الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق على هامش القمة العربية

اسماء اغبارية زحالقة

2002 / 4 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق





رغم التصريحات العلنية للدول العربية التي عارضت بشدة اي هجوم على العراق، الا انها فهمت جيدا ما حمله اليها الرسول تشيني من رئيسه بوش. تشيني لم يصل الى المنطقة لكي يفشل. الدليل: القمة العربية ستركز في المبادرة السعودية، اما الملف العراقي الكويتي فسيتحول الى موضوع ثانوي رغم التهديدات الخطيرة بالهجوم الامريكي عليه.



اسماء اغبارية



تآكل نظام العقوبات المفروض على العراق منذ عشر سنوات، يتزامن اليوم مع تآكل في الهيبة الامريكية في العالم وتراجع معنوي في قوة ردعها تحديدا بعد الهجمات الارهابية في 11 ايلول. آخر ما كانت تريده امريكا ان تسمح للعراق باستغلال الثغرة لازالة الحصار واستعادة دوره في العالم العربي ليسجل بذلك هزيمة اخرى للامريكيين، ويعيق تحقيق المراد الامريكي من الحصار، وهو اسقاط النظام العراقي واستبداله بنظام اكثر ولاء.

للحيلولة دون هذا التغيير شيّع بوش نائبه ريتشارد تشيني للدول العربية في محاولة لحشد دعمها للسياسة الامريكية ضد العراق. واطلق بوش في نفس الوقت تهديدات باحتمال استخدام الاسلحة النووية ضد العراق للتوضيح بانه لا ينوي المساومة في السماح له بالانفلات من الحصار.

لا شك ان القمة العربية في آذار حددت لامريكا جدول عمل مكثف، زيارة تشيني للمنطقة جاءت لتحدد سقف القمة وتمنع خروج العراق من عزلته. امريكا التي منعت منذ حرب الخليج عقد قمم عربية، واستبدلتها بالقمم الاقتصادية المشتركة بين العرب واسرائيل، تجد نفسها تحديدا بعد انفجار الانتفاضة في ظروف عربية جديدة تضطر فيها الانظمة لاعادة عقد قممها في محاولة لاحتواء الرأي العام العربي. وتلاقي الانظمة صعوبة في اقناع شعوبها بدعم امريكا ضد العراق بحجة انه لا يزال يهدد جيرانه ويمكن ان يعتدي عليهم مستقبلا، طالما ان امريكا تسكت عن جرائم الحكومة الاسرائيلية ضد الفلسطينيين.

التدخل الامريكي في النزاع الفلسطيني من خلال زيارة زيني، وتصريحات بوش التي اعتبرت قاسية ضد سياسة شارون التي "لا تساعد في حل النزاع" كما قال في مؤتمره الصحافي يوم 13/3، واخيرا قرار مجلس الامن الاعتراف بقيام دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل، اعتبرتها افتتاحية "الحياة" (15/3) رشوة لدفع العرب على اتخاذ موقف ضد العراق.

ولكن تبين انه رغم التصريحات العلنية للدول العربية التي عارضت بشدة اي هجوم على العراق، واعتباره كما قال ولي العهد السعودي الامير عبد الله، "انه لن يخدم المصالح الامريكية، ولن يحقق النتيجة المطلوبة"، الا انها فهمت جيدا ما حمله اليها الرسول تشيني من رئيسه بوش. تشيني لم يصل الى المنطقة لكي يفشل.

نجاح تشيني يتضح فيما نقلته صحيفة "الحياة" (25/3) من ان القمة العربية المنعقدة في آذار، ستركز في الموضوع الفلسطيني وفي بحث المبادرة السعودية، اما الملف العراقي الكويتي فسيتحول الى موضوع ثانوي رغم التهديدات الخطيرة بالهجوم الامريكي عليه. واشار كاتب المقال وحيد عبد المجيد الى انه في قمة عمان في آذار 2001 احتل الموضوع العراقي "مساحة تساوت مع الحيز الذي اخذته الانتفاضة الفلسطينية، ان لم يزد بنقطة او نقطتين"، وكانت القضية على وشك ان تحل حسب صيغة الاعتراف العراقي بسيادة الكويت مقابل دعم الكويت للمطالبة العربية بازالة العقوبات عن العراق، لولا ان العراق تحفظ عن الصيغة التي قبلتها الكويت.

ان تهميش الموضوع العراقي في القمة العربية الحالية يشير الى ان الدول العربية قررت تفهم المصالح الامريكية، وارجاء النقاش في امكانيات حل "الحالة بين العراق والكويت" الذي من شأنه ان يزيل العقوبات ويفرغ من مضمونه التهديدات الامريكية بضرب العراق.

لماذا انقلب الموقف العربي وما الذي تغير في عام؟ الجواب في 11 ايلول. القمة الحالية تأتي في وضع تشعر فيه الدول العربية، وبالذات السعودية، بانها تورطت مع الامريكيين بعد ان تبين ان معظم منفذي الهجوم على نيويورك وواشنطن هم سعوديون. المبادرة السعودية تصب في نفس الجهود لارضاء امريكا، وعليه تقرر ان تتحول الى موضوع القمة، وبالمقابل يتم ارضاء الامريكان في المسألة العراقية.

العراق الذي يفهم حرج موقف الدول العربية التي تحاول انقاذ نفسها في هذه القمة، لا يريد هو ايضا تفجير الامور. هذا ما يفسر الزيارات المتعددة التي قام بها نائب الرئيس العراقي، عزت ابراهيم الدوري، لمختلف الدول العربية في محاولة للتقرب من الدول العربية وايضا لقطع الطريق على اي هجوم على بلاده. ولكن حل قضية العقوبات لا يجده العراق في الدول العربية، بل في حواره مع الامم المتحدة التي تبدي مرونة معينة، مقارنة بامريكا، ازاء المطالب والشروط العراقية بشأن اعادة المفتشين الدوليين تمهيدا لانهاء الحصار.



بديل صدام



من البداية كان واضحا ان امريكا لا تنوي في هذه المرحلة ضرب العراق، وذلك لاربعة اسباب رئيسية. الاول ذكرناه وهو متعلق بصعوبة تجنيد الدول العربية لضرب العراق في عز الانتفاضة الفلسطينية وذلك تحسبا لموقف الرأي العام الناقم على امريكا واسرائيل. السبب الثاني هو ان الحرب في افغانستان كما تبين لم تنته بعد، ولمواصلة هذه الحرب لا بد من الحفاظ على "الائتلاف العالمي ضد الارهاب".

السبب الثالث متعلق بالحرب الامريكية ضد الاسلام السياسي. فبعد احداث ايلول اتضح ان مصدر الخطر على المنطقة وعلى امريكا ليس العراق، بل السعودية نفسها، الحليف الاهم لامريكا. من هنا تجد امريكا نفسها في ورطة اذ انها تحتاج لدعم السعودية التي تعتبرها في وسائل اعلامها "مصدر الارهاب"، لضرب العراق.

والسبب الرابع متعلق بغياب اي بديل لصدام حسين. وقد حذّرت الانظمة العربية امريكا من اسقاط نظامه، خشية ان يجر ذلك عدم استقرار في المنطقة ويقود لانقلابات في دول اخرى. وفي هذا اشارة الى شعور الانظمة بضعفها، فهي تدرك ان صدام ليس نظاما دخيلا مثل طالبان يمكن هزمه في ايام معدودات، بل هو نظام عربي لا يختلف عنها كثيرا، واذا سقط فليس هناك ما يمنع سقوط انظمة اخرى في الطريق.

افتتاحية صحيفة "واشنطن بوست" (25/3) اكدت الامر، مشيرة الى "ان القسم الاصعب في بناء الائتلاف للتغيير في العراق هو طرح رؤية مقبولة حول النظام الذي سيخلف نظام صدام حسين. بعد المؤتمرات الصحافية ووراء الابواب المغلقة فان هذا الموضوع يعتبر الاكثر اثارة لقلق جيران العراق. الادارة الامريكية بطيئة في تقديم الاجوبة على هذا الامر، وذلك لان الاجوبة غير سهلة، فليست هناك بدائل متوفرة وذات مصداقية".

الصبار 151 نيسان 2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم خاركيف.. الجيش الروسي يسيطر على 6 بلدات ويأسر 34 عسكريا


.. حضور للعلم الفلسطيني والكوفية في حفل تخرج جامعة أمريكية




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار الغارات الإسرائيلية على مناطق وسط قط


.. كتائب القسام تقصف قوات إسرائيلية بقذائف الهاون بمعارك حي الز




.. انفجار ودمار في منطقة الزيتون بمدينة غزة عقب استهداف مبان سك