الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمواجهة الخطر العنصري الفاشي المتزايد في الآونة الاخيرة

احمد سعد

2007 / 12 / 18
القضية الفلسطينية


في العاشر من شهر كانون الاول الجاري، صادف اليوم العالمي لحقوق الانسان الذي اقرته الامم المتحدة، كما صادف في نفس التاريخ اليوم العالمي ضد الفساد، لمحاربة الفساد الذي اقرته الشرعية الدولية ايضا. وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان اصدرت "جمعية حقوق المواطن في اسرائيل"، تقريرها السنوي الغني بالمعطيات الصارخة عن هدر حقوق الانسان في اسرائيل، وخاصة التفشي السرطاني العنصري الخطير المعادي للاقلية القومية العربية الفلسطينية، للمواطنين العرب في اسرائيل على المستويين، الرسمي والجماهيري في المجتمع الاسرائيلي.
واللافت للانتباه انه جرى وعلى مختلف المستويات الرسمية والشعبية، التقريرية والاعلامية الدعائية غض الطرف وتجاهل أي ذكر لظاهرة سرطانية بارزة اخرى تسود المجتمع الاسرائيلي المتعفن وهي ظاهرة الفساد النتنة التي يتورط بالسباحة في مستنقعها الآسن رؤساء حكومات من اريئيل شارون وعائلته الى رئيس الحكومة اولمرت، الى وزير المالية الذي اتضح واتهم بانه لص سرق الملايين ووزير القضاء سابقا رامون ورئيس الدولة موشي كتساب الذي اتهم واقيل من رئاسة الدولة لتورطه في فضائح اخلاقية مشينة وسافلة. امثلة لا تعد ولا تحصى عن الفساد وعفونته، خاصة المعشش في علاقات المصالح المشبوهة بين السلطة والرأسمال.
في مؤتمر الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة الذي عقد قبل اقل من اسبوعين، وقبله في مؤتمر الحزب الشيوعي الذي عقد نهاية شهر ايار الماضي، جرى التحذير من تصاعد المد الفاشي العنصري ومن مخاطر الفاشية العنصرية المتزايدة المعادية للعرب وللدمقراطية، في ظل تعمق ازمة المحتل الاسرائيلي وحكومة الاحتلال السياسية والاقتصادية – الاجتماعية. وجاء تقرير "جمعية حقوق المواطن في اسرائيل" في العاشر من شهر كانون الاول الجاري لتدق معطياته الصارخة نواقيس الخطر من ازدياد تفشي العنصرية المعادية للعرب وللفلسطينيين في المجتمع الاسرائيلي وفي المناطق الفلسطينية المحتلة وعلى مختلف الصعد والمستويات.
وسأحاول في هذه العجالة التركيز على بعض ملامح العنصرية الممارسة ضد اقليتنا القومية ومواطنينا ومدلولاتها السياسية والاجتماعية، خاصة ابراز نظرة الشارع اليهودي وموقفه الحقيقي من العرب ابناء هذا الوطن واهله الاصليين. وقد جاء في تقرير جمعية حقوق المواطن ما يلي "تتميز نظرة الاغلبية اليهودية تجاه الاقلية العربية في اسرائيل بالعنصرية، وبالافكار المقولبة ونزع الشرعية. كل هذه تتجسد – فيما تتجسد في مشاريع قوانين عنصرية وفي المعاملة الخاصة التي "يحظى" بها المواطنون العرب في المطارات، وفي محاولات التضييق على حق الفلسطينيين مواطني اسرائيل في المشاركة في الحياة السياسية على اساس من المساواة والتعبير عن موقفهم وهويتهم الجماعية وذاكرتهم الجمعية ورؤياهم المشتركة!!.
ونرى من الاهمية بمكان التأكيد ان تفشي العنصرية المعادية للعرب بين الجماهير اليهودية قد جاءت كنتيجة طبيعية لسياسة التمييز القومي العنصرية التي تمارسها السلطة ومختلف اذرعها ووسائل اعلامها ضد المواطنين العرب، نتيجة طبيعية لماكنة غسل الدماغ الصهيونية الرسمية ووسائل الاعلام الرسمية التي تربي وتثقف الاجيال الصاعدة اليهودية منذ سن مبكرة في المدارس، وتثقف الجماهير اليهودية الواسعة بروح العداء والكراهية للعرب ووصف العربي بأرذل الصفات – الكذب والخداع والخيانة والغدر – واتهام الاقلية القومية العربية الفلسطينية بأنها "طابور خامس" معاد للدولة ولا يؤتمن جانبها او مجاورتها على اساس علاقات التعايش المبني على المساواة والاحترام المتبادل في الحقوق.
فالعنصرية في اسرائيل هي اولا وقبل كل شيء سمة من سمات الصهيونية منذ نشوئها كحركة سياسية ومرجعية لمختلف تيارات البرجوازية اليهودية، كما ان لهذه العنصرية جذورها في مؤسسات الدولة الرسمية ومنها الكنيست، حيث اقرت هذه الهيئة التشريعية العديد من القوانين العنصرية المعادية للعرب وللدمقراطية مثل قانون المواطنة وقانون فرض الخدمة المدنية على الشباب العرب، وقانون الاراضي للكيرن كييمت حيث ستخصص 13% من الارضي الصندوق لليهود.
ومن المخاطر الجدية لتفشّي العنصرية وزيادة مخاطرها نود التركيز على قضيتين اساسيتين:
القضية الاولى: الهجمة المنهجية المتصاعدة على عرب القرى العربية غير المعترف بها وعلى الاراضي العربية الواقعة تحت سلطة المجالس القطرية اليهودية، هذه الهجمة التي تنطلق تحت يافطة "انقاذ وتطوير النقب والجليل" المزورة والتي تستهدف من بين ما تستهدفه الى اقتلاع عرب النقب من قراهم وأراضيهم، ممارسة التطهير العرقي بترحيل العرب عن قراهم بهدف مصادرة اراضيهم وتهويدها، وتحويلها الى مستوطنات يهودية وبعضها الى مزارع رأسمالية يهودية. ولهذا فان الحفاظ على هوية البقاء في النقب والجليل، وخاصة في النقب هي معركة كل جماهيرنا العربية وجميع انصار حق الاقليات والانسان والمواطن في المساواة والمواطنة الكاملة فوق ارض الوطن، وطننا الذي لا وطن لنا غيره.
والقضية الثانية: تتويجًا لمختلف برامج الترانسفير للعرب التي تضمنتها اجندة بعض الاحزاب الصهيونية والمؤسسات الصهيونية وبعض رجال الاكاديميا في العقدين الاخيرين كحل ومخرج للتخلص من الوجود العربي في البلاد "لضمان دولة يهودية" نظيفة من "الغوييم"، وضمان راحة البال من مخاطر الهاجس الديموغرافي لعرب ينافسون النمل في سرعة التكاثر. تتويجا لهذه البرامج والافكار العرقية العنصرية الصهيونية، عادت حكومة الاحتلال الاسرائيلي من رئيس الدولة شمعون بيرس الى رئيس الحكومة اولمرت الى وزيرة خارجية حكومته تسيبي ليفني الى طرح مطالبة الفلسطينيين الاعتراف باسرائيل كـ "دولة يهودية" كتجسيد لحق تقرير المصير وكشرط للتقدم نحو حل الدولتين، اسرائيل وفلسطين. انه موقف ديماغوغي صهيوني هدفه التهرب من اقرار حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني باقامة دولته التي تحتلها اسرائيل ظلما وعدوانا. اسرائيل دولة قائمة وهي عضو في الامم المتحدة واحتلت اراضي واتسعت على مساحة اكبر من المساحة التي خُصصت لها حسب قرار التقسيم في 29/1/1947، وفي الدولة التي خصصت لها لم تكن دولة اثنية دينية من اليهود فقط، بل كان في الدولة اليهودية حوالي اربعين في المئة من سكانها اقلية عربية فلسطينية كبيرة جدا. ولم يطلق على اسرائيل انها دولة صهيونية رغم قيادة الاحزاب الصهيونية لها، ولهذا فان المدلول السياسي للاشتراط الاسرائيلي ان يعترف الفلسطينيون والعرب باسرائيل كـ "دولة يهودية" هو ان يعترف العرب بالايديولوجية الصهيونية وبعنصرية دولة اسرائيل النظيفة من العرب ومثل هذا الاعتراف يسقط حق العودة للاجئين الفلسطينيين لحوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في الشتات القسري من العودة الى وطنهم، هذا الحق الذي تسنده قرارات الشرعية الدولية، خاصة قرار 181، كما ان هذا الاعتراف يشرعن التنكر الاسرائيلي لحق العودة للاجئين الفلسطينيين كما يشرعن برامج الترانسفير العنصرية لترحيل المواطنين العرب من وطنهم او مبادلة قسم منهم (المثلث مثلا) مع قطعان اوباش المستوطنين اليهود في المناطق المحتلة.
لقد كررنا موقفنا دائما ومرارا ان "المؤمن لن يلدغ من جحر مرتين"، ونكبة شعبنا في الثمانية والاربعين لن تتكرر، تعلمنا الدرس والعبر بما فيه الكفاية، "فمن هالراح ما في رواح"، حتى لو اشهر كل العنصريين انيابهم.
لقد بيّنت معطيات تقرير جمعية حقوق المواطن ان السنة الاخيرة سجلت ازدياد بنسبة ستة وعشرين في المئة من الاحداث العنصرية تجاه المواطنين العرب. ومعطيات الاستفتاءات تبين ازديادا بنسبة 100% في شعور الكراهية بين اليهود للعرب في اسرائيل، وان خمسة وخمسين في المئة من المواطنين اليهود يشجعون العرب على الهجرة من البلاد، أي الترانسفير والترحيل، و78% من اليهود يعارضون ضم عرب الى الحكومة وخمسين في المئة فقط يؤيدون المساواة بين اليهود والعرب.
مدير جمعية حقوق المواطن الكاتب المعروف سامي ميخائيل عقّب على التقرير بقوله "المجتمع الاسرائيلي يضرب بالارقام القياسية في سلوكه العنصري فانه يمس بالحقوق الادنى للمواطنين العرب والمستضعفين في الدولة. تحولنا الى مجتمع مراقب يخضع لسلطة دمقراطية ذات اساسات هزيلة والتي تميز في منح الحقوق للمواطنين حسب انتمائهم القومي واعراقهم"!!.
ان هذه الحقائق الصارخة تستصرخ جماهيرنا وكل انصار حقوق الانسان لتصعيد المعركة الجماهيرية السياسية ضد العنصرية والفاشية العنصرية على مختلف المستويات الجماهيرية والرسمية. وقد فعلت كتلة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة خيرا، كما علمنا من رئيسها النائب محمد بركة، بطلبها عقد جلسة مع كل من رئيس الحكومة ورئيس المعارضة ورئيسة الكنيست لكي يحددوا موقفهم من الاستشراء والهجمة والتصعيد الهمجي للعنصرية، ويبقى المحك في مقاومة السياسة السلطوية العنصرية الفاشية والعدوانية واسقاطاتها، يبقى المحك بتجنيد اوسع وحدة صف كفاحية عربية – عربية وعربية – يهودية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبلوماسية الأمريكية: أي أمل لغزة ولبنان؟ • فرانس 24


.. هاريس - ترامب: أيهما أفضل للعالم العربي والمنطقة؟




.. تونس: ماذا وراء حبس -صنّاع محتوى- بتهم أخلاقية؟ • فرانس 24 /


.. ما أسباب توقيف طالب فرنسي في تونس بقرار من القضاء العسكري؟




.. تونس: السجن أربع سنوات ونصفا لناشطة تونسية على إنستغرام بتهم