الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الارض هذا العام: هروب من التحدي

ميخال شفارتس

2002 / 4 / 20
القضية الفلسطينية




ان دور القيادة في هذا اليوم النضالي هو تنظيم الاجتماعات الجماهيرية في المراكز السياسية المهمة وراء برنامج مطلبي وسياسي، واستخلاص العبر من السنوات الثماني الاخيرة التي ميزها التعاون مع حزب العمل والانجرار وراء اوهام اوسلو. من هنا فلا يبدو احتفاء هذه القيادة بيوم الارض اكثر من اسقاط واجب، ليس الا.



ميخال شفارتس



قرار لجنة المتابعة تنظيم الاجتماع الرئيسي ليوم الارض في قرية غير معترف بها في النقب، في الوقت الذي تشن فيه اسرائيل اشرس هجوم على الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة لفرض شروطها التي تديم الاحتلال والتبعية، وفي حين تواصل الولايات المتحدة مؤامراتها ضد الشعب الفلسطيني والعراقي، وفي ظل تدهور معيشة الجماهير العربية داخل اسرائيل، يُظهر بوضوح ان القيادات العربية تتجنب مواجهة هذه القضايا المصيرية وتهرب الى الهوامش، الامر الذي ينافي تماما روح يوم الارض النضالي.



اندلعت احداث يوم الارض قبل 22 عام في 30 آذار 1976 حين اعلنت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي الاسرائيلي الاضراب العام، احتجاجا على سياسة تهويد الجليل ومصادرات الاراضي. وردا على ذلك دخلت قوات الجيش الى القرى العربية واطلقت النار على المظاهرات السلمية وصرعت ستة شباب وشابة. كانت تلك الاحداث مثابة هزة سياسية زعزعت الشعب الفلسطيني ومؤسسات دولة اسرائيل، ورفعت مستوى النضال السياسي للجماهير العربية داخل اسرائيل الى مستوى جديد.

في تلك الفترة كان الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة وداخل اسرائيل في اوج نهضة وطنية وديموقراطية، وتحت تأثير قوي من الحزب الشيوعي والاتحاد السوفييتي، مما اكسب النضال صفة تقدمية. وكانت الشعارات الرئيسية للجبهة "دولتان لشعبين" و"الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية"، والنضال من اجل الاستقلال الوطني والارض والحقوق، موجهة ضد اسرائيل الصهيونية وضد الاستعمار الامريكي في نفس الوقت، وكانت جزءا من حملة التضامن الاممي مع شعوب العالم المضطهدة.



في السنوات الاولى التي خلدت ذكرى يوم الارض، كانت الجماهير تخرج عن بكرة ابيها الى المظاهرات الحاشدة ولم يتراجع الشباب امام ملاحقات الشرطة. وكانت القيادات العربية ترفض افساح المجال لاية شخصية من الاحزاب الصهيونية للتكلم من على المنصة. وتحت هذا الضغط الجماهيري، اضطرت اسرائيل لتجميد مصادرات الاراضي في الجليل، كما اعادت جزءا بسيطا من الاراضي المغلقة عسكريا المعروفة بارض المل.

وبعد زيارة الرئيس المصري انور السادات الى اسرائيل والتوقيع على اتفاقيات كامب ديفيد الاستسلامية، وقف الحزب الشيوعي والجبهة ضد هذا السلام المزيف الذي باع مصالح الشعب الفلسطيني مقابل رمال سيناء. كما اصبح الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 ومجزرة صبرا وشتيلا التي تلته، مواضيع رئيسية في خطابات يوم الارض التي هدفت لتسييس الجماهير العربية.



في تلك الايام ساد اجماع في الوسط العربي بان النضال من اجل السلام العادل ممكن فقط على اساس الانسحاب الاسرائيلي الكامل من المناطق المحتلة، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وازالة المستوطنات. في هذا الاطار صاغ العرب داخل اسرائيل مطالبهم المعارضة لمخططات التهويد وممارسات الدولة العنصرية.



ولكن هذه الايام ولّت، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمباشرة بسلام اوسلو وزوال منظمة التحرير الفلسطينية وتبديلها بالسلطة، انجرت الاحزاب العربية كلها وراء امريكا وسلامها المزيف، الذي لا يضمن الانسحاب الاسرائيلي الكامل من المناطق المحتلة ولا ازالة المستوطنات، بل يضمن سلامة المستوطنات ويفرغ الدولة الفلسطينية من اي سيادة ومضمون. واصبح الائتلاف نصف الرسمي بين الاحزاب العربية وحزب العمل واحزاب صهيونية اخرى، امرا مشروعا، واصبحت عناصر حزب العمل القوة المؤثرة في لجنة المتابعة، وفرغت القيادة الفلسطينية والعربية داخل اسرائيل من اي مضمون وطني حقيقي او تقدمي.

حين رأت المؤسسة الصهيونية ضعف هذه القيادات، جددت هجومها على الجماهير العربية داخل اسرائيل، وفتحت حربا همجية ضد الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة، واهملت العرب داخل اسرائيل. وازاء هذه الهجمات بقيت القيادة العربية دون اي رسالة للجماهير المحبطة التي فقدت طريقها بعد فشل بديل الارتكان على حزب العمل. وبعد ان انفجرت الجماهير العربية في انتفاضة اكتوبر 2000، عادت الى بيوتها مغلوبة على امرها بعد استشهاد 13 شابا، دون احراز اي نتيجة.



صحيح ان رش المبيدات على 3000 دونم من الحنطة والشعير التابعة لسكان قرية العراقيب غير المعترف بها في النقب، هو جريمة بشعة هي استكمال لمخططات الدولة للسيطرة على اراضيهم وطردهم منها وتركيزهم في جيتوات. ولكن النضال لانقاذ الارض يفقد قيمته اذا لم يرافقه نضال من اجل المجتمع البشري الذي يعيش فوق هذه الارض ومن اجل حل القضايا المركزية التي يعاني منها المجتمع ككل، ومنها:

خطر انهيار 26 سلطة محلية عربية؛ والمخططات الحكومية لعام 2020 التي تحكم الخناق على المدن العربية؛ ومشكلة البطالة التي تعاني منها التجمعات العربية، وتحتل 21 سلطة محلية عربية اعلى قائمة البطالة في البلاد؛ وبلوغ نسبة الوفيات لدى الاطفال العرب اربعة اضعاف نسبتهم في الوسط اليهودي، وتفوق نسبة الشباب العرب المدمنين على المخدرات على المجتمع اليهودي.



ان دور القيادة في هذا اليوم النضالي هو تنظيم الاجتماعات الجماهيرية في المراكز السياسية المهمة وراء برنامج مطلبي وسياسي، واستخلاص العبر من السنوات الثماني الاخيرة التي ميزها التعاون مع حزب العمل والانجرار وراء اوهام اوسلو. ولكن اختيار احياء ذكرى يوم الارض في قرية منسية لا يشير الى ان هذه القيادة استوعبت، او راجعت، دروس الماضي، من هنا فلا يبدو احتفاؤها بيوم الارض اكثر من اسقاط واجب، ليس الا.


الصبار 151 نيسان 2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24