الأولى. والآن على ما يبدو ، فان ناشطي حركة السلام الآن هم الذين يؤيدون شارون في الانسحاب من جانب واحد. العديد من الحمائم الكبار يؤيدون الجدار العازل ، والمدهش هو أن حاييم رامون ، الوزير عن حزب العمل ,كان أول من فكر بهذا الجدار. وفي نهاية المطاف , فان دعاة السلام الإسرائيليين يحبون حل الدولتين , أكثر من حبهم للسلام , إنهم في الحقيقة يحبون العيش بسلام .
وينبغي أن نسأل أنفسنا عما إذا كان هناك أي فرق جوهري بين اليسار واليمين الإسرائيلي. العديد من المعلقين في دول الشرق الأوسط أثاروا هذه المسألة قبل سنوات عديدة. وفي واقع الأمر ، فإن الاستقطاب اليميني/ اليساري الإسرائيلي ليس أكثر من مفهوم افتراضي . في كتابه ، الجدار الحديدي يقول أفي شلم " انه،وعملياً فان قيادة اليسار الإسرائيلي قد اعتمدت فلسفة الخط المتشدد اليميني منذ الثلاثينات". وقد نشر عالم السياسة الإسرائيلي نيفي غوردون ورقة قبل بضعة أيام يفسر فيها حالة التحالف الناشئة حاليا بين حركة السلام الآن وشارون. هنا ما يقوله : "من حيث الايدولوجيا العسكرية فان عناصر معينة داخل حركة السلام الآن تتبنى وجهات نظر هي من نواح كثيرة مماثلة لشارون." وحسب غوردون ، فان حركة السلام الآن هي في الواقع تؤيد طروحات الصهيونية القومية التي هي "غير عالمية" على الإطلاق .
وفي إطار هذا النقاش تحديداً , فانه من المهم أن نذكر انه حتى,يوري افنيري وغوش شالوم ,الأصوات الإنسانية الأكثر صخبا في إسرائيل يدعمون الحل القائم على أساس الدولتين.
في الواقع يقولون أن الشعبين ينبغي أن يفصلا.وكما يبدو فان النقاش الحقيقي داخل اليسار الإسرائيلي:هو كم يجب أن يكون ارتفاع الجدار العازل؟.
إذا كانت هذه هي الحمائم الإسرائيلية ؟ فمن يحتاج إلى دعاة حرب يهود ؟؟
هل هناك أي فرق بين اليمين واليسار في إسرائيل؟ أود أن أقول انه إذا كان هناك فرق فانه ليس أكثر من ثقافي وحسب . وهو شكل من أشكال الكلام والمظهر الخارجي – وليس جدلا أو خلافا فلسفيا أو إيديولوجيا كبيرا . و على الرغم من أن الاختلافات الإيديولوجية بين المعسكرين تكاد تكون هامشيه ، فانه من المهم كشف أن ممارسات اليسار الإسرائيلي هي في الواقع الأكثر ضررا بالمصالح الفلسطينية. ففي الوقت الذي يدفع فيه اليسار الإسرائيلي باتجاه تحويل فلسطين إلى قائمة من البانتوستانات المعزولة مثل الرقع ( باراك في كامب ديفيد) . إن أفكار اليمين التوسعية هي التي ستقود الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الاعتراف بإمكانية وواقعية الدولة الواحدة .
ويبدو انه ، في سياق خطاب اليسار الإسرائيلي , فان السلام اليهودي يعرّف بالعلمانية والعقلانية والتعقل.
ومن وجهة نظرهم فان هذه العناصر هي صوت العقل وهم يقولون بأن اليمين الصهيوني هو مسيحاني(متدين) ويساوون بينه وبين اللاعقلانية واللاتعقل . وردا على ذلك فان الصهاينة اليمينيين يقولون : إذا أخذنا بالاعتبار التهديد الحقيقي لوجود دولة إسرائيل فان سلوك اليسار يبدو غير عقلاني بل وانتحاري.

واسمحوا لي أن أقول بصوت مرتفع وواضح ، ضمن المعايير العامة للمناقشة الصهيوني ، فان حجة اليمين تبدو عقلانية تماما وعلى غرار الفلسطينيين فقد لاحظ اليمين الإسرائيلي أن اليسار ليس لديه النية لمعالجة القضية الفلسطينية. لم يقر اليسار الإسرائيلي أبدا بالطرد الجماعي للفلسطينيين العام 1948, و اليسار الإسرائيلي ينفي حق العودة للفلسطينيين ويتهرب من قضية القدس.
وعملياً فان اليسار الإسرائيلي يؤيد السلام مع الفلسطينيين طالما أن هؤلاء سيتركون في العراء . وعلاوة على ذلك ، إذا نظرنا إلى فلسفه اليسار الصهيوني ، نجد أنها في الواقع لا تقل تدينا أو لا عقلانية عن نظيرتها . وحتى إذا قبلنا الفرضية الغريبة بأن اليهود أمة و أنه يحق لهم الحصول على قطعة أرض ، فإنه لا يعني بالضرورة أن هذه الأرض ينبغي أن تكون في فلسطين (صهيون). وفي حقيقة الأمر ، كان اليسار الصهيوني هو الذي اخترع فكرة الاستيطان في صهيون. وهو الذي حول الكتاب المقدس عن كونه نصاً روحياً إلى وثيقة قانونيه (تسجيل الأرض ). وإذا لم تكن تلك مسيحانية دينية ، فانه يتوجب علينا إعادة تعريف مفهوم المسيحانية messianism" ". وحيث أن الصهيونية اليسارية هي التي اخترعت مفهوم استرداد الأرض ، فان المستوطنين الأمريكيين الذين اجتاحوا الضفة الغربية كالطوفان باسم اله اليهود هم، في الواقع العملي ، أتباع مدرسة اليسار الصهيوني الحقيقيين .
أين هو بالضبط النزاع السياسي؟ يبدو أن اليساريين الإسرائيليين ا عدلوا نظرتهم إلى العالم في العقد الأخير. انه لا زالوا يجادلون بأن ارض صهيون ينبغي أن تسترد لكنهم اتفقوا الآن على أن يكونوا أكثر مرونة عند الإشارة إلى تعريف الأراضي الإسرائيلية.
وفي حين أن الجناح اليميني يتحدث بحماس عن استرداد كل ارض إسرائيل الكبرى ، اليسار الصهيوني اعتمد موقفا أكثر اعتدالا بشأن هذا الموضوع: من اجل السلام ، إسرائيل هي حيث يقيمون ، أي خلف حدود عام 1967. كتلة السلام سوف تزغلل بصرك حين تقول انه هناك في الواقع مكان لشعبين على هذه الأرض (طالما أنهم يقيمون في تل أبيب والفلسطينيون يقيمون في غزة )واقترحوا إقامة جدار عازل ، وتقسيم الأراضي المقدسة إلى بانتوستانات. وبطبيعة الحال ، فإنهم يغضون الطرف عن الواقع الصارخ بأن الغالبية العظمى من إسرائيل ما قبل - 1967 هي في الحقيقة أراض فلسطينية مصادرة . الحمائم الإسرائيليون يرفضون الاعتراف بأن الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني هم في الحقيقة لاجئين مطرودين . وهم يعيشون في إنكار تام لماضيهم ومستقبلهم . إنهم" اليسار الاسرائيلي" سعداء بمفهوم السلام ، طالما أنهم يحددون أحكامه وشروطه . والمضحك ، أن شارون بخطة الانسحاب من جانب واحد ، يتبع هذه الفلسفة بدقة .

و حين نحاول تحليل أفعال شارون علينا أن نتذكر أن هذا القائد الكبير قد نشا وترعرع في اليسار الإسرائيلي. وكموجهيه ومعلميه ، اعتمد شارون المذهب العسكري العدواني. وقال انه يؤمن بقوة الردع الإسرائيلية. وقال انه يعتقد في دولة ديمقراطيه يهودية و ليست دولة كل مواطنيها ، وقال انه يعتقد انه ينبغي لإسرائيل أن تملي مصير المنطقة. هذه هي الحقيقة خلف انسحابه الأحادي. هذه هي الحقيقة خلف جداره العازل. هذا هو إلى حد كبير جوهر اليسار الصهيوني.
وهذا يقودنا إلى إدراك البيئة السياسية الإسرائيلية الحمقاء . و في حين أن اليسار الإسرائيلي يؤيد التفسيرات القومية الأكثر راديكالية والعنصرية في الصهيونية ، فان فلسفة اليمين اليهودي التوسعية هي التي تدفع نحو حل الدولة الواحدة. وفي الواقع المستوطنين من بروكلين هم الذين سيساعدون الفلسطينيين في إقامة مجتمع متعدد الثقافات في كل أنحاء فلسطين. اليهود الأمريكيون المتعصبون هم الذين سيحولون هذا الحلم إلى واقع. هكذا سيكون المستوطنون أكثر حيوية للمستقبل الفلسطيني .

يبدو أن حل الدولة الواحدة هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق من الآن فصاعدا.

__________________________________________________


جيلاد اتزمون :ولد "يهودياً" في إسرائيل ، وترعرع في القدس ويعيش حاليا في لندن. خلال خدمته العسكرية في الجيش الإسرائيلي قال انه شهد معاناة الشعب الفلسطيني على نحو مباشر ، الأمر الذي جعله ملتزماً بمناهضه الصهيونية. وهو مشهور كموسيقي جاز (الساكسفون وكلارينيت) و كملحن ( اسطوانة "المنفى: التي لحنها متاحة من الأمازون). كما انه كتب رواية ،الدليل إلى الحيرة,. هذا المقال ظهر للمرة الأولى على موقعه الالكتروني : http://www.gilad.co.uk.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد