الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحظة مفصلية في مستقبل العراق

ثائر سالم

2007 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لا اظن ان النجاحات الامنية ، مهما اتسع مداها، بقادرة على تحقيق الاستقرار الامني على المدى الطويل ، ما دامت غير قادرة على معالجة اسس السلم الاهلي، العدالة والمساواة في الحقوق ، او غير قادرة على تحقيقها بعد... وعلى الاغلب لن يكون مصير فاعلية التوسع في استخدام القوة ، او حتى النجاح في تمرير الاتفاق او في اقامة القواعد العسكرية ، افضل من مصير الخطط الامنية التي لم تبقي اسما من اسماء الحيوانات المفترسة ، الا وتلبسته ...ولكن النتيجة هي مانرى حتى الان من قلق وعدم استقرار لوضع محفوف بالمخاطر. ولا اظن ايضا انه حتى دعم كل دول الجوار ، المتعاونة اختيارا او اضطرارا وحتى الطامعة او الموعودة بتقاسم السلطة والقرار في العراق مع الاحتلال ، بمقدورها ان تنقذ الاحتلال من مصير الفشل القادم لامحالة....وحتى الماضي "الكفاحي" لبعض قادة الدولة والعملية السياسية، او احتماء الاخر منهم بالمقدس الذي يعلن الولاء له ، واحترامه للتضحيات قادة ورموز وابناء التيار الذي جاء منه ويصر على تمثيله......اقول لن يمنع كل هذا ... لحظة الحسم القادمة قريبا ولا محالة .... مع المحتل ومع القوى التي سوقته ...، خطأ في التقدير ، او تبنيا لرؤية لم تعد تحترم التاريخ ا لكفاحي لهذا الشعب ،...الذي تحترمه وتعرفه كل شعوب المنطقة والعالم.؟....فهل سنعلم ابنائنا قيمة الوطنية والديموقراطية الحقة ؟... ام سنعلمهم طريق التبعية والخنوع والاستخفاف ، بتلك القيم والحقوق؟.....التي يعتز بها المستعمر ذاته ، ولا يقبل لشعبه وبلده التخلي عنها . ، او جريا وراء مكاسب شخصية؟ ام سنمهد لهم طريق التبعية والخنوع والاستخفاف ، بالقيم التي يعتز بها المستعمر ذاته ، ولا يقبل لشعبه وبلده التخلي عنها .
لم تكن الاهداف الامريكية في العراق يوما غير معلنة ، او غير مفهومة ، حتى لاكثر الناس بعدا وانشغالا عن عالم السياسة . ولكن دولة بوزن وقوة الولايات المتحدة طبعا وشعورها بالقدرة على فعل كل شيء، يخلق ارضية استصغارها لشأن خصومها الضعفاء خصوصا و يوسع امكانات حصول انحرافات او اخطاء في السياسات ، ما تلبث ان تتحول الى اخطاء ستراتيجية . وفي تاريخ الولايات المتحدة ذاتها امثلة عديدة على مثل تلك الاخطاء . والمثال الفيتنامي ، ليس وحده ما اقصد هنا ، ...وانما صمود التجربة اللبنانية بوجه الضغوط الامريكية الهائلة على جناح المعارضة طيلة هذه الفترة، ...او الصعوبات الجدية التي لازالت تواجهها في التجربة العراقية .
...بل وفشلها حتى في تحديد الدور الايراني فيها بل واضطرارها الى الجلوس الى طاولة التفاهم مع الايرانيين او تحجيم التحديات الايرانية لها في العراق ، واصرارها على عدم التراجع عن برنامجها النووي، ...والنجاح الفنزويلي في الابقاء على ، المعارضة للسياسة الامريكية واعادة شافيز وعبر الوسيلة الديموقراطية....تجارب كهذه رغم انها لم تحسم نتائجها بعد ، الا انها قدمت ممكنا هاما ... الصمود بوجه ضغوط من العيار الثقيل ،...والدفاع عن الحقوق مشروعة .

الولايات المتحدة رغم تطورها ، وغنى قاعدتها العلمية وسعة قاعدة رجال الثقافة والفكر والسياسية ، اضافة الى قوتها وامكاناتها ونفوذها ، مقارنة بالاخريات من الدول ، الا ان ارتباط الشركات بالسياسة الرسمية للبلد وهيمنتها الفعلية عليها .. ابقاها غالبا اسيرة التعبير عن مصالح تلك الدائرة الضيقة من القوى المهيمنة لحظتها. الامر الذي يخلق بالضرورة ظروف تكرار ذات الاخطاء وتجاهل ذات الحقائق. ورغم ذلك فاختزال صورة آلية عمل، مؤسسة السلطة السياسية ، في الولايات المتحدة ، على هذه الطريقة، ليس فيه تبسيطا لا يستقيم وغنى التجربة النظرية وعراقة المؤسسات والحياة السياسية الامريكية فحسب ، وانما فيه غبن لضخامة التجربة الامريكية وتحديات تعقيداتها داخليا وخارجيا ، وعلى كل المستويات السياسية والعلمية والاقتصادية.
اما الاهداف الستراتيجية ، الغير قريبة او الصعبة المنال، وغير القابلة للتغيير ، او التراجع عنها ، الا تحت ضغط كبير او هزيمة كبرى للسياسة الامريكية ، فلا بد لها من خارطة طريق تتعامل ستراتيجيا معها....بهذه الرؤية تعاملت السياسة الامريكية مع اهدافها في العراق ، قبل الاحتلال وبعده ،....خارطة طريق تتجه نحو ...النفط ، والقواعد العسكرية ، ووجود حكومات وساسة ، مرتبطون بها سياسيا، مؤتمون ، مطيعون .... يتقنون لعبة الديموقراطية بالقواعد التي اوجدتها، ....واضهار الاختلافات الثانوية بينهم ...يمكن ان يسوقهم كاصحاب مشايع ، او مواقف تتباين في درجة استقلالها الى حد ما .

اما خارطة الطريق ، الامريكية ، الاولى التي اعدت قبل احتلال العراق .فقد ابتدأت منذ الحرب العراقية الايرانية ,غزو الكويت ...الحصار ..على الغذاء والدواء ..على الشيوخ والاطفال والمرضى .... بالحروب التي استهدفت بنى البلد العلمية والتحتية ...وباعاقة التطور العلمي....باهانة كرامة البلد ، والانتقاص من سيادته واستقلاله ....والمأساة انهم عاقبوا الشعب وشيوخه واطفاله ومرضاه ...ومات الكثير منهم لنقص في العلاج او الدواء ،.....ليس اولئك اللذين ارتهنوا البلد وتقدمه ، وحياة ابنائه . بالنسبة للعراقيين كان الامر سيان . سواء حصل هذا من اجل هذا التحرير ، الذي ننعم ببركاته يوميا ، او من اجل ان يبقى ، قائد الامة على راس السلظة. وبغض النظر عن سلامة الهدف ، او نبل الغاية ، فان لا اخلاقية الوسيلة التي يدفع ثمنها الابرياء والبلد ، لا بد لها ان تنال من " نبل الهدف!" ترى اهدف احتلال العراق هو الهدف النبيل ؟ ام بقاء الرئيس السابق في السلطة هو الهدف النبيل.؟

اما خارطة الطريق الامريكية ، التي جرى تنفيذها بعد الاحتلال ، فقد كشفت عن وجه اكثر بشاعة ، وفعلا اكثر وحشية ، وسياسات غير مبررة ، في اغلب الاوقات . فالسلطة والقرار والقوة والمسؤلية ، وفق "الشرعية الدولية " ، وعلى الارض كانت بيد القوات الامريكية ، ولا يمكن لاحد فرض امر عليها لاتريده. ومع ذلك جعلت ثمن بلوغ اهدافها ... وعقد هذا "الاتفاق ـ المعاهدة" ، ليس اكثر من مليون قتيل عراقي ، وآلاف القتلى والجرحى الامريكان ، واكثر من اربعة مليون مهجر عراقي ، في داخل وخارج وطنه ، ....واستدراج كل قوى الارهاب في العالم ، لقتالها على ارض العراق وبموارده ، وبدماء ابنائه ، وبناه التحتية التي تم تدمير الجزء الاعظم منها .....اما عمليات اعادة الاعمار ، فهي وهمية على الورق ، لم تصل الى مستحقيها .....بل جرى تقاسم ملياراتها بين مجرمون عراقيون وامريكيون ، ... سرقوا وحطموا ممتلكات الدولة و مؤسساتها ، الخدمية والامنية ،.. ..وتركوا الحرية لميليشيات تمليء الفراغ وتطبيق القانون على طريقتها ....، عصابات سرقة واختطاف و تعذيب وقتل طائفي جماعي وفردي على الهوية ....

باختصار حقق الامريكان كل ما كانوا يحتاجونه ليوصلوا العراقيين الى فكرة ، استحالة الاستغناء عن الامريكان او مغادرتهم العراق يوما .....وهكذا بدت خارطة الطريق الامريكية للعراق، بجزئيها الاول والثاني ،.. ماقبل وما بعد الاحتلال ، كانها نقلات بيادق الشطرنج المحكمة ، حتى الان على الاقل .....ولكن وكما في كل مرة ، فان السياسات الاستعمارية ،.... لايمكنها امام اغراء الربح وحجمه ، لا تمنعها من خوض المغامرة ، مهما كان احتمال نجاحها ضئيلا.

ولكن ....هل من الموضوعية تحميل الامريكان لوحدهم المسؤلية عما جرى ، وعن ما يمكن ان تصل اليه الامور ، نجاحا او فشلا ؟ .بالتاكيد لا . بل واكاد اجزم مع الكثيرين ، ....انه لولا الرهان الخاطيء ، للقوى الاساسية في العملية السياسية ، وقرائتها الخاصة لمشروع التغيير في العراق ....،عبر المراهنة على اولويات جزئية، وعلى حساب اولويات لايمكن دونها النجاح في خلق ظروف التصدي الصحيح لمشروع الاستعمار.... ...لولا الرهان الخاطيء على اولوية مشروع المذهب ، الطائفة ، القومية ، الدين ، ....وعلى حساب تهميش مشروع الوطن ، والمواطنة ، والعمل بقناعة اضعاف الدولة ، والهوية الوطنية ....لو كل هذه الامور وغيرها ممن تاتي في ذات السياق ،جرت مراعاتها ... لما امكن لمشروع الاحتلال ان يمر ..، بل بالتاكيد كان سيفشل في مهده ....وينتهي بهزيمة وبسرعة اكثر مما هو سائر نحوها الان . والتهديدات التركية والحاجة لتدخل ومساعدات دول الجوار قدمت اخر الادلة على ، ان من يريد النجاح، لمشروعه الجزئي او التقدم خطوات فيه ، فعليه تقوية جبهة وطنه اولا ، وتغليبها على اية ولاءات اخرى ،...ربما فات اوان قسما منها ، او لم تنضج ظروف القسم الاخر منها بعد ...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د