الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجينوم العربي

سعدون محسن ضمد

2007 / 12 / 18
كتابات ساخرة


هل هناك صخرة تكسَّرت عندها جميع أمواج التغيير في التاريخ العربي أعتى من صخرة الوراثة؟ أقصد وراثة كرسي السلطة.. الجواب لا. فكل الأشياء والحقائق تغيرت إلا هذه المهزلة، وحدها العصية على التغيير. لكن لماذا؟ أين يكمن الخلل؟ كيف يحدث أن يغادر العالم المحيط بنا بقعة زمنية مظلمة في تاريخه والتي هي بقعة الوراثة، ولا نفعل نـحن؟ هل يتسرب جينوم الوراثة من الإسلام؟ بالتأكيد لا، فإيران وتركيا مسلمتان.
حسناً فهل تتسرب هذه اللعنة من العروبة، هل العروبة مركب تخلف لهذه الدرجة؟
المعيب في الموضوع أن لعنة الوراثة هذه لا تنصب على رؤوس الشعوب العربية بشكل محترم، بمعنى أن يحترم الرئيس العربي شعبه ويدعوهم ـ وهو في عز شبابه ـ للتصويت على التحول من الجمهورية إلى الملكية، ثم وبعد التصويت الشكلي يحتفل الشعب بتتويج الملك وينتهي الموضوع. الرؤساء العرب لا يفعلون ذلك، كلهم مجمعون على إهانة شعوبهم، تقريباً ليس هناك استثناء. في تونس كانت المهزلة مهينة حقاً، فقد حول زين العابدين الديمقراطية لسيرك رخيص لم تنته ألعابه إلا ببقائه كما هو متمسكاً بكرسي الزعامة. في ليبيا كانت ولا تزال الإهانة أكبر، فهي لم تتوقف عند وراثة سيف الإسلام المرتقبة، بل بالممارسات المتكررة التي يعبِّر من خلالها معمر (الكذافي) عن احتقاره لشعبه، خاصة تلك التي يتناقلها من سافر إلى ليبيا من العراقيين الذي يقولون بأن الرئيس الليبي عرض على شعبه في أحد الأيام ومن خلال التلفزيون أسفل حذائه، وهكذا بقيت حذاء الرئيس تضحك على بلادة شعبه فترة بث كاملة.أما بالنسبة لمصر.. أما بالنسبة للمجتمع الذي أنجب رفاعة الطهطاوي وطه حسين والعقاد ووو...الخ. فلم يتم توريث الحكم طبعاً، لكن فقط شاءت المصادفة أن الحزب الحاكم والذي لا يريد أن يستبدل الرئيس قرر أن يتحرك لاينتخاب ابنه بعده. والقضية المحيرة في أن يقبل المجتمع المصري مثل هذه المهزلة ولا يستطيع أن يفعل أكثر من تظاهرات حركة كفاية السلمية والتي حركتها أميركا ضمن مسلسل التغيير الذي كانت بصدده أول أيام إطاحتها بصدام.. هل نستمر بتعداد النماذج؟ هل نـحن بحاجة للمرور على التجربة السورية، وكيف اجتمع البرلمان السوري و(بحرية تامة) ليقرر تغيير الدستور حفاظاً على جينوم القيادة المنتقل من الأسد الأب إلى الأسد الابن؟ هل هناك حاجة للمرور على التجربة اليمنية الأخيرة، والتي أضحكت شعوب العالم علينا، عندما قرر الرئيس علي عبد الله صالح أن يتخلي عن الرئاسة ويتركها لاختيار الشعب، وأقسم بالأيمان المغلضة بأن القضية ليست لعبة من لعب الديمقراطية، وأن موضوع تخليه عن الكرسي هذه المرة حقيقي مائة بالمائة. ثم ماذا كانت النتيجة؟
حسناً لنعترف بأن القضية فجَّة لهذه الدرجة، وأنها حقاً محيرة. إذ من المعقول أن يجمع الرؤساء العرب على قضية التوريث، لكن ليس من المعقول أنهم يجمعون على تنفيذ هذا الإجماع بشكل مهين. على كل حال ليس مهماً بالنسبة لنا كعراقيين، أن يُشفى باقي العرب من مرض الوراثة أم لا، فهذا شأنهم. لكن المهم أن نـحمي أنفسنا من هذا المرض. ومن الطريقة الفجة التي يصيب بها الشعوب. خاصَّة إذا تذكرنا بأن جميع قيادات أحزابنا السياسية لا تتغير أبداً. وهذه حقيقة مخيفة ومهينة، ففضلاً عن المخاوف التي تثيرها باعتبارها تكشف عن لا ديمقراطية زعمائنا، فإنها تكرس أيضاً استخفافهم بنا كشعب يسعى جاهداً للخروج من رماد الاستبداد الذي دمره لعقود طويلة. كما أنها تشير وبأصبع مرتعش إلى أن المشكلة ليست بالقادة بل بالجماهير، فنـحن يمكن أن نفهم صمت الشعوب العربية إزاء قضية وراثة الكراسي من قبل رؤسائها، باعتبار أن تلك الشعوب مغلوبة على أمرها ومهددة بالموت في حال أنها اعترضت، لكن ما بال الشعب العراقي يسكت عن هذه المهزلة وهو يعيش تجربة ديمقراطية جديدة، ويتحمل مسؤولية حمايتها من براثن مرض الاستبداد؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا