الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ونحن نرضى ونحن لها & الأغلبية المطلقة في العراق الجديد

عدنان فارس

2003 / 11 / 22
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


ونحن نرضى ونحن لها

بعد أن أصدر "السيد النائب" سابقاً و "الرئيس الساقط" حالياً قانون "تبعيث التعليم" إضطررتُ الى ترك العراق بأمر إداري مزوّر ساعدني في "إستصداره" أحد أقاربي في 12 -1- 1979، أي بعد مرور 25 سنة زُرتُ العراق. لقد تركتُ أصغر اخوتي وهو في الصف الثاني ابتدائي وإذا بأكبر أولاده الثلاثة في الصف الثاني ابتدائي! إنها إحدى مكرُمات "أبو المكارم".

لقد فكّرتُ كثيراً قبل أن أعقد العزم على زيارة أهلي في العراق، لم أكن أحترم ولا أصدّق تخرّصات مُناهضي الحرية في العراق من أمثال قناتي الجزيرة والعربية وأبناء عمومتهما و "المُتحضّرين" في ال بي بي سي، ولكن كنتُ والحقّ يُقال فريسةً بطريقة أو بأخرى لجهودهم غير النبيلة.

على طول الطريق الممتدة من الحدود الأردنية وحتى فارسة الأحلام بغداد كانت عيناي أدقّ من أدقّ عدسة تصوير وأذناي أدقّ من أدقّ لاقطة صوت، كنتُ أتحجّج في تصيّد الثغرات والنواقص و "عدم الرضا" ولكنني فشلت.. فداريتُ فشلي هذا بالبكاء الصامت، بكيتُ كثيراً.. وما كان من الأصدقاء الثلاثة في السيارة إلاّ أن يمدّونني بأوراق "الكلينكس" لتجفيف الدموع ولسان حالهم يقول "نبرّر لك بُكاءَك بدلاً من التوتر والهواجس المُخيفة" هذه الهواجس التي عرفتُ يقيناً أنها من بين تلك الأهداف غير النبيلة لفضائيات وأرضيات المناهضين للحرية في العراق.

لقد ساعدني بُكائي الصامت في الطريق الى بغداد على "السيطرة على الموقف المشحون بالحب الصاخب والعواطف الدامعة" وعلى أن أداري دموع وهلاهل المستقبلين من الأهل والجيران بقليل من الهدوء وكثير من التطمين والمُباركة والفخر. لقد كنتُ أرتجف ومما زاد في ارتجافي أصوات الإطلاقات النارية "الكثيفة" التي عرفتُ فيما بعد أنّها من بعض أفراد "الشرطة" شرطة العراق الجديد التي تطوّع فيها العديد من أبناء الجيران، احتفاءاً بوصولي.

على حدود بغداد لمستُ إنسانية و "مهنية" شرطة العراق الجديد، لم يسألوا عن الإسم ولا عن منطقة السكن، لم يهمّهم إن كان إسمك علي أو عمر أو أنك من الأنبار أو من العمارة، سألونا من أين نحن قادمون قلنا من عمّان فقالوا : اسمحوا لنا بتفتيش السيارة ونستميحكم عذراً على التأخير (!) يا إلهي لأوّل مرة أسمع استماحة عذرٍ من شرطي عراقي.. إنه العراق الجديد، هلاّ تنشر قناتي الجزيرة والعربية وأبناء عمومتهما أو تشيران لهذه الإستماحة، ألا تسمح "المُثل العروبية والإسلامية" لمثل هذه القنوات بالإشارة الى أن الشعب العراقي قادر أن يتحكّم ويُسيطر ويُؤمِّن حاجاته "الأمنية" حتى بدون سلطة مركزية مُستقرّة "لحد الآن على الأقل".

بالأمس سمعتُ ما صرّح به صديق الشعب العراقي "توني بلير": إنَّ العراق الآن هو ساحة المُواجهة ضدّ الإرهاب في العالم، فردّ عليه ضيفه "قائد حملة حرية العراق" جورج دبليو بوش: في العراق سيُقبر الإرهاب وسوف يُسجّل التاريخ للعراقيين دورهم العظيم في تأسيس الحرية و بناء الديموقراطية في الشرق الأوسط.

سيدي الرئيس الأميركي: على مرّ التاريخ إنطلقت من العراق الى البشرية عدة رسالات إنسانية تاريخية والآن يعتز ويتشرّف أبناء وبنات العراق بدورهم في الحملة التي تقودنها سيادتكم ضدّ الإرهاب، العراقيون يرتضون هذه المهمّة وهم لها!

 

***********************

الأغلبية المطلقة في العراق الجديد

يبدو أنّ مُسلسل دروس النحو والإملاء وأل التعريف وأدوات النصب والاحتيال لم تسعف الخائبين في تغذية الحقد غير النبيل ضدّ تحرّر العراق من القبح السياسي والقبح القومي والإدّعاء "العروبي" الكاذب والأجوف أو الأجيف، بل أنّ الحرية في العراق الآن دفعت بالبعض اللئيم من المراهنين باسم العَرَمْرَم العروبي على انتقاد "هيمنة" الوجود "العجمي والكردي والتركماني....الخ" أن يُدعّموا "عراقيتهم" بأنهم "عرب"!.. متناسين أن المشير صدام حسين والدكتورعبد حمود والرفيق أحمد الكبيسي هم عرب أقحاح. العُروبيون وحلفاءهم الإسلاميون الآن هم أشرس أعداء حرية العراق.. ليعلم العروبيون أينما وُجدوا أنّ سلوك القومجيين العرب ونتيجة لمزايداتهم وادعاءاتهم اللئيمة أصبح ثمن ثلاثة آلاف عربي حي يُقابل جثة إسرائيلي واحد.

الآن وبحكم التاريخ المسموع والواقع الملموس والمُعاش عليك أيها العربي أن لا تقول انا عربي وتسكت، وإنمّا، حتى تكتسب احترام بني البشر، عليك أن تقول أنا عربي مُتحضّر أو انا عربي مُتحرّر أو أنا عربي أحترم الآخرين والأسهل من ذلك كله أن تقول أنا عربي ديموقراطي وإلأّ فالآخرين معذورين عند رؤية صورتك أو ذكر اسمك أن يتذكّروا قوله تعالى " وللهِ في خلقِه شؤون".

رغم تعلّق السويديين ببلدهم ودولتهم التي أصبحت مثلاً عالمياً في احترام حقوق المواطن والمقيم والزائر و طالب اللجوء الذي هو في الغالب "عربي ومسلم"، لا يُوجد حزب سويدي واحد يحمل إسم "سويدي أو الفيكينغ" وإلاّ فسوف يُوَسَم بالعنصرية.. لا يوجد " وطني " سويدي واحد يَجرُؤ على الهتاف ب ( عاشت السويد ) رغم أن "أفقر" سويدي هو أكثر وأصدق وطـنيةً من أغنى عربي ورغم أنّ "السجين في السويدي" هو أكثر حرية وأكثر حقوق من الحر الطليق العربي.. مَلِك السويد وحده يقولها مرةً واحدة في السنة " الله يحفظ السويد" في يوم العلم.. والعراق حتى ليس له عَلَم، والبعض البائس من العراقيين يُصعّدُ هذه الأيام من غناءه بالإنتماء "الوطني" و"العروبي" و "الإسلامي".. إنّه غناء العبودية والإرتزاق ومُعاداة الوطن، غناء الإلتفاف على مستقبل الحرية والديموقراطية، غناء الحنين الى صدام وبعثه.. ليعلم مساكين وتجّارالوطنية والقومية و الدين أن ليس فقط لا عودة لصدام وبعثه إنّما الطريق الآن هي فقط نحو عودة العراق للعراقيين.. دين العراق الرسمي الآن هو "سيادة حقوق المواطنة" ولا أعتقد أن هذا يتعارض مع الإسلام أو المسيح وغيرهما، ليس الإغلبية في العراق هم الكورد أو العرب أو الشيعة إنّما الأغلبية العراقية المطلقة والتي لها اليد الطولى والقول الفصل هي "مبدأ حقوق المواطنة"..

لقد نزف العراق على مدى أكثر من اربعين سنة، نزف أرضاً وبشراً ومستقبلاً تحت مرئ ومسمع وقيادة أفكار وشعارات وتشكيلات الشيوعيين والقوميين العرب والإسلاميين، حوزة وجمعية. بفتاوى وتعاليم واستبداد هذا "المثلث البغيض" تَمكّن صدام وبعثه من تدمير العراق، "عروبة العراق والإسلام دين الدولة الرسمي" كانت الأرضية الصُلبة والمدخل "الحلال" لتشريد وتقتيل وتجويع أبناء العراق وبناته..

سيراً على قاعدة " قل الحقّ ولو على نفسِك " دُلّونا على يومٍ واحدٍ عادل في تاريخ الدول الإسلامية المُمتدّ مُنذ الدولة الراشدية وحتى الجمهورية الإسلامية في ايران مُروراً بدولة طالبان!.. دُلّونا على يومٍ واحدٍ عادل في حُكم الشيوعيين والقوميين العرب!.. لا يوجد طبعاً.

العراق الذي عانى من بشاعة تسلّط هذا "المثلث البغيض" ينهض الآن بمعونة أنصار الحرية والديموقراطية، هؤلاء الأنصار الذين وَفّقهم اللهُ وصِدق إنسانيتِهم في حسم الحرب الباردة لصالح البشرية في حياة أكثر إنسانية، العراق الآن يشقّ الطريقَ صارخاً بوجه "المثلث البغيض" أن " لا حياة حرة كريمة ولا ديموقراطية تحت ضِلال الفتاوى" هذه الفتاوى بأنواعها "الثلاثة" التي طالما مَكّنت الظالمين من رِقاب الشعب العراقي إنّما هي أخلاقية عراق ما قبل 9 أبريل 2003.

على من شدّ الرحال الى أميركا مُتوسّلين بها أن " حرّرونا " من صدام، وقد استجابت أميركا لتوسّلاتهم، عليهم أن يحترموا الوجود الأميركي في العراق ويُقدّروا دوره ويتفاهموا ويتعاونوا معه ويُسمّوه بحقيقتة كقواتِ تحريرٍ ونُصرة وليس "قوّات احتلال" كما يدّعيها فلول البعث والإرهابيون الأصوليون وحكّام ايران وسوريا والإنتهازيون الدوليون في فرنسا والمانيا وروسيا!

ومثلما لم يكن "للفتاوى" دور في إسقاط صدام وبعثه، فلا ينبغي الإستنجاد ب "الفتاوى" في بناء العراق الجديد.

أخيراً لا يسُرّني أن ترأسَ العراقَ "عَمامة" حتى لو كانت رئاسة انتقالية ولمدة شهرٍ واحد!

29 -11- 2003

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان