الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار مبعثرة

سميرة الوردي

2007 / 12 / 21
الادب والفن


كلما جلست محاطة بالصمت تحدثني نفسي بهواجس كثيرة ، كم وددت لو ناقشتها أو دونتها ، أمور قد عشتها وشاهدتها بنفسي في رحلة العمر الطويل ، مشاعر غريبة تنتابني ، فالرغبة للكتابة تعذبني عندما تضيع مني الفكرة أو تعجزني الكلمات.

تراودني أسئلة كثار كلما صادف أن أكون في محل عام أو مشفى .
البشر كلهم توحدهم نفس الملامح والصفات الشكلية والجسمية ولكنهم يختلفون عن بعضهم اختلافات جوهرية ، تحددها الممارسات والتصرفات الحياتية ، تفرقهم الأفكار واللغات ، والأكثر تباينا بينهم المستوى المعاشي فهو يبدو واضحا على الجميع ، يبدو الترف والفقر على الأفراد لو ضمهم مجلس واحد لا تفرقهم سوى النظافة وحداثة الملبس ورمزيته الشعبية .

كلما اشتريت خبزا طازجا وشممت عبيره اكتسحتني مناظر الجياع في كل مكان ، في جنوب اسيا ومجاهل أفريقيا الى آخر بقعة في العالم ، يتصاعد سعر برميل النفط ويُصَعِّد معه الأسعار حتى رغيف الخبز لا يسلم من هذا الغلاء المرهق لملايين الناس ، والمفيد لكانزي الذهب والفضة على حساب رغيف الكادحين ، وعندما يهبط سعر برميل النفط لايهبط سعر رغيف الخبز.

الطفولة عالم رائع ،دراسات وكتب علمية كثار تُألف من أجلهم ، تُقام المسارح وتُعد أفلام لهم ، الطفولة في المجتمعات المتحضرة مقدسة ، فهي جوهر الحياة وكينونتها أما في عالمنا العربي فما زالت الطفولة تابعة لعالم الكبار الذي لم يسلم بعد من الطغيان والأذى النفسي والمادي .

حرية ، ديمقراطية علمانية
كلمات نحلم بها في عالم واقعي ، ليس حلما ورديا سرعان ما ينطفئ ، فنعود لقواقعنا ، وإنما منجزات نحياها بكل مدياتها ، كلمات تختلط فيما بينها لتضاف اليها مفاهيم أُخر كالديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفولة والدفاع عن البيئة ، التي أصبحت هي الأُخرى ضحية بين مطرقة الحكومات المستبدة وسندان الجهل والفقر الموروثان الأبدي من سوء الحكومات المتعاقبة وعدم كفاءتها في التخطيط والتنمية .
كثيرا ما نتساءل أيهما أكثر ضرورة للمجتمع وأيهما أسبق في الوجود، وما هي مدلول كل واحدة منهم ، الحرية بمفهومها الواسع هي الأسبق فوجودها بوجود أول كائن على وجه البسيطة ، وجودها بوجود الماء والهواء ، ماذا تعني الحرية في عالمنا العربي ، لماذا يكره بعض المؤدلجين والمنظرين الحرية ويعشقها ملايين من سكنة الأرض . ماعلاقة الحرية بالعلمانية إنهما تختلفان اختلافا جوهريا ولكنهما تلتقيان عند أقدس موضوع وهو احترام الإنسان مهما كان جنسه ولونه ودينه فالحرية هي العدو اللدود للعبودية والخنوع والخضوع .
والعلمانية هي سن قوانين وضعية يتعارف عليها ويؤيدها الناس ويضعها أهل العلم والدراية والقانون والتشريع ، ولا سلطة أعلا من سلطة القانون .
أما الديمقراطية فهي الإطار الأكثر تحضرا للوصول الى تحرر المجتمع والوصول الى مراكز القرار عبر الكفاءات والمؤهلات وعبر انتخابات نزيهة يساهم فيها كل الأفراد بنزاهة وعدم ضغط . يفرزها مجتمع متحضر خال من لغة السلاح وجبروته. مجتمع يتعلم فيه الفرد الف باء الحرية عبر برامج دراسية عصرية تلائم المجتمع الحديث وحاجته .

يجن الليل فيجن حنيني وكلما تألقت الشوارع بأضوائها أجر ألف حسرة ، ما أن تمر عربات نقل قناني الغاز الى البيوت والمحلات لتُشد على المواقد ولا تغادر الا بعد التأكد من ضبطها وسلامتها أشعر بألف أسى ، وما إن أدخل الأسواق والسوبرماركات حتى تقتحمني تلك العبارة التي سمعتها من زميل لي في العمل عام 1984 كان قد انهى عقد عمله في دولة خليجية ، وكان السفر حينذاك صعب وممنوع على العراقيين بسبب ظروف الحرب : ( لو خرج العراقيون الى العالم لأندهشوا من التطور والتقدم الذي أصاب الدول من حوله ) ، وعندما انفتح العراق على العالم الخارجي لم تصلنا منه الا المفخخات والموت الزئام وكلما حاول الشرفاء لملمة أنفسهم نبا عمل إجرامي يحاول تكديرهم من جديد ، حتى مدينة العمارة الوادعة المطمئنة خلال سنوات اللهب الأحمق لم تسلم من هذا الحقد اللئيم العمارة تلك المدينة الخيرة بأبنائها وأرضها ونفطها لم تنجُ من كابوس الإرهاب .

حلم أن نعود وأن نساهم مع المساهمين في بناء وطننا الذي شردنا منه رغم أنوفنا ، حلم يبدو غير مستحيل ولكنه أتى ولم تأت ظروف العودة ، فالتزام هنا مع هذا الإبن وإرتباط مع تلك الأبنة وبناء مستقبل لم يُنجز بعد ، معوقات ما أن تذلل أحدها حتى يبرز لك الآخر، ليس من اليسير أن تترك حياة كاملة في بلدك لتبدأ من جديد ومن الصفر .وما أن تبدأ حتى تغزوك الغربة والضيم فتعقد المقارنات والمفاضلات فتفوز غربتك عليك رغم الحنين فما عشته في بلدك هو الذي دفعك لتلك البقاع مجهولا مغمورا تبحث عن الأمان ولقمة الخبز فتتجاذبك شتى المشاعر ، فالأرض التي احتضنتك وأنت في ذروة حاجتك لا يُمكن نكران فضلها ولكن يبقى الوطن جذوة متقدة في القلب تخزك في كل حين ، وقد تحين ساعة أحد أصدقائك ومن بني جلدك فيحاصرك السؤال بل قد يقضُّ مضجعك ويطاردك ، في أي أرض ستفضل مثواك حينذاك يصعب الجواب وخاصة إذا ما ارتبط أحد أبنائك من أهل تلك الديار وأصبحت جدا لهم . فأي اختيار سيكون مراً .

نغماتُ ترافقنا منذ القرن الماضي أعلن عن حضور متميز في سنوات كنا نأمل فيها بانتشار الديموقراطية وكانت محطة أنظارنا لبنان ذلك البلد الذي تمثلت فيه الديموقراطية من خلال انتخاباته الحرة ومن تنوع أعراقه وعيشهم بدعة واطمئنان ، ذلك البلد الذي كان لا يحلو لمن يهوى السفر الا الرحيل اليه ، وشم عبيره في مصايفه ومشاتيه ، يعود الينا ذلك الصوت الذي رافق أبرز فلم في القرن الماض ( الأبن الضال ) حزينا نادبا رفيق درب ، بل نادبا ذاته وأهله لما حل بذلك البلد من تفرقة وصراع أتى ، وإن لم يُوقف سيأتي على ذلك البلد الجميل ، وتلك الأسطورة التي تدفق التغزل به على لسان شاعرين أحدهما عاش فيه والآخر تمناه ولم يحصل على مراده منه ، أرسل الأستاذ جواد أمين الورد قصيدة للشاعر علي جليل الوردي ( من وحي لبنان ) ومنها هذين البيتين
مباهج لبنان لم تُنسني سُويعات قربكم الغالية
وكيف ، وأنتم معي حللتُ على الشقة النائية
هل فقدت لبنان مباهجها وهي التي تخيلها الشاعر علي جليل بقصيدته (كأني بلبنان ) بأبيات منها :
(جوادٌ ) وللفن آياتهُ وللورد نفحتُهُ الذاكية
ألبنانٌُ أوحت اليك النشيد بديعاً ، أم الغادة الغانية
....
(جوادٌ) ولي خاطرٌ خافقٌ تلوَّعَ من نارِ الآمـيه
صبا للجمال ، ولما رأى فظائع أوضاعنا العاتية
فهل سيزول حزن أهل لبنان وأهل العراق وسيحيون حياة عادلة دون مفخخات وموت هنا وهناك .

( رسالة الشاعر أن يمنح الناس الرؤية ) ايلوار
( لقد تعاملنا مع الزمن ندابين لا عظماء ) ناظم حكمت
موضوعات كثار تختال أمامي سرعان ما تختفي أو يطويها النسيان ،تسخر مني حينا وتبكيني حينا ، كثيرا ما نُلقي تبعات مصائبنا وتخلفنا على الأديان التي انقذت المجتمعات في حينها مما كانت تعانيه من آفاتها ، ولكن الآن مادور هذه المليارات من البشر في تغيير الحياة نحو الأفضل ، في كل زمان ومكان نستعيد قصة هابيل وقابيل لتبرير الجريمة ، ونسمع ونقرأ عن مليارات الدولارات التي تُصرف لإنتاج أسلحة ، والمتاجرة بها ، لتحصدَ آلاف الأرواح التي أزهقها الفقر والمرض والجهل ، فلماذا لا تُوقف آلةُ الحرب منتجاتها وتستبدلها بالمنتجات التي جعلت الناس تنظر بأكثر من عين وتدرك أكثر من حقيقة في آن واحد ، لماذا لا تُنتج حواسيب تسد حاجة الكرة الأرضية وتُغير وجهها الذي ملأته الحروب قيحا . اليوم رأيت فلما على الأنترنيت يعرض حياة الطاغية الذي بني قصورا له ، لم يحلم أي طاغية بها وتلطخ قلبه ويداه بدم الشعب ، الذي استباحه بطغيانه وآلته العسكرية . اليوم وبثورة المعلومات سينتفض التاريخ ليُعلن للناس كل الناس عن غفلته ، كم من طاغية بنى عصره الذهبي على جماجمِ ناسه ، وكم جريمة أخفاها المؤرخون المطبلون بهاليل السلاطين ، فهل سيحذر سلاطين هذا العصر فيرحموا ناسهم وينقذوا ما تبقى من قيم إنسانية قبل أن تفضحهم حواسيب هذا الزمان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ