الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرف الشرقي وحادثة الافك.

مالوم ابو رغيف

2007 / 12 / 25
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


لعل اول قضايا الشرف التي اثيرت بالاسلام هي قضية عائشة زوجة محمد بن عبد الله. لقد كان الحدث فريد من نوعه، ليس لأن المجتمع العربي انذاك لم يعرف الخيانات الزوجية، فلم يكن هذا المصطلح معروفا انذاك، كان الزنا هو التعبير الشائع عن كل علاقة خارج اطار العرف القبلي.لكن لان الدين الجديد الذي اتى به محمد وضع الانبياء في ورطة كبيرة جدا، فالله في قرآنه يقول بان الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين، ولا يوجد خبثا مثل خبث العلاقات الزوجية غير المحترمة، لذا في المحصلة الاخيرة لا يمكن لعائشة الا ان تكون طاهرة.
حسب النظرة الفحولية، والدين الذكوري، الرجل معفي من الاخلاص، علاقاته الغرامية بطولات تحسب له لا عليه، يتندربها ويفتخر بروايتها لاصدقائه ولربما لأبنائه ايضا، وكأن مغامراته ونزواته وقصصه الغرامية عن نساء في المريخ وليس عن نساء جيرانه، نساء محلته، قبيلته او اقرابه اللواتي يأخذ عليهن عدم الاخلاص ويتهمهن بابشع الاتهامات ان حدث و دق الحب باب القلب وداعب احلامهن وخيالاتهن، لقد وهبتهن الطبيعة الحب والعاطفة والحنان، فلا يوجد محراب تنهمر فيه دموع الرجل بكل صدق وخضوع غير حضن امراة.
الصدمة هزمت محمدأ، اذ فجاْة، يصبح النبي فردا عاديا، تاكله الالسن، تسلب منه النبوة يتجرد من عصمة اختياره ويتساوى مع بقية الناس في الزلل، اصبحت سيرته وسيرة زوجته عائشة على كل لسان، اكان في يثرب او في مكة، لم يكن السبب هو الزنا لذاته، فالعرب في ذلك الوقت لم تعط لهذا الموضوع اهتماما ولا اعتبارا. ولم ينقل لنا الشعر العربي وهو ديوان العرب، شعرا عن الخيانات الزوجية او حوادث عن القتل بدافع الشرف والذود عن العرض، على العكس من هذا نقل لنا شعرا غزليا خلاعيا استخدمت فيه التعابير الجنسية المباشرة التي لا يمكن لشاعر عربي معاصر استخدامها متغزلا بزوجة رئيس جمهورية او زوجة ملك او زوجة مدير عام حتى دون المغامرة برأسة، مثل قصيدة النابغة التي انشدها متغزلا بالمتجردة زوجة النعمان

سقط النصيف ولم ترد اسقاطه...فتناولته واتقتنا باليد
ثم يكمل في وصف فاضح لزوجة ملك
فاذا لمست لمست اسود جاثما........متحيزا بمكانه ملأ اليد
واذا طعنت طعنت في مستهدف...رابي المجسة بالعبير مقرمد
واذا نزعت نزعت عن مستحصف..نزع الحشور بالرشاء المحصد
واذا يعض تشده اعضاؤه..عض الكبير من الرجال الادرد
السبب الذي جلجل النبي محمد وازعجه، هو اهتزاز المكانة، مكانة النبوة، وليس الشعور بالمهانة.
لم يتعامل محمد بحكمة نبيوة جديدة خارج اطار العرف القبلي في ذلك الوقت، لم يخرج خنجرا ليغرزه في قلب عائشة، لم يمتشط سيفه ليهجم على صفوان بن المعطل الشاب الجميل المتهم بالزنا بعائشة، فلم يكن في ذلك الوقت ان يكون القتل هو القيمة التي تعيد لمعادلة الشرف توازنها
محمد بن عبد الله النبي، لم يصدق عائشة، لو صدقها لما سرحها الى اهلها وانتظر هو وربه مدة شهر حتى يحين موعد الطمث، ليعلن الله والطمث برائتها، ليس امام الناس فقط، بل امام نفسه، فالشك يفسر لصالح المتهم، والاسلام يقول ادرؤوا الحدود بالشبهات.
ليس موقف محمد فقط بل موقف عائلة عائشة الذي يشير الا ان الانتقام لم يكن عرفا سائدا عندما تتصدع العلاقات الزوجة او تخدش السمعة، فلم يقتلها اخوها ولا ابوها ولا اعمامها ولا اخوالها، بل صمتا رغم الضجيج المثار، ليس بما يخص الحادثة، بل ما يخص النبوة نفسها.
ان كانت عائشة تجهل القصة كما ادعت، فان الجميع كان يعرف، كل اهلها، كل قريش، كل سكان يثرب، لكن العاقبة لم تتعدى حدود الغمز و اللمز.
هذه الحادثة لم تترك محمد من دون تغيير، دون اثر عميق دون جرح مؤلم جعلته يضع نظاما اخلاقيا صارما ليواجه به احتمالات تكررها.
فكان الحجاب..وكان الجلوس في البيوت، وكان الخروج مرتبطا باذن الزوج، وكان ما اجتمع رجل بامراة الا وكان الشيطان ثالثهما، و كان كل شئ في المراة عورة صوتها وشعرها واصابعها ومشيتها وزينتها، وكان المراة مثل الحقل يحرثها الرجل انى شاء، وانتقص من عقلها ودينها، تشار وتخالف، لعن الله قوم اولوها شؤونهم.
الاسلام اسس عرفا جديدا، عرفا ينتقص من المراة ويحط من قدرها ويعاملها معاملة المشكوك بهم، عرفا اخلاقيا صارما يعطي للشرف معنى اخر غير معنى الفخر القبلي والانتساب العشائري والتفاخر البطولي والحفاظ على مناعة وقوة العشيرة. اصبح الشرف بين فخذي امراة.
الاعراف تتطور وتنتج انظمة خاصة بها، فان كان الاسلام وضع المراة في دائرة الشك، واصبح غشاء البكارة حجابا للشرف الرفيع، والدماء في عملية الفض مقدسة السيولة و اللزوجة، تجعل الزوج والاب والاخ يطيرون تبهايا امام بقية الذكور، الام تخرج للناس مزغردة فرحة وطربة مزهوة وهي تحمل خرقة بيضاء قد احمرت من دماء الشرف المقدسة معلنة طهارة ابنتها من كل دنس.
الفعل العكسي لانتهاك الشرف المتجسد ما بين فخذي امراة ليس الا تعبيرا عن ردة فعل للدفاع عن الملكية الخاصة، فالمراة في الدين الاسلامي ملكية خاصة، للعائلة في البداية تتحكم بها وبعواطفها وتطلعاتها واختياراتها بما فيها اختيار زوجها، ثم اعطاء المفتاح الى الزوج الذي يكون حر التصرف بالحقل غير المحروث سابقا.
ليس من الصعوبة تغيير هذا النظام الاخلاقي الخاطئ، الذي يصر على ان الشرف ليس الا الصيانة والحفاظ على الفروج، ويغض النظر عن اشياء كثيرة جدا.
الشرف ارفع من ان يكون مرتبط بالغريزة الجنسية، بعضو تناسلي، برغبة او نزوة.الشرف مرتبط بالمحافظة على انسانية الانسان، بنبله ودفاعه عن حقوق اخته وابنته وزوجته، عن حقوق النساء جميعا، عن مساواتهن بالاجور وبالعمل ومنحهن فرص للعمل والقيادة، الكف عن النظرة الجنسية الغريزية للمراة، عن كونها ليس الا موضوعا جنسيا. كيف تستطيع المراة اختيار زوجها المناسب وهي حبيسة البيت، كيف لا تقع في المحذور وهي عديمة المعرفة جاهلة باخلاقيات المجتمع. فاما عنوسة تضطرها الى زواج مسيار او زواج متعة، او تكسر هذا النظام الاخلاقي وتغامر برقبتها.
اذا تغيرالنظام الاخلاقي وتغيرت طرق التعامل الاجتماعي ، تذت تغيرت المناهج الدراسية التي تتغنى بالرجال كقادة وابطال وعباقرة وروساء، لكن عندما ياتي الدور على المراة لا نسمع الا شعرا عن النهود والافخاذ والعيون والخدود...فان ذلك يعني بناء نظام اجتماعي اخلاقي جديد يحافظ على القديم الجيد ويرمي بالعتيق الى سلة المهملات التي سوف نخجل منها ان قيل انها كانت مركز العلاقات في مجتمعاتنا.
ان المطلوب هو تغير النظام الاخلاقي الاسلامي ورميه بعيدا عن القوانين والدساتير، بعيدا عن المدرسة، بعيدا عن العمل، بعيدا عن الممارسة.. انذاك نتخلص من كل هذه الجرائم المسلطة على المراة والتي لا يعاقب مرتكبها الا بستة اشهر فقط لانه يدافع عن شرفه الموجود بين فخذي امراة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. الملك يطلب فتوى من المجلس العلمي حول تعديلات مدونة


.. احتجاج لسيدات برازيليات أمام الكونغرس ضد مشروع قانون يقيّد ح




.. الدكتور دلندة الشلي أخصائية بأمراض النساء والتوليد والرضع


.. الدكتورة سميرة كربول أخصائية في أمراض النساء




.. إحالة طارق رمضان حفيد مؤسس تنظيم الإخوان للمحاكمة فى دعاوى ا