الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا عاد الزمن العراقي إلى الوراء

نزار حيدر

2003 / 11 / 23
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


  إذا عاد التاريخ إلى الوراء في العراق ، وتقهقرت عقارب الزمن إلى الخلف ـ لا سامح الله ـ ، لدفننا البعثيون أحياء في المقابر الجماعية ، وسحلنا الشيوعيون في الشوارع ، وصنع القوميون من أنوفنا وآذاننا والسنتنا قلائد تهدى للثوار ، ولأفتى الفقهاء ما يذبحون به خصومهم من الوريد إلى الوريد ، ولظل الإسلاميون يمثلون حركات المعارضة لكل الأنظمة المتعاقبة على مر التاريخ الحديث ، يضحون بأرواحهم وأنفسهم وبكل ما يملكون، من دون أن ينجزوا ما يؤهلهم لاستلام السلطة .
ولذلك ، لا نريد أن يعود التاريخ العراقي إلى الوراء ، بل نطمح إلى أن نبني عراقا جديدا قائما على أساس الحرية والمشاركة والمساواة والتعددية ومبدأ التداول السلمي للسلطة ، وحكم الأغلبية عبر صناديق الاقتراع على قاعدة ـ صوت واحد لمواطن واحد ـ ، وسيادة القانون، وصيانة كرامة الإنسان وحقوقه، حتى لا نرى حاكما أوحدا على مر الزمن ، أو معارضة مقموعة على طول الوقت .
لأننا ، وبصراحة،لا نريد من يوزع التهم والافتراءات جزافا ضد كل من يخالفه الرأي .
ولا نريد من ينصب نفسه قاضيا يصدر الأحكام من دون دليل قضائي ، ضد هذا وذاك .
ولا نريد من يقود المسيرات ويهتف ـ اعدم اعدم جيش وشعب وياك ـ .
ولا نريد من يحشد الرعاع ليتظاهروا في الشوارع وهم يصرخون ـ صدام اسمك هز أمريكا ـ .
ولا نريد من يحرض على اعتقال الناس عشوائيا ، كما لا نريد من يحرض على العنف ، فكلاهما يدعوان إلى التطرف والإرهاب ، ويهددان السلم الأهلي .
ولا نريد من لا يرى إلا نفسه ، ولا يسمع إلا صوته ، ولا يلمس إلا إنجازاته .
كما لا نريد أن تتكرر تجارب محكمة المهداوي ومحكمة الثورة وحوادث الموصل وكركوك ، ومآسي الأنفال وحلبجة ، ومجازر كربلاء والنجف والبصرة ، وحفلات الإعدام ، وحملات تنظيف السجون .
ولا نريد مثقفا يستحقر رسالته ويستهتر بدوره ، فيوظف رأيه وقلمه خارج إطار مهامه المقدسة ، فيقترح اعتقال هذا أو سجن ذاك لمجرد انه سمع من يتهمه ، أو قرأ ما يشير إلى تورطه من دون دليل ، وكأن الاعتقال في البلدان الديمقراطية يتم على أساس اقتراح مثقف أو دعوة صحفي أو تهريج كاتب ، وليس الأمر من اختصاص القضاء المستقل والقانون الذي يسري على الجميع .
ولا نريد من يلجأ إلى الفتوى الدينية ويتحصن بزيه ، كلما أعيته سبل الحوار مع الآخر ، أو أسقط في يده ، أو أعدم حجة الحوار بقوة المنطق وبالحكمة والموعظة الحسنة .
ولأننا لا نريد لكل ذلك أن يتكرر في العراق الجديد ، يلزم ؛
 أولا ـ أن نتعامل بحكمة مع الظواهر الجديدة في العراق ، والتي منها ما يسمى بظاهرة السيد مقتدى الصدر ، فلا نصب الزيت على النار ، ولا نتصرف حيالها بتشنج وانفعال وبخلفيات سياسية أكل عليها الدهر وشرب ، ولا نتهم الرجل بما استنكره بنفسه من أعمال خطيرة قام بها محسوبين على تياره ، ولا نحرض عليه ، ولا نقلل من شانه ، أو نستخف بما يمثله ،  ولا نحول تهمة الانتماء للنظام البائد إلى شماعة نعلق عليها تهمنا ضد من نختلف معه أو يخالفنا الرأي والخلفية الثقافية والسياسية .
ثانيا ـ من يرى نفسه قويا بتياره ، يلزمه كذلك أن يتصرف بحكمة ، فلا يتهور ولا يقلل من شأن الآخرين أو يلغي منافسيه ، أو يتجاهل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق ، أو يغتر بما يراه من انقسام الساحة في الموقف منه ، فمهما توسع هذا التيار أو تضخم ذاك الآخر ، إلا انه يبقى أقلية عليه القبض بسبب تحشيد الخصم للجو ضده ، أو يطالب بالالتزام بقانون غير موجود أصلا .
نريد أن يأخذ القانون مجراه ويسري على الجميع بالدليل المادي الملموس ، وليس بالتهم والافتراءات والأجواء والضوضاء وأقاويل الغوغاء أو تحريض ـ المثقفين ـ .
آمل ، أن لا نسمع من يوزع التهم جزافا ، فعند خصومه الكثير مما يدينه ويدين تاريخه ، خاصة أولئك المتورطون بدماء رفاقهم من اجل إرضاء صغيرة بالقياس إلى مجموع رأي الشعب العراقي الذي لم يقل بعد كلمته في القضايا والأمور الاستراتيجية المختلف عليها بين القادة والزعماء ، لأنه وببساطة لم تسنح له الفرصة بعد ليقف أمام صندوق الاقتراع ليقول رأيه بحرية من دون ضغط أو إكراه ، ولذلك لا يحق لأحد أن يصادر رأي الأغلبية المطلقة من الناس فيتحدث باسمها ، ما يعني أن يتحمل الفرقاء بعضهم البعض الآخر حتى يقف المواطن بقامته أمام صندوق الاقتراع ليدلي بصوته الذي لا يعلو فوقه أي صوت آخر .
بكلمة ، نريد عراقا لا يسجن فيه المرء بسبب رأيه أو فكره أو موقفه أو انتمائه ، ولا يعتقل مواطن بمزاج احد أو يعدم بنزوة غضب الحاكم ، أو يلقى السلطان الذي ظلوا يخدمونه ويتسترون على جرائمه حتى الرمق الأخير ، ولم يفكوا ارتباطهم به إلا بعد أن اشرفوا
على الموت واشرف الحاكم على الهلاك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا