الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا ديمقراطية.. ولاعلمانية.. بوجود الولايات المتحدة في العراق

سمير عادل

2003 / 11 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


صرح مستشار بول بريمر "نواه فليدمان"، بان العراق يتجه الى ان يكون دولة يكون فيها الاسلام هو الاساس الذي يستند عليه الدستور، وبأن تحقيق العلمانية بعيد المنال في العراق. وبالنتيجة ستكون العراق، دولة معادية الى الولايات المتحدة واسرائيل. و هنا يتسآل المرء: ما هي علاقة احتمالية ان يكون العراق علمانياً بكونه سيصبح صديقاً للولايات المتحدة او بخلافه يصبح معادياً لها؟.
وقد اضاف بوش، في خطابه الاسبوع الفائت، الى جانب علمانية فليدمان، مقولة الديمقراطية، لكي يحدد دوران اية دولة في فلك الولايات المتحدة اوخارجه. واذا فتشنا في المنطقة عن الدول التي تطابق شروط بوش ومساعده بريمر، فلن نجد غير السعودية حليفة اصلية للولايات المتحدة.  فهل ان دستور هذه الدولة علماني أو ان نظامها ديمقراطي لكي تكون حليفة اصلية لامريكا ورأس حربة في ضرب اية حركة تحررية وعلمانية وتقدمية في المنطقة؟!.
 والمراقب لتصريحات المسؤولين في ادارة بوش بعد احداث 11 ايلول، يجد بأن نفس هذه الادارة تعتمد الدعايات والخرافات الدينية في اعلامها. فلا يمحى من الذاكرة كلام بوش حول اعلانه الحملة الصليبية للانتقام لضحايا جريمة نيويورك والتي اغضبت حلفائه الأوربيين وتعالى استهجانهم منها في حينه.  ومؤخرا، على سبيل المثال، هبت صيحات اخرى ضد كلمة نائب وكيل وزارة الاستخبارات الامريكية ويليام بويكين امام الكنيسة الانجيلية عندما كان يتحدث عن احد امراء الحرب في الصومال قائلاً :" كنت ادرك ان الهي هو اله حقيقي وان الهه ليس سوى صنم ...ان عدو امريكا هو عدو روحي ..هو الشيطان ويجب ان نهب ضدهم بأسم المسيح ..وان الرب هو الذي اوصل جورج دبليو بوش الى البيت الابيض" ..الخ من الترهات الكلامية. الى جانب ذلك، فلقد اطلق عدد من الشخصيات العالمية على وزير العدل الامريكي جون اشكروفت تصريحات تشبهه فيها بزعيم ديني او امام جامع في بغداد، اكثر من كونه شخص يعمل على ادارة القانون في البلاد. بعبارة اخرى ان ادارة بوش نفسها قد كفت عن ان تكون علمانية وازدهرت في عهدها الكنيسة والتيار اليميني الديني، فكيف لها ان تصنع حكومة علمانية في العراق، وهي التي فرضت على جماهير العراق مجلسا طائفيا وقوميا وعشائريا ودينيا ليس له  ادنى صلة بتطلعات واماني جماهير العراق.
اعترف بوش في خطابه المذكور عن دعم الغرب للدول المعادية للديمقراطية طوال سنين، وبان الاوان قد آن اليوم لان تكف الولايات المتحدة عن خوض مثل هذه السياسة، فلقد كشفت عن الاهوال التي حملتها هذه السياسة على الغرب. وكان بوش يقصد الارهاب. وبالرغم ان بوش ومساعده بريمر ونفس الادارة الامريكية لا يفرقوا كثيرا بل ولا يعنيهم التمييز بين العلمانية والديمقراطية، الا ان التجارب الواقعية تكشف بأن الولايات المتحدة اينما حلت، يحل معها الخراب والدمار وتتأجج العنصرية والطائفية وتزداد الخرافات الدينية. انها ابعد من ان تكون بصدد احلال الديمقراطية والعلمانية. بهذه السياسة فقط تصبح حكومات الدول التي تحدث عنها بوش حليفة لامريكا في العالم. وتجربة " تحرير العراق" او "العراق الحر والجديد" ومهزلة مجلس الحكم الطائفي والعشائري والقومي تفضح اكاذيب ونفاق بوش ومساعده بريمر. فلقد فرضت ادارة بوش جماعات تحمل كل الصفات اللانسانية بالقوة على جماهير العراق. ومن الممكن ان تمارس اي شيء حتى في الحياة الداخلية لاحزابها وتجمعاتها الا الديمقراطية، ومن الممكن ايضا ان تؤيد اي شيء في الدستور الا العلمانية. لقد نصبت على رقاب الجماهير، لانها ايدت السياسة اللانسانية لادارة بوش وخططها الجهنمية في العراق.
ولقد كشفت مؤسسات امريكية مثل امريكان انتربرايس*، ووفق احصائية اجريت، بان 66.3% من الشعب العراقي يرفض ان يكون دستور البلاد اسلامياً ويطالب بفصل الدين عن الدولة وان يكون الدين شأن شخصي. الا ان ادراة بوش ويريمر واعلامهما المزيف يصران مع سبق الاصرار والترصد على تصنيف المجتمع العراقي الى شيعة وسنة واكراد وعرب ..الخ من هذه التصنيفات المشبوهة. والذي يؤكد اكثر على الريبة والشك في النوايا الامريكية، هو عندما تسمي امريكا المقابر الجماعية التي حفرتها الايادي المجرمة لحكومة البعث القومية في جنوب العراق، بأنها مقابر المعارضة الشيعية، وليس بتعريفهم بشكل مجرد كمعارضة. وللامانة التاريخية نقول أن نظام البعث وزع قمعه واستبداده بالتساوي على جماهير العراق، ولم يخص فئة دون اخرى. فحمامات الدم ارتكبت ضد جميع التيارات السياسية المعارضة لدكتاتورية البعث القومية. بيد ان الادارة الامريكية وفئات مجلس الحكم حاولوا طمس تلك الحقيقة لتسهيل السيطرة على جماهير العراق عبثا.
ان "الديمقراطية" بمعنى الحرية الواسعة وبمفومها الشامل الذي يطلق من خلاله العنان للطاقات الكامنة للجماهير في الابداع والتعبير عن الرأي وصنع الارادة الحرة لها وتقرير مصيرها السياسي المستقل، وترسيخ العلمانية في دستور العراق، لا يجلبها بوش وبريمر ولا مجلس حكمهما المتورطان الان به وباقتراح حله، بل تجلبها الجماهير التحررية التي ناضلت طوال سنين ضد النظام البعثي الفاشي وقدمت التضحيات الجسام، وبالتفافها حول الحزب الشيوعي العمالي العراقي الذي يحث الخطى نحو حاضر ومستقبل مليء بالامان والرفاه.
 
* انظر مقالة "المجتمع العراقي ليس بأسلامي" لشمال علي- الشيوعية العمالية العدد 112       








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يتهرب من الإجابة عن سؤال حول إرسال قوات أمريكية للقتال


.. مهند مصطفى: إسرائيل بدأت تدرك صعوبة وتعقيد جبهة الشمال




.. غارة إسرائيلية على شقة سكنية في طرابلس شمال لبنان


.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا




.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق