الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام العراقي 4- الإعلام والحكومة يمارسان الكذب المباشر

صائب خليل

2007 / 12 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هذه مقالة من ضمن سلسلة عن تشوهات الإعلام العراقي وموضوعنا اليوم هو "الكذب المباشر", وسنتطرق الى امثلة على ممارسته ليس من قبل الصحافة العراقية فقط بل ايضاً بعض الهيئات السياسية العراقية. وقبل البدء بالأمثلة نقول ان الكذب المباشر الكامل نادر نسبياً، حيث يفضل الكذاب ان يعتمد على خبر صحيح حتى ان كان تافهاً ليعطيه قيمة كاذبة وتفاصيل كاذبة تحقق نفس الغرض، وحيث يصعب كشفه ويسهل النجاة من تهمته ان هو اكتشف.
لكن من يمتلك قوة اعلامية كبيرة نسبياً له ان يحاول التحرر من ضرورة نواة الصدق التي يحتاجها الآخرين ليلفوا كذبهم حولها. واهم من ذلك فأن اختفاء وسائل محاسبة الكذب الصحفي تجعل الكذاب اكثر جرأة ووقاحة.
هذه الوقاحة جعلت من الصحفي الكذاب جرئياً لايستثني احداً، حتى القوائم الحزبية القوية. هذه القائمة العراقية تكذب ما ورد في فضائية "الحرة" بأنه نقلاً عن نائب من القائمة العراقية دون ذكر اسمه (!!)، بان وزارة الدفاع العراقية قد رفضت طلب من الدكتور أياد علاوي بتوفير حماية إلى الدكتور ومقره في العراق.
وفي مكان اخر نفى التيار الصدري اخباراً من "مصدر موثوق في وزارة الداخلية" انتشرت في وسائل الإعلام بأن علي موسى دقدوق الذي اعلنت القوات الاميركية مؤخراً عن اعتقاله في البصرة، مسؤول عن تدريب مجموعات خاصة من الميليشيات وتزويدها بالمتفجرات...الخ. وانه اشار الى شخص ايراني يعرف اسمه الأول فقط وان ايران مسؤولة حتى عن التفجيرات التي تحدث في المناطق الشيعية. واخيراً يلوم الخبر القادة الصدريين الذين انكروا الأمر "رغم اعتراف دقوق"، حيث نفى نصار الربيعي وجود أي شكل من إشكال علاقة مابين المدعو الدقدوق والتيار الصدري وقال ان كل محاولات الربط بين التيار الصدري ودقدوق،هي من تأليف مخيلة الاميركان.
ليست الكتل المفردة وحدها في ساحة الصراع في تكذيب الأخبار المتكاثرة عنها فقبل اسبوع سمعنا رئيس مجلس النواب يصرخ مغتاضاً من فضائية العراقية التي بثت خبراً مفاده ان مجلس النواب اقر بناء حاجز حول الروضة الكاظمية الشريفة، وتساءل المشهداني امام مجلس النواب عن اساس الخبر وطلب تشكيل لجنة لمحاسبة القناة.
وهناك خبر ظريف من "مصدر" في شرطة ديالى يتهم "وكالة انباء محلية" بإشاعة الفوضى من خلال اخبار ارهاب كاذبة, و"مصدر امني في الخالص" قال ان الانباء التي اشارت الى خطف عدد من المدنيين لم يتم التاكد منها". هنا لدينا "مصدر مجهول" يتهم وكالة انباء مجهولة بعدم التأكد من الأخبار ومصادرها!! في سلسلة المقالات حاولنا التنبيه الى هذا الهرج الإعلامي الخطير الذي يهدد بإغراق المواطن في بحر اخبار لا احد مسؤول عنها.

ورغم ان الأخبار الكاذبة تنسب عادة الى مصدر مجهول الأ اننا بيننا سابقاً ان صحفاً مهمة تشارك عملية الخداع مثل الزمان والشرق الأوسط والحياة. وهاهو سمير الشويلي المتحدث الرسمي بأسم هيئة النزاهة ينفي ما تناقلته الحياة وغيرها كثير، عن قصة شهادات مزورة لمستشارين كبار في الحكومة وقال ان هذا الخبر عار عن الصحة ولم يتم التصريح به من رئاسة الهيئة انما يراد به عرقلة عمل الهيئة. وان هذه كانت المرة الثالثة التي تستهدف صحيفة الحياة اللندنية بها الهيئة بأخبار بعيدة عن الحقيقة والواقعية. هذا إذن ما كان من "الحياة" ومن قصة الشهادات المزورة!

لو كتبت عزيزي القارئ كلمتي "انسولين" و "ايراني"(بدون علامات اقتباس) على موقع بحث كوكل لحصلت على اكثر من مئة الف مقالة منشورة عن الموضوع.
ولو قلبت مجموعة منها لوجدت ان اكثرها تشير الى مصادر غير محددة مثل "مصادر اعلامية عراقية"، مثلما قالت الملف نت (27 تموز 2007 ) التي اضافت انه ينتشر في العديد من المدن العراقية، وان "الأنباء" نقلت عن صيدلاني اعطي اسمه على انه "احمد عبد الله" قائلاً ان "الإختبارات المخبرية" اثبتت تلوث الأنسولين بفيروس الإيدز، ليضيف نصيحته بـ "تجنب اي منتج ايراني". بعد ذلك تكمل "الملف نت" خبرها بالإشارة الى الفساد الصحي الذي تسبب به الصدريون وان ايران متهمة بأنها "تقف وراء انتشار المخدرات" الخ.
ربما يمكن تلافي خدعة خبر "الملف نت" من خلال ملاحظة هشاشة المصادر او من معرفة القارئ لسمعة "الملف نت" السيئة من خلال مقالاتنا السابقة مثلاً, لكن الأمر ذهب ابعد من ذلك في بعض المواقع الإلكترونية حتى تلك المعروفة مثل الموقع الصيني الإعلامي (xinhuanet.com) الذي قال ان العقيد جاسم حسين محمد مدير مركز الامن الوطني في محافظة صلاح الدين لمراسل وكالة انباء الصين الجديدة /شينخوا/ "ان مقر الوزارة ببغداد ابلغ مراكز الامن الوطني في المحافظات ومنها صلاح الدين رسميا بوجود الانسولين الملوث بالايدز". وان عدداً من الصيادلة قد اشتكى من ذلك التلوث واشار الى مواد عديدة مستوردة من ايران تم اتلافها في البصرة ونينوى.
موقع "صوت العراق" (iraqsound.com) يكتب "وزارة الأمن الوطني العراقي ( هذه المرّة ) تحّذر من أنسولين ملوث بالآيدز إيراني ا " و "(هذه المرة)" العبارة بين قوسين ليست من عندي انما هي جزء من العنوان وتشير الى ان للخبر مصادر عديدة اخرى. يكمل الخبر عن " العقيد جاسم حسين محمد مدير مركز الأمن الوطني في تكريت" بنفس الطريقة مشيرا الى ان هذا الأنسولين دخل من شمال العراق.
الخبر يبدو موثقاً بمصادر محددة, وليس فيه ما يدعو للشك سوى نقطتان: الأولى لماذا يصدر عن مركز الأمن الوطني في صلاح الدين، وليس من بغداد مباشرة؟ والثانية هو لماذا يبقى هذا العقيد المصدر الوحيد للخبر خاصة بعد انتشاره بفترة؟ الأ يفترض ان الصحفيين قد سارعوا لسؤال مصادر اخرى واستفسروا عن الموضوع وإن كان تحقيقاً قد بدأ عنه وعن ضحاياه مثلاً؟ وقبل ان اقتنع بقليل ان الخبر لا بد ان يكون صحيحاً, وقعت على خبر واحد معاكس بين هذا السيل من الأخبار نشرته جريدة المؤتمر في 14 آب 2007 يقول : " الصحة تنفي وجود انسولين ملوث بالايدز في العراق" ولدهشتنا يكشف الخبر " عدم امكانية تعايش الايدز في الانسولين المستخلص من بنكرياس حيواني" ليستمر "داعيا الجهات التي اصدرت مثل هذه التقارير الى توخي الحذر والموضوعية والدقة في نشر الاخبار التي تثير الفزع والارباك بين المواطنين لكونها لا تمت للحقيقة بصلة."
وليس لنا سوى ان نقول ان من إختلق الخبر لايهتم بأن يكون له بالحقيقة صلة، وانه بلا شك يتقصد " نشر الاخبار التي تثير الفزع والارباك بين المواطنين"!
من المثير للإهتمام ان بحثاً قمت به لساعات على الإنترنيت بشكل عام وعلى الاف العناوين الصحفية في موقع الرئاسة العراقية بالذات لم يكشف اي مصدر نشر تكذيب الخبر في اية صحيفة او وسيلة اعلامية اخرى عدا "صحيفة المؤتمر"، وهذا يعطينا صورة عن مدى انتشار الكذبة ومدى انتشار الصدق الذي يكشفها في الإعلام العراقي، وهي بلا شك صورة مرعبة، خاصة في مثل هذه الكذبة الصريحة وفي مثل هذا الموضوع "المثير للفزع" والمحمل سياسياً بلا شك!

محمود العراقي يكتب في صوت العراق (18 تموز الماضي) انه انتبه الى خبر من الـ بي بي سي العربي يشير الى "العثور على مئات الجثث في نهر دجلة" ليكتشف بعد البحث ان الحقيقة التي حورت لتصبح مفزعة هي انه يقدر ان دجلة قد حمل مئات الجثث خلال سنتين!!
يستمر محمود بعد ذلك ناقلاً اخباراً ملفقة نشرت في موسوعة "ويكيبيديا" عن جيش المهدي.

تحت عنوان "لماذا يكذب الأمريكان"، ينبه سعد البغدادي الى نشر "الواشنطن بوست" خبراً في تموز عن تدخل كتيبة امريكية في مناطق العامل والبياع والجهاد والذي انقذ السنة من "الإبادة" على يد جيش المهدي! يستمر المقال كاشفاً اكاذيب عديدة وداعياً الناس لزيارة المناطق لكشف الحقيقة لأن تلك المناطق "ليست في المريخ".

لكن قصة الكذب المباشر الأكثر شهرة بلا منازع هي قصة ضياء الكواز الذي ادعى ان عائلته ابيدت على يد ارهابيين واقام لهم عزاء فاتحة حضرته شخصيات معروفة، بل ذهبت به الوقاحة الى ادعاء ان مسؤولاً حكومياً محدداً ( اللواء عبد الكريم خلف من الداخلية) هدده ان هو تكلم للناس عن اغتيال عائلته، ليتبين ان عائلته سليمة تماماً وقد تبرأت منه بسبب ما فعل!
اللواء عبد الكريم فسر الأمر ان الكواز باحث عن الشهرة لكني ارى ان المسألة كلها قد تكون محاولة لإلهاء الناس عن موضوع اخر مثل اعلان مبادئ الإتفاق الأمريكي العراقي الذي صادف نفس الفترة.

كذب السياسيين

ليس الكذب المباشر مقصوراً على وسائل الإعلام بل يمارسه السياسيون ايضاً, وسأشير باختصار هنا الى بضعة امثلة عليها:

قبل فترة دعا البعض الى ادخال "التصويت السري الإلكتروني" الى البرلمان وادعى ان هذه الممارسة معروفة في العالم وانها ستجعلنا نلحق بالدول المتحضرة في الموضوع، وهذا يرقى الى الكذب المباشر لأنه لاعلاقة له بالتحضر اولاً, ولأنه لايستخدم في الدول التي تستخدمه إلا في الأمور عديمة الأهمية نسبياً ووفق محددات عديدة بينما المقصود منه في الدستور العراقي استخدامه في الأمور الهامة "لحماية البرلمانيين من تأثير كتلهم" وهو سبب يكشف زيفه، ان الموضوع كله كذبة لها اهداف اخرى.

كذلك يكذب الهاشمي كذباً مباشرا حين يدعي ان اعدام المتهمين بالإنفال غير دستوري وان الدستور يحتم موافقة الرئيس وقد وضح ذلك العديد من الكتاب ولعل خيرهم كان مجاهد العبد الله, ورغم ذلك فأن الهاشمس مصر على كذبته.

كذلك كذبت الحكومة الكردستانية بالإدعاء بان الدستور يسمح لها ببيع النفط دون اعلام واستشارة البرلمان الإتحادي. وكذب بايدن حين ادعى ان مشروعه ليس تقسيماً طائفياً وان من حقه ان يبدي وجهة نظره.

في كل هذه الحالات: الهاشمي وحكومة كردستان وبايدن والتصويت السري، قد لايطمح الكاذبون إلى اقناع المقابل وربما لا احد من الناس, لكنهم يطمحون انه في اسوأ الإحتمالات سيتمكنون من خلط الأمور بحيث تبدو كـ "خلاف" وليس كذباً صريحاً, وحتى ان تم حل هذا الـ "خلاف" في غير ما يقولوه فانهم يستطيعون تحقيق بعض المكاسب، مثل الإتفاق على مناصفة الخطأ او جزء منه.

لعل اخطر الكذب السياسي كان ما كشفه جابر الزيادي حين بين ان القوات العراقية دهمت منزله وجردته من اسلحة الحماية التي زودته بها وزارة الدفاع واستدعت القوات الاميركية والصحافيين والمصورين لتصوير اسلحة الحماية الحكومية هذه حيث تم عرضها على القنوات التلفزيونية على انها "تستخدم في عمليات خرق للقانون" !!.


الأخبار في الإعلام العراقي: -المصدر الموثوق- لايستحق الثقة ولكنه مفيد!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=116364

الإعلام العراقي2 – امثلة من الإيحاء المغالط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=117583

إعلام العراق مغرق باخبار -المصدر المجهول-
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=118518








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله