الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوالي المر للضياع

عزيز العراقي

2007 / 12 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


التوالي المر للضياع
عزيز العراقي

يتفاخر الدنماركيون المساكين بأنهم تمكنوا من كشف وسيلة ثورية لتحويل الدم من فصيلة الى أخرى , في عملية ستقود الى وفرة في امدادات الدماء اللازمة لأنقاذ حياة المرضى , واعلنوا انهم نجحوا في تحويل فصائل الدم A , B , AB الى الفصيلة O وهي " الخيرّة " الشائعة الأنتشار التي يمكن لأي شخص من الذين يحملونها التبرع بدمه لأنقاذ حياة اي شخص له فصيلة دم اخرى . اما الأمريكان فلم يعلنوا لحد الآن – رغم نجاحهم الباهر – عن تمكنهم من تغيير جلود واخلاق القيادات السياسية العراقية بأغلب فصائلها , وبالذات حثالات البعثيين , وقد تركوا لهذه الحثالات حرية الأدعاء بأن الأمريكان اعترفوا بهم كحزب سياسي ( قاوم ) سلطات الاحتلال , ونتيجة هذه المقاومة ( استسلم ) الامريكان لرغبتهم بأقامة حوار مباشر معهم , لكن ليس على انسحاب الامريكان من العراق , بل ان يعملوا تحت تصرف سلطات الاحتلال ( مرتزقة ) مقابل بعض عظام السلطة .

ولكي لانطيل في موضوع يعرفه كل العراقيين , بأن سبب عودة هؤلاء هو الفشل الذي رافق اداء القيادات العراقية في ادارتها للدولة الجديدة , وبالذات الفشل السياسي ( الشيعي ) , ومحاولة بعض الاحزاب الشيعية سحب العراق الى تحت مظلة النظام الطائفي الايراني , على حساب المصلحة الوطنية اولاً , وثانياً على حساب المصلحة الامريكية ( المحررة ) للعراق , وهل من المعقول ان تقبل اميركا التي تقود العالم اليوم من ان تخسر مقاولتها في العراق ؟! فأضطرت لتبديل بعض المقاولين الثانويين من الشيعة بمقاولين بعثيين يعرفونهم جيداً من انهم تحت الطلب عند الضرورة , ومعهم تاريخ ( مشرف ) منذ عام 1963. لقد اراد الامريكان ان يقولوا للقيادات السياسية العراقية انكم سواسية امامنا , ولا يوجد احد اشرف من احد , والذي نريده هو من يخدمنا , والسلطة لمن في هذه الخدمة .

الامريكان لم ينجحوا فقط بتبديل جلود هؤلاء , بل نجحوا ايضاً بالقضاء على بقايا الخلايا العقلية التي تتوهج بجدحة الضمير في الدفاع عن الحقوق والكرامة الوطنية , بعد ان عطلوا الضمير بعطايا السلطة والجاه والثروة لأغلب القيادات السياسية العراقية , لتضاف طريقة وطنية جديدة اكثر كفاءة من طريقة القذافي حينما نزع بإباء وشموخ كل ما يمكن نزعه , للحفاظ على دولته ونظامه . اما في العراق فلا توجد دولة بعد ان اضمحلت مع النظام الصدامي , ونظام مليشيات تولد بعضها وكبر تحت نظر الامريكان , وهم الآن يحددون مساحة اقطاعية كل مليشيا تقبل بالعمل تحت رعايتهم . ومثلما سيتمكن الدنماركيون من خدمة البشرية بتبديل فصائل الدم وتحويلها الى الفئة O لتسهيل مساعدة المرضى المحتاجين لتبديل الدم , فالأمريكان سيتمكنون ايضاً من خلق قيادات عراقية فقدت الضمير والاحساس بالوطن مع كل تجربة جديدة في نظرية " الفوضى الخلاقة " للأنظمة الواجب تغييرها , استجابة للعولمة التي تزيد من سرعتها .

فالامريكان ليسوا بحاجة الآن لحسم الامور في العراق , وهم يدركون جيداً ان الحسم لن يكون ما لم تحسم مع النظام الايراني , وجميع الجرائم منذ سقوط النظام سجلت ضد مجهول , او الكل متهمون , سلطات الاحتلال , البعثيين والسنة , المليشيات الشيعية , وحتى الاكراد يتهمهم البعض بأنهم وراء استمرار التناحر للمحافظة على موقعهم ( التفاوضي ) القوي , اضافة لاتهام كل دول الاقليم في استمرار هذا الوضع .

فاليوم اغلب البعثيين خلف الامريكان , و " السنة " بدون البعثيين لايشكلون خطورة موقف , والاكراد خلف الامريكان , والشيعة لايزال قسم منهم خلف الايرانيين , والبعض مع الامريكان , والصراع الشيعي الشيعي للاستحواذ على المكاسب - والذي يرجح له ان يكون اكثر عنفاً خلال الاسابيع القادمة - هو الشغل الشاغل عن كل الهموم السياسية التي تتعلق بمصير الوطن , وبعض العلمانيين تعثروا برغباتهم الجامحة للاستحواذ على السلطة , والتي لا تقل جنوناً عن رغبة البعثيين والمليشيات الشيعية , ولم يبقى الا بعض الديمقراطيين واليساريين والعلمانيين الذين يفتقدون لوحدة التنظيم ومقومات الارادة , مع شعب اعزل يستجدي القرارات التي تنصفه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكي مدان بسوء السياقة ورخصته مسحوبة يشارك في جلسة محاكمته


.. ثوابيت مجهولة عند سفح برج إيفل في باريس • فرانس 24




.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. ولي العهد الكويتي يؤدي اليمين الدستورية نائبا للأمير | #مراس




.. تواصل وتيرة المعارك المحتدمة بين إسرائيل وحزب الله