الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


°°°الشذوذ الجنسي.. أسبابه وهل له علاج؟

حميد طولست

2007 / 12 / 26
حقوق مثليي الجنس


لم أستطيع أن أصف دهشتي وارتباكي حين همس أحد الزملاء في أذني أنه سمح للشواذ أن يتزاوجوا بينهم، وأن يجهروا ويشهروا بزواجهم ويقيموا لذلك الإحتفالات والأعراس. وقد استدعى ذلك مني فترة من الزمن كي أستوعب وأهضم ما همس لي به ذاك الزميل وتصدق أذني ما سمعت من أخبار الشواذ والتي سبق أن أثارت استنكارا شعبيا وغضبا جماهيريا حينما طارت بها بعض وسائل الإعلام المغربية، مااضطر معه السيد شكيب بنموسى، وزير الداخلية، أن يفنذ تلك الاخبار وتكذيبها ويعلن أن الأبحاث الأولية التي تم إجراؤها في علاقة مع الحادث المسجل مؤخرا بمدينة القصر الكبير، تبين ارتباط الحفل موضوع الحادث بطقوس الشعوذة، مؤكدا أنه لم يثبت لحد الآن واقعة عقد قران بين شواذ.
فقد كنت أظن أن الحديث عن الشذوذ الجنسي أمر غير مألوف، وغير مستحسن، وربما غير لائق أبدا في بيئتنا الاجتماعية المغربية، رغم أنه وللأسف حالة قائمة عانى منها مجتمعنا منذ القدم ولازال بعاني كباقي المجتمعات، إذ لم تقتصر الممارسات الجنسية الشاذة على الازمان السحيقة البعيدة. بل سارت مع الزمن حتى عصرنا الحاضر. وقد مارسه قديما بعض أكابر القوم وبعض صعاليكهم. فأمير المؤمنين الخليفة الأمين بن الخليفة هارون الرشيد، ابتاع الخصيان وغالى بهم، وصيّرهم لخلوته، ورفض النساء والجواري، وهام حبا ولوعة بغلام يدعى كوثر، وأنشد فيه شعرا غزليا. وأمير المؤمنين الخليفة الواثق بالله بن الخليفة المعتصم وحفيد الخليفة هارون الرشيد، هام شوقا وغراما بغلامه المدعو مُهج. وقال فيه شعرا رقيقا عذبا أيضا. وأمير المؤمنين الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك، اشتهر بتلوطه حتى قيل أنه حاول أن يلوط أخاه، إذ راوده على نفسه (أنظر تاريخ الخلفاء للسيوطي).. إن أول ذكر لأحد أنواع الشذوذ الجنسي (اللواط) ورد في أول الكتب الدينية السماوية المخطوطة والمعروفة في الشرق العربي، وهو سفر التكوين اليهودي، السفر الأول من أسفار التوراة الخمسة، وأسفار اليهود المقدسة، التسعة والثلاثين، أو ما يسمى بالعهد القديم. إذ يحدثنا هذا السفر (التكوين) عن لوط، وقوم لوط الذين عاقبهم الله ودمّر مدينتهم وأبادهم بسبب أفعالهم الجنسية الشاذة. ولهذا فقد يكون أصل كلمة (اللواط) مبنى ومعنى، عبري لا عربي. لأنها مشتقة من اسم لوط العبراني.
فالتعامي عن الشذوذ و السكوت عنه، أكثر خطرا من وضعه جهارا للبحث في أسبابه، ومحاولة علاجه. حتى أصبحت أخبار الممارسات والاعتداءات الجنسية الشاذة تظهر للعلن منذ القفزة النوعبة الهائلة في وسائل الاعلام. فلا يكاد يمر يوم إلا ونقرأ فيه عن حوادث اغتصاب بالتحايل والتخدير مرة بالعنف والقوة مرات، مخلفا وراءه قتلى ضحايا مشوهة النفوس والاجساد. لكن الممارسات الشاذة التي لا نسمع بها ولا نقرأ عنها، ويتم التستر عليها، تبقى أكثر عددا وأفدح ضررا. وإذا وصلت الممارسات الشاذة بين الذكور عندنا حد عقد القران حسب بعض وسائل الاعلام، فإننا لا نسمع ولا نقرأ شيئا عن الممارسات الشاذة التي تحصل بين الإناث والتي قد يكون من أسبابها في مجتمعاتنا ، العنوسة والكبت و الحالات النفسية والتركيبة البيولوجية عتد البعض والاوضاع الاجتماعية المانعة للزواج . لكن هذه الحالات والممارسات لا يمكن ضبطها ووضع اليد عليها، بسبب السرية التامة التي تحيط بها. وبسبب قساوة العادات والتقاليد. وبسبب الخصوصية التي تتمتع بها الإناث في مجتمعنا. وإذا كانت هناك قوانين وعقوبات تستخدم ضد الذكور الذين يمارسون فيما بينهم الفعل الشاذ، فإنه لا توجد مثل هذه العقوبات الرادعة والنصوص القانونية ضد الممارسات الشاذة التي تتم بين الإناث، وتترك آثارا سلبية لا تقل فداحة وخطورة عن الآثار السلبية الناجمة عن العلاقات بين الذكور. فالمشرع لم يأخذ مثل هذه الحالات بالحسبان. أو لعله أهمل ذلك عمدا، من باب الحياء، أو من باب المكابرة، أو من باب الحرص على سمعة المجتمع ونسائه، أو ربما لإدراكه أنه يستحيل ضبط مثل هذه الحالات في مجتمعنا. لقد أدانت وحرمت كل الديانات السماوية، مثل هذه العلاقات والممارسات الشاذة بين البشر. كما رفضتها جميع الأعراف والقيم الاجتماعية والأخلاقية، شرقية كانت هذه القيم والأعراف أم غربية. والذين يتعاطون مثل هذه الأفعال، أناس منبوذون مذمومون في مجتمعاتهم، مرفوضون من طرف الأكثرية الساحقة من الناس. فما هي أسباب هذا الشذوذ الجنسي الذي أثار ضجة في البلاد، وكاد أن يقسم العباد؟ هل هي أسباب عضوية خلقية، بدليل رواج عمليات تحويل جنس الكثيرين من ذكر إلى أنثى، ومن أنثى إلى ذكر بعمليات جراحية بسيطة؟ تلبي حاجة نفسية لبعض هؤلاء، أوتصحح دوافعهم وسلوكاتهم الشاذة. أو هو مرض نفسي إذن؟ أم بسبب الكبت ؟ أم لعله التفكك الأسري، وسوء التربية؟ اللذان يسببان تخلخلا في الشخصية، أم أنه كل هذه الأسباب مجتمعة؟..أما العلاج فمتروك لجهات متعددة بحسب تعدد الاسباب..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي