الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الأزمة المزمنة للسياسة الفلسطينية تكرر أزمة الحضارة العربية والإسلامية

عياد البطنيجي

2007 / 12 / 20
القضية الفلسطينية


بعد مجيء السلطة الفلسطينية إلى الأراضي الفلسطينية، وفق اتفاق أوسلو في أكتوبر 1993، وبداية تدشين النظام السياسي الفلسطيني على جزء من أرض الوطن، بعد أن كان النظام السياسي هو نظام حركة تحرر وطني يناضل من خارج أرض الوطن. ذلك شكل منعطف سياسي خطير أثر بشكل دراماتيكي على البنية السياسية، وعلى طبيعة النضال الفلسطيني. هذا التحول ألقى بظلاله على كافة مناحي الحياة الفلسطينية بشكلٍ عام وعلى البنية السياسية بشكلٍ خاص. أمام هذا التطور التاريخي والتحدي الخطير الذي ينتظر الفلسطينيون، والذي شكل اختبارا قاسيا للفلسطينيين على مدى قدرتهم على إدارة أمورهم بأنفسهم. أمام هذا التطور التاريخي كان هناك رهاناً خارجيا وداخلياً على إفشال تلك التجربة التاريخية. إسرائيل كانت تراهن على فشل هذه التجربة، وبذلت كل ما في وسعها لإفشالها حتى يثبتوا للعالم أن الفلسطينيين لا يقدروا على قيادة أنفسهم وبالتالي لا بديل عن الاحتلال أو أي طرف خارجي يقودهم . كما وهدفت إسرائيل من وراء إفشال تلك التجربة هو أن هذا الفشل يعطيها مبررا لكي تتملص من استحقاق أوسلو الذي يطالبها بالتنازل للفلسطينيين وبالتالي يصبح لهم دولة مستقلة مجاورة لدولة إسرائيل قد تهددها في المستقبل . أما الطرف الداخلي الذي سعي دون كلل أو ملل لإفشال تجربة السلطة وتقويضها تمهيدا لقيادة الشارع الفلسطيني، وبالتالي تشكيل السلطة والمجتمع وفق مبادئه وإيديولوجيته، والاستفراد بكل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وإخلاء الساحة أمامه لأنه، أي هذا الطرف، لا يستطيع أن يعمل ويتعايش مع الآخرين بل لديه أصلا مشكلة مع الأخر بل هذا الآخر أصبح هو العدو فيما بعد وأصبح يتساوي ويتماثل مع العدو الحقيقي ألا وهو إسرائيل. وعليه وضعت البرامج والمخططات لإنهاء التجربة، وصيغت استراتيجيات وتكتيكات لإنهاء وتفشيل هذه التجربة التاريخية، وذلك قبل أن تتجسد على أرض الواقع وبالتالي الحكم عليها من خلال ممارساتها ونقدها وتقويمها وتصويبها، بدلا من الحكام المسبق عليها كما فعلت القوى المعارضة لهذه التجربة بشكلٍ عام وحركة حماس بشكلٍ خاص . كيف لا وقد أعطته السلطة- بعد أن تشكلت وتبلورت ملامحها- كل المبررات لكي يعمل هذا الطرف على تقويضها. فممارسات السلطة من فسادٍ واستبداد واستفرادٍ وعدم الالتزام بالمبادئ القانونية والدستورية- وهنا لا ننكر الدور المشرف لبعض قيادات السلطة في مجال العمل الوطني الفلسطيني- وعجز السلطة عن تحقيق ما وعدت به شعبها من رخاءٍ وتحقيق بناء الدولة، وعدم قدرة النظام السياسي الفلسطيني المتشكل للتو على أداء وظائفه. وبالتالي أصبح هناك أزمة تعاني منها السلطة وهي أزمة شرعية الإنجاز، وهي تتمثل بعدم قدرة السلطة الفلسطينية في انجاز ما وعدت به : بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967, وعاصمتها القدس , وعودة اللاجئين , ولا هي استطاعت أن تكبح العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ، وعدم قدرتها على تحويل الموارد المادية والبشرية سواء على المستويين المحلي والدولي لدفع العملية السلمية وكسب تأيد دولي للقضية الفلسطينية التي هي في تراجع الآن. هذا كله وفر غطاءاً شرعيا استغلته أطراف معارضة داخلية للانقضاض على النظام السياسي القائم تمهيداً لتشكيله وفق برنامجها وأيديولوجيتها، وبالتالي إنهاء التجربة التاريخية، وإسقاط الفلسطينيين في هذا الاختبار التاريخي القاسي، والبدء بتجربة جديدة تبدأ من الصفر لا احد يعلم كيف ستنتهي. وللمفارقة، وما أشبه اليوم بالبارحة، فإن معضلة الحضارة العربية الإسلامية حسب ما يعلله ابن خلدون هو الانقطاع التاريخي والجغرافي للحضارة العربية والإسلامية بسبب موجات التصحر والغزوات البربرية والبدوية الآتية من الصحراء، والتي ما كانت تتشكل بنية حضارية في التاريخي العربي إلا ويُقضى عليها بفعل تلك الغزوات الآتية من الصحراء والمناطق الجافة، مما يشكل انقطاع تاريخي وزمني بين تكامل البناء الحضاري والتي افتقدت إلى عملية التراكم . وهو ما يتكرر اليوم في الحقل السياسي الفلسطيني بفعل العملية الهادفة إلي القضاء على مرحلة تاريخية بكاملها بهدف البدء بمرحلة جديدة بدلا من عملية تراكم للانجازات وتصويب الأخطاء. وهو ما يعني الدوران في الحلقات السياسية المفرغة وتكرار عملية البناء ثم الهدم والبدء من الصفر، وهو ما يُفقد عملية التراكم ، والتي بدونها لا يمكن إحداث طفرة حضارية في كافة المجالات، وذلك بسبب الصراعات غير المنضبطة التي يعيشها الجسد السياسي الفلسطيني في هذه الأثناء. وذلك أيضا ما عبر عنه ابن خلدون بمقولته: " في الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل أن تستحكم فيها دولة " والسبب في ذلك حسب ما يعلله المؤرخ العربي الكبير ابن خلدون في مقدمته الشهيرة : " والسبب في ذلك اختلاف الآراء والمذاهب والأهواء، وان وراء كل رأي منها وهوى: عصبية تمانع دونها فيكثر الانتقاض على الدولة والخروج عليها في كل وقت وان كانت ذات عصبية لان كل عصبية ممن يدها تظن في نفسها منعة وقوة ". فهل ما يجري اليوم في الأراضي الفلسطينية يكرر مأزق الحضارة العربية الإسلامية؟ فهل ما يجري اليوم في الأراضي الفلسطينية يكرر مأزق الحضارة العربية الإسلامية، وتكرار الانقطاع التاريخي والزمني بين المراحل، وبالتالي إنهاء مرحلة تاريخية متشكلة والبدء بمرحلة تاريخية جديدة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ