الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياب في ذكراه ال 43

هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)

2007 / 12 / 25
الادب والفن


ضوءْ الاصيل يغيم ، كالحلم الكئيب , على القبور
وآهٍ , كما أبتسم اليتامى ، أو كما بهتتْ شموعْ
في غيهب الذكرى يٌهومَّ ظلٌّهنَّ على دموعْ
والمدرجٌ النائي تهبّ عليه أسراب الطيورِ ،
كالعاصفات السود ، كالأشباح في بيت قديمْ
برزت لترعبْ ساكنيه
من غرفةٍ ظلماءَ فيه . . .

هذه الأبيات من المقاطع الاولى لقصيدة السياب ( حفار القبور ) ضمن مجموعته الخالدة أنشودة المطر ، تذكرتها حيث الضباب والثلج يخيمان على العاصمة النرويجية اوسلو ، في هذه الايام القارصة من شدة البرد . وما ان أكملت قراءة القصيدة وقبيل أن أنتهي منها أحسست بانني أتجول في كورنيش البصرة وقريباً من تمثال السياب ، لا في سواحل أوسلو الباردة ، شعور غريب أدخلني في سعادة غامرة ، ولكن للحظات . فاليكن ذلك وما أجمله .

أن هذه الأيام التي تمّر علينا هي ذكرى وفاة شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب والتي تصادف يوم 24 / ديسمبر ولسوف تمّر الذكرى الثالثة والأربعين لرحيل السياب بعد رحلة حياة مريرة أتسمت بالكفاح والعطاء الأدبي ووضعته في طليعة رواد حركة الشعر العربي الحر . حيث يعد السياب من أوائل الشعراء العرب الذين جددوا في الشعر العربي وأغنوا القصيدة العربية الحديثة ، مع نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدر والبريكان وآخرين . وقد مثلت حياته الغنية بالألم والعوز والغربة والفراق قمة المعاناة والمأساة الدرامية . . وقد عبر عنها الناقد الراحل جبرا ابراهيم جبرا بقوله " لقد كان في حياة السياب من الدراما شيء كثير . . . صباه في جيكور . . فقره . . سياساته . . اعتقالاته . . خيباته . . عذابه الابوي الاخير " . .
وقد كانت قصائده كلها تؤخذ كمأساة درامية متكاملة . تنمو وتتصاعد نحو ذروة من ذرى التجربة الأنسانية الرامزة الى الحياة البشرية في ربع قرن من الزمان مفعم بالأحداث والمتفجرات . . لقد أكد السياب على أن حركة الشعر الحر أكثر من مجرد اصطلاح عروض ، وكتب في عام 1954 قائلاً : " أن الشعر الحر على أختلاف عدد التفعيلات المتشابهه بين بيت شعري وآخر . . أنه بناء فني جديد . . وأتجاه واقعي جديد جاء ليسحق الميوعة الرومانتيكية . . وأدب الأبراج العاجية . . وجمود الكلاسيكية .

وقد كان السياب في مقدمة الشعراء العرب الذين خاضوا غمار مغامرة تجاوز نظام الأوزان والقافية الواحدة في الشعر العربي الذي تحرر من قيود القافية والوزن .

ولد الشاعر بدر شاكر السياب عام 1926 في قرية صغيرة من قرى البصرة هي قرية "جيكور" التي تعد أشهر قرية في الادب العربي الحديث ، فقد تغنى بها الشاعر وبجدولها الصغير "بويب" المتفرع من شط العرب ، ووصفها بأنها جنة ذات "نخيل" وهو الأبن الاول لعائلة تمتلك أراضي مزروعة بالنخيل وتحيا حياة لائقة . .

كانت طفولته سعيدة في دار جده والتي تقع على جدول " بويب " وكان يحب مراقبة السفن والمراكب وهي تصعد الى البصرة أو تنحدر الى الخليج العربي ، وقد تركت حكايات جدته إنطباعات عميقة الأثر في شعره . .
أتم الشاعر دراسته الابتدائية في المدرسة المحمودية في "أبو الخصيب" وعرفت شناشيلها ذات النوافذ الزجاجية الملونة والمزينة بالخشب المحفور بالزخارف العربية ، كما أنهى دراسته الثانوية في مدرسة البصرة وكان من الطلاب المتفوقين وتعد قصيدته "على الشاطيء" من أقدم قصائده المخطوطة التي عبر فيها عن أساه العميق لضياع الاحلام في قصة حب مطوية !

التحق السياب بدار المعلمين العالية في بغداد ودرس اللغة الانكليزية وبدأ نبوغه يظهر في بغداد . وقد تأثر السياب بالأدب الأوربي وكان بودلير اول شاعر غربي يتعرف على شعره من خلال ديوانه " أزهار الشر " كما كان الشعراء الرومانسيون الانكليز من مصادر إلهامه .

وبعد تخرجه عمل في دوائر الدولة لكنه كان يجابه بالفصل والأعتقال بسبب مواقفه الوطنية ، ثم لاحقته لعنة المرض حيث بقي أواخر حياته يتنقل من مشفى الى آخر حتى اختطفه الموت في 24/12/1964 . ورغم أن حياته لم تمتد طويلاً الا أنه ترك وراءه ثروة شعرية أحدثت انعطافاً كبيراً في مسار القصيدة العربية وتمثلت في الدواوين والاثار الادبية التالية :

1-ازهار ذابلة
2-أساطير
3-انشودة المطر
4-المعبد الغريق
5-شناشيل ابنة الجلبي
6-منزل الاقنان
7-اقبال
8-قيثرة الريح
9-اعاصير
10-البواكير

لقد لاقى أدب السياب أهتماماً كبيراً من قبل النقاد في الوطن العربي والعالم وترجمت قصائده الى مختلف اللغات الاجنبية ، وقدمت على الدراسات النقدية الكثيرة وأدرجت قصائده في المناهج التعليمية ونال عدد من الباحثين شهادات عليا لرسائل كتبت عن حياته وقصائده .

فتحية الى مجدد القصيدة العربية الاول مع نازك والبياتي والبريكان وسعدي يوسف ، وسنبقى في كل عام من هذه الأعوام الصعبة التي يمّر بها شعبنا العراقي المكابر الصابر على الظلم والارهاب ، نمجد أدبائنا وفنانينا ورموزنا العراقية الكبيرة ولن ننساها مهما تعاظمت صروح الزمن ومحنه علينا . . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??